وقفة مع محمود شقير

07 أكتوبر 2018
(محمود شقير)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي، في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه.


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
أنا مشغول هذه الأيام في إعداد كتاب عن أحد روّاد النضال الوطني التقدمي الفلسطيني المرحوم فائق ورّاد؛ في مناسبة مرور عشر سنوات على رحيله. الكتاب يتضمّن الكلمات التي ألقيت في حفل تأبينه الأول في رام الله، وحفل تأبينه الثاني في عمّان، بالإضافة إلى شهادات كتبها بعض الكتاب والمثقفين والسياسيين الذين عرفوا ورّاد عن قرب. تكمن قيمة هذا الكتاب في تعريف الأجيال الجديدة بنمط من المناضلين الذين كانوا يضعون حب الوطن والتضحية في سبيله فوق كل اعتبار.

■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك المقبل؟
آخر عمل هو رواية للفتيان بعنوان "حمام السطح"، صدرت عن مكتبة كل شيء في حيفا قبل خمسة أشهر. تتولد الأحداث فيها من حادثة صغيرة ثم يتوسع السرد ليشمل ظواهر عدة في المجتمع، تلفت انتباه أبطال الرواية وهم خليط من الفتيان والشباب والشابات والرجال والنساء، لتنتهي برسائل غير مباشرة لها علاقة بحياة النشء الجديد عبر المغامرة والكوميديا التي لا بدّ منها لإمتاع القراء.

العمل المقبل هو رواية بعنوان "ظل آخر للعائلة" ستصدر عن "دار نوفل" في بيروت، وهي الجزء الثالث المتمّم للروايتين السابقتين: "فرس العائلة"، و"مديح لنساء العائلة". وفي الروايات الثلاث عرض لمسيرة عائلة فلسطينية؛ هي في نظرة دالة موسعة مسيرة الشعب الفلسطيني في العصر الحديث، وما فيها من مصاعب ومآسٍ، ومن تطورات وتضحيات. وثمة كتاب سيرة أدبية بعنوان "أنا والكتابة.. من ألف باء اللغة إلى بحر الكلمات"، سيصدر قريبًا عن دار لوسيل في الدوحة، وهو عن تجربتي في الكتابة خلال ما يقرب من ستين سنة.


■ هل أنت راضٍ عن إنتاجك ولماذا؟
أكون راضيًا بعد الانتهاء من مراجعة النص الأدبي مرات عدة، وبعد عرضه على عدد من الصديقات والأصدقاء؛ وتعديله في ضوء ملاحظاتهم، وأكون راضيًا بعد نشر النص مباشرة، ثم ومع الزمن يتسلل عدم الرضا إلى نفسي وأصبح متذمرًا بعض الشيء، وهذا يحفزني على كتابة نص جديد فيه محاولة لتجاوز ما أنجزته من قبل. لماذا؟ تلك هي طبيعة الكاتب لا يعجبه العجب. ولو رضيت من دون تذمر أو قلق لانتهيت إلى اجترار ما كتبته من قبل.


■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
أختار الكتابة؛ لأنها كما قلت ذات مرة: الرئة التي أتنفس منها. وقد أتاح لي الحاسوب فرصًا للانهماك اليومي في الكتابة؛ إذ حينما لا أنشغل في كتابة نص إبداعي للكبار، فإنني أنشغل في كتابة قصة أو رواية للأطفال؛ وحين تتأبى عليّ الكتابة الإبداعية لهذا السبب أو ذاك فإنني أنشغل في كتابة اليوميات، أو في تدوين ملاحظات عما حولي من ظواهر سياسية واجتماعية قد أستثمرها في كتابات لاحقة. وحين لا أتمكن من كتابة قصة قصيرة فإنني أكتب قصة قصيرة جدًّا؛ وهكذا في نشاط دؤوب وباستمرار.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
أرغب في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لبلادي؛ فلسطين، وفي العودة وتقرير المصير، والحفاظ على كرامة الإنسان. وأرغب في انتهاء الحروب من على هذا الكوكب، ولا أطمع في المزيد.


■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
أودّ لقاء الشاعر طرفة بن العبد لأعرف من أين جاءته هذه الحكمة وهو في عز الشباب، ولأعرف كيف لم ترشده حكمته إلى تجنب المصير الذي انتهى إليه؛ وهو يحمل رسالة فيها أمر بقتله؛ فيما انتبه خاله المتلمّس الذي كان يحمل رسالة مشابهة، فأسعفته نباهته من قتل محقق، بينما افتقر طرفة إلى النباهة نفسها، فمضى مختارًا إلى نهايته.


■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
يخطر على البال الصديق الوفي؛ كاتب القصة الأردني المتميز، المحامي المرحوم عدي مدانات؛ الذي كنت مواظبًا على قراءة مخطوطاته الأدبية لإبداء الرأي فيها قبل نشرها، والذي كان يمحضني النصيحة الصادقة كلما قرأ نصًا أدبيًّا لي. أعود دائمًا إلى ديوان المتنبي؛ للتمعن في جمال لغته وفي عمق نظراته في الحياة والمصير وفي الأنفس البشرية، سواء بسواء.


■ ماذا تقرأ الآن؟
أقرأ العدد 116 من مجلة الدراسات الفلسطينية الذي صدر قبل أيام، وفيه ملف مهم عن العودة المتخيلة إلى فلسطين، فيه كذلك ملف لا يقل أهمية عن المحامية التقدمية فيليتسيا لانغر التي كانت تدافع عن المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وماتت في شهر يونيو/ حزيران الماضي في ألمانيا.

وأقرأ كتاب "نكبة وبقاء.. حكاية فلسطينيين ظلوا في حيفا والجليل" للمؤرخ الفلسطيني عادل منّاع؛ وفيه عرض لتفاصيل دقيقة غابت عن بال كثيرين من المؤرخين لدى التطرق للنكبة الفلسطينية في عام 1948؛ فيه كذلك شهادات شخصية تعزز قيمة الوثائق وتضيف إليها ما هو جدير بالإضافة.


■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
اعتدت أن أفتح المذياع حالما أستيقظ في الصباح لكي أسمع الأخبار؛ أخبار السياسة وما تشتمل عليه من نكد تستأثر باهتمامي منذ سنوات؛ غير أنني منذ أشهر صرت أبدأ صباحي بفتح المذياع على محطة للموسيقى الكلاسيكية، أحب موسيقى بيتهوفن؛ السمفونية التاسعة تحديدًا. وفي العادة تبهجني أية أغنية لفيروز. وفي السيارة؛ أستخدم بين الحين والآخر الأقراص المدمجة، لأستمع إلى موزارت ورمسكي كورساكوف وآخرين.


بطاقة
قاص وروائي فلسطيني ولد في جبل المكبر بالقدس عام 1941، صدرت أولى مجموعاته القصصية "خبز الآخرين" عام 1975، ومن أعماله التي زادت على الأربعين: "طقوس للمرأة الشقية" (قصص قصيرة جداً، 1986)، و"ظل آخر للمدينة" (سيرة، 1998)، و"صورة شاكيرا" (قصص، 2003) و"مدن فاتنة وهواء طائش" (رحلات، 2005)، و"فرس العائلة" (رواية، 2013)، و"مديح لنساء العائلة" (رواية، 2016)، وأعمال عديدة للأطفال والفتيان.

المساهمون