أشعلت التطورات المتسارعة في الخليج قلقاً واسع النطاق مع الاحتجاز المتبادل لناقلات النفط والتصعيد الحاصل بين إيران من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أُخرى، ما دعا وكالة الطاقة الدولية إلى إعلان استعدادها للتحرّك لضمان إمدادات النفط.
الوكالة التي تتخذ باريس مقراً، اعتبرت أن حق المرور الحر لإمدادات الطاقة عبر مضيق هرمز هو أمر محوري للاقتصاد العالمي ويجب المحافظة عليه، وذلك بعدما كان الحرس الثوري الإيراني احتجز ناقلة النفط "ستينا إمبيرو" التي ترفع العلم البريطاني في مضيق هرمز يوم الجمعة، فيما يبدو أنه رد على احتجاز بريطانيا لناقلة إيرانية قبل أسبوعين.
وارتفعت أسعار النفط اليوم بفعل المخاوف من أن احتجاز إيران للناقلة قد يفضي إلى تعطيلات في الإمدادات القادمة من منطقة الخليج الغنية بالطاقة، علماً أن مضيق هرمز ممر نقل بحري حيوي لتجارة الطاقة العالمية، حيث أوضحت الوكالة أن نحو 20 مليون برميل من النفط تُنقل يومياً من خلاله، بما يعادل نحو 20% من المعروض العالمي.
وأضافت في بيان "للمستهلكين أن يطمأنوا بأن سوق النفط تتلقى إمدادات جيدة حالياً، حيث زاد إنتاج النفط على الطلب في النصف الأول من 2019، مما دفع المخزونات العالمية للارتفاع 900 ألف برميل يومياً".
تبلغ احتياطيات النفط المخصصة لحالات الطوارئ في دول وكالة الطاقة الدولية 1.55 مليار برميل. وتقول الوكالة إن هناك أيضاً 650 مليون برميل في حوزة القطاع الخاص ويحق للحكومات السحب منها إذا اقتضت الضرورة. وأضافت أن المخزونات تكفي لتغطية أي تعطيلات للمعروض قد يشهدها المضيق لفترة ممتدة، لكنها لم تحدد أمد تلك الفترة.
واشنطن: قدرة إيران على التأثير محدودة
قال وزير الطاقة الأميركي، ريك بيري، اليوم الإثنين، إن ارتفاع إمدادات النفط والغاز الجديدة قلص قدرة إيران على التأثير في سوق النفط العالمية، مضيفاً خلال مؤتمر صحافي في القدس، في إشارة إلى ارتفاع الأسعار عقب احتجاز السفينة: "يساورني القلق بهذا الشأن"، متابعاً: "لكننا نجد أنفسنا في موقف مختلف تماماً عما كنا عليه قبل عقد"، وفقاً لرويترز.
وأضاف "الإمدادات الجديدة ستساعد في استقرار إمدادات الوقود، سواء من الخام أو الغاز الطبيعي أو المنتجات الثانوية. أعتقد أننا سنرى تحركاً أقل في السوق حين يكون هناك حدث مماثل لما يحدث حالياً"، مضيفاً: "الإيرانيون يجدون صعوبة في التأثير على السوق مقارنة بما كانوا سيلاقونه قبل 10 سنوات".
عقوبات ضد شركة حكومية صينية
بدوره، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، اليوم الإثنين، أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على شركة حكومية صينية لانتهاكها العقوبات الأميركية المفروضة على النفط الإيراني.
وقال بومبيو في تصريح في فلوريدا نقلته فرانس برس، إنه "في إطار حملتنا للضغوط القصوى" على الجمهورية الإسلامية فإنّ "الولايات المتحدة تفرض عقوبات على شركة تشوهاي تشنرونغ ومديرها العام يومين لي بسبب انتهاكهما القانون الأميركي بقبولهما نفطاً خاماً" إيرانياً.
وتشوهاي تشنرونغ هي الشركة العامة الصينية الرئيسية التي تستورد النفط الإيراني منذ عام 1995. وقال بومبيو "لقد قلنا دائماً إنّ العقوبات ستطبّق، ولا يمكننا التسامح مع الأموال التي تذهب إلى الملالي، ممّا يعرّض حياة الجنود الأميركيين للخطر". ويأتي الإعلان عن هذه العقوبات في خضم توتر لا ينفك يتصاعد منذ أسابيع بين واشنطن وطهران.
تغيّر معنويات السوق
وقد تغيرت المعنويات في سوق النفط بشكل كبير في الأيام الأخيرة، إذ تعتري نظرة المراهنة على انخفاض الأسعار كلاً من صناديق التحوط والمنتجين والتجار على خلفية ما يرونه ضعفاً في الطلب العالمي.
وتكافح سوق النفط للحفاظ على صعودها بالرغم من القيود على الإنتاج التي كانت ستعتبر بشكل عام داعياً للمراهنة على ارتفاع السعر. وتقتطع عقوبات أميركية على فنزويلا وإيران من السوق أكثر من 1.5 مليون برميل يومياً، ومددت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) اتفاق خفض الإنتاج إلى 2020، في حين تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
وحتى الآن، تكافح العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت للإبقاء على صعودها فوق 65 دولاراً للبرميل، وهوت الأسبوع الماضي نحو سبعة بالمئة، بينما العقود الأميركية الآجلة لم تكد تتجاوز حاجز الستين دولاراً للبرميل.
وتوقفت صناديق تحوط ومستثمرون عن رهانات الصعود بعد إدراك أن الطلب قد يكون أضعف من المتوقع في ظل زيادة الإنتاج الأميركي. وفي الوقت نفسه، قال تجار نفط وسماسرة إن المنتجين هرعوا إلى التعاقد على أسعار محددة في المستقبل، رهاناً منهم على أن هذه قد تكون أفضل فرصة لهم للاحتماء من تراجع السعر.
ولم تشهد العقود الآجلة لأقرب استحقاق عمليات بيع كبيرة، لكن بالنظر إلى العقود الأبعد أجلاً، فإن الضعف الكامن يتبدى. وتراجعت علاوة خام برنت في عقود أقرب أجل استحقاق مقارنة بالنفط الذي من المقرر تسليمه في غضون نصف عام عن أعلى مستوى في 6 سنوات الذي بلغته في مايو/أيار عند 4 دولارات للبرميل إلى أقل من 1.50 دولار الأسبوع الماضي.