وقائع الزلزال التربوي

03 ديسمبر 2015
السوريون الأكثر تأثراً (الأناضول)
+ الخط -
يقدر تقرير أخير أصدره صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) عدد الأطفال في سن الدراسة في منطقة الشرق الأوسط بحوالي 34 مليون طفل. منطقة الشرق الأوسط كتعبير جغرافي تشمل كما هو معلوم، ثلاث دول غير عربية هي تركيا وإيران وإسرائيل، إضافة إلى الدول العربية الآسيوية، وضمنها مصر بطبيعة الحال. أي أن منطقة شمال أفريقيا لا تدخل ضمنها.

من أصل هذا العدد الإجمالي هناك ما لا يقل عن 13.4 مليون نسمة هم خارج المدارس. بالطبع من هم خارج المدارس ليسوا الأطفال الأتراك ولا الإيرانيين ولا الإسرائيليين. أي أن هؤلاء الأطفال هم من العرب "الخُلّص" تقريبا ، أو ممن هم على شاكلة الأطفال العرب، ويعتبرون ضمن سكان منطقة الشرق الأوسط.

يشير التقرير تبعاً لهذه النسبة الى أن هناك حوالي 40% من الأطفال ممن هم في سن التعليم، خارج المدارس. والعدد مرشح للارتفاع وليس للهبوط. وقد يصل قريباً تبعاً لتقديرات اليونيسيف، أي في غضون أشهر فقط، إلى حوالي 50 % من العدد الإجمالي للأطفال، أي إلى 17 مليونا.

في التقرير المشار إليه تتوزع نسبة الـ40 % المذكورة رقمياً على الدول المنكوبة، التي تتجاوز التعبير الجغرافي، تبعاً للترتيب التالي:
- 2.4 سوريون.
- 3.0 عراقيون.
- 2.9 يمنيون.
- 3.1 سودانيون.
- 2.0 ليبيون.

بالعودة إلى التقارير التي أصدرتها "مؤسسة الفكر العربي" وبعض المنظمات الدولية قبل عقد من السنوات، كانت أعداد المحرومين من المدارس تستقر نسبيا على حوالي 5 ملايين طفل. أي أنه في غضون نصف عقد من السنوات ارتفع العدد أكثر من 8 ملايين طفل، وهو رقم مرشح للتصاعد. كان رقم الخمسة ملايين السابق بمثابة فضيحة للسلطات العربية التي تعجز عن توفير المعلمين والمدارس والمقاعد والكتب والدفاتر للطلاب، بينما تنفق المليارات على عقود الأسلحة مع ما يتبعها من سمسرات وعمولات وعلى البذخ والبطر الذي تمارسه فئات وشرائح مقربة من السلطة، إن لم نقل أنها هي السلطة نفسها.

الآن تفيد المعلومات تبعاً للأرقام المتداولة والتي قد لا تكون دقيقة أن هناك 9000 مدرسة مدمرة، أو هي خرجت عن وظيفتها التعليمية، وباتت مراكز إيواء مهجرين أو تجمع وقواعد للمسلحين. ولا يستطيع أحد أن يقدم رقماً عددياً للمعلمين الذين سقطوا قتلى ولا اللاجئين والمهجرين والجرحى منهم. والحصيلة أن العالم يشهد أعتى موجة هجرة ونزوح بشري منذ الحرب الثانية. لكن الفارق الذي يجب لحظه أن تلك الموجة كانت أوسع مدى جغرافي، بينما يتركز الحراك السكاني الحالي في المنطقة العربية أو الشرق الأوسط منه، مع دولتين في مثل حاله، هما السودان وليبيا.

* أستاذ في كلية التربية – الجامعة اللبنانية

إقرأ أيضاً: المدخل إلى الكارثة
المساهمون