وفد "الإخوان" في الكونغرس اليوم ويتجاوز تحريض القاهرة

11 يونيو 2015
وجّهت إدارة أوباما انتقادات قوية لنظام السيسي(الأناضول)
+ الخط -
عقب تسرب مضمون تقرير قدّمته إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قبل أيام للكونغرس، يتضمن انتقاداً شديد اللهجة لنظام الرئيس، عبد الفتاح السيسي، بسبب استمرار التعدي على حقوق الإنسان في مصر، ارتفعت حدة الأصوات الموالية في أميركا للسيسي والمعادية في الوقت عينه لجماعة "الإخوان المسلمين". لكن الحملة الكبيرة لم تؤدِّ إلى نتائج كبيرة، بما أن الوفد المؤلف من وزير التعاون الدولي الأسبق في حكومة هشام قنديل، عمرو دراج، ووائل هدارة، مستشار الرئيس المعزول محمد مرسي، ومها عزام، يلتقي اليوم الخميس، بلجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي، بحسب ما كشفه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة المصري، محمد سودان، وعزام نفسها لـ "العربي الجديد". وتشدد عزام على أنه "لم يكن مبرمجاً أصلاً عقد لقاءات مع الإدارة الاميركية"، تعليقاً على إعلان وزارة الخارجية الأميركية قرار عدم الاجتماع بالوفد المذكور. 

ويعرب دبلوماسي عربي في واشنطن لـ "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن الحملة المعادية للقاء بالوفد المصري يحرّكها نظام السيسي من القاهرة، وهو ما ترجم أساساً بتصريحات وزير الخارجية المصرية، سامح شكري.

وكانت شرارة الحملة قد أطلقها الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إيريك تراجر​، وهو ذاته الذي أدلى بشهادة لصالح السيسي في الكونغرس الأميركي، أثناء جلسة استماع بشأن عواقب صدور أحكام بالإعدام على الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، وآخرين من قيادات "الإخوان" في مصر.

واختار الباحث يوم 5 يونيو/حزيران لينشر مقالاً تحذيرياً عن زيارة وفد يضمّ  عمرو دراج، ووائل هدارة مستشار الرئيس المعزول محمد مرسي، المقيم في كندا، بالإضافة إلى شخصية ثالثة من حلفاء "الإخوان" ويقصد بها مها عزام، التي لا تنتمي إلى "الإخوان المسلمين"، ولكنّها ترأس "المجلس الثوري المصري"، الذي يلتقي مع "الإخوان" في معارضة انقلاب السيسي على الديمقراطية.

اقرأ أيضاً: وفد يضم قيادات إخوانية يطالب أميركا بوقف دعمها للسيسي

ورداً على طلب عدم اللقاء بقيادات "الإخوان"، سارعت إدارة أوباما إلى التعليق، موضحة، أن "أي لقاء من هذا النوع، لن يتم خلال الأيام المقبلة. ليس لأنّ تغييراً قد طرأ على السياسة الأميركية تجاه جماعة "الإخوان"، لكن بكل بساطة، لأنّ جدول أعمال الخارجية الأميركية والبيت الأبيض لا يتضمن لقاءات من هذا القبيل". وأوضح ناطق باسم الخارجية الأميركية أن "لقاء مع وفد من "الإخوان"، قد جرى خلال زيارة الوفد إلى واشنطن في يناير/كانون الثاني الماضي"، مؤكداً أنّ "سياسة الولايات المتحدة لا تزال تولي الاهتمام بالتواصل مع كافة الأطراف السياسية على الساحة المصرية". 

في هذه الأثناء، كشفت صحيفة "واشنطن تايمز" الأميركية، أنّ الحملة الإعلامية التي تصدّرتها مثيلاتها من الصحف اليمينية، انطلقت بعد توجيه إدارة أوباما انتقادات قوية لنظام السيسي في تقرير أفرد تفاصيل لوقائع مؤلمة وأمثلة حية، لما اقترفه نظام السيسي في الآونة الأخيرة من أعمال قمع، وما أصدره من أحكام غير إنسانية بحق قيادات جماعة "الإخوان".

ومن الواضح، أن الحملة الإعلامية على "الإخوان" في واشنطن، ما هي إلّا مجرد صدى للحملة الأشد ضراوة ضد الجماعة في مصر، كرد فعل على التقرير المقدم للكونغرس، وكأنّ "الإخوان" هم المسؤولون عنه وليس البيت الأبيض الأميركي، ولم تكن رداً على مشاركة "الإخوان" أو المجلس الثوري المصري، في المؤتمر السنوي السادس عشر لمركز الدراسات الإسلامية والديمقراطية. وبحسب بيان المجلس الثوري المصري، فإنّ المؤتمر ركّز على مستقبل الديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشارك فيه عدد من كبار المسؤولين ورواد السياسة من الولايات المتحدة وأوروبا والعالم العربي والإسلامي. وطالبت مها عزام في كلمتها، "ضرورة محاكمة السيسي ونظامه على جرائمه ضد الإنسانية، وإقامة دولة مدنية في مصر على أسس ديمقراطية". كما طالبت إدارة أوباما بـ "التوقف عن تأييد السيسي"، مشيرة إلى أنّ سياساته أدّت إلى انتشار الإرهاب في المنطقة.

اقرأ أيضاً: السيسي طرح تكرار التجربة الأردنية مع "الإخوان"

وعلمت "العربي الجديد" أن الزيارة التي يتحدث عنها الكاتب، كانت بدأت في منتصف مايو/أيار الماضي، بغرض حضور فاعلية نظّمها "مركز دراسة الإسلام والديمقراطية" الذي يرأسه الناشط التونسي الأميركي رضوان المصمودي، والذي يحظى باحترام البيت الأبيض والخارجية الأميركية. وكان قد سبق له أن استضاف وفداً مماثلاً في يناير/كانون الثاني، ولكن ردود الفعل على الزيارة لم تظهر، إلّا عقب تسلم الكونغرس تقرير أوباما الذي أغضب السيسي.
ولم تقتصر الحملة الإعلامية في واشنطن على محاولة تشويه قيادات "الإخوان"، بل امتدت إلى أوباما نفسه، إذ كادت الصحف والمواقع المؤيدة لإسرائيل والسيسي معاً، تتّهمه بأنه عضو في جماعة "الإخوان". وينظم الحملة، على ما يبدو، جماعات ضغط ومكاتب علاقات عامة تحصل على أموال من النظام القائم في مصر، فضلاً عن مشاركين آخرين، عن قناعة، ممن يدينون بالولاء لإسرائيل.

يقلّل دبلوماسي عربي في واشنطن من شأن الحملة الراهنة على "الإخوان"، قائلاً لـ "العربي الجديد، "إنها مفتعلة ولا أثر سياسي لها". ويضيف الدبلوماسي (طلب عدم ذكر اسمه)، أنّ "تطورات المنطقة العربية عكست نفسها على جماعات الضغط في واشنطن"، كاشفاً أنّ دولاً مثل المملكة العربية السعودية والإمارات وغيرهما، لم يعد يهمهما الانخراط في حملات أصبح السيسي يقف خلفها وحيداً من دون معين". ويشير الدبلوماسي إلى أن "عدداً من الكتاب الأميركيين المرتبطين بمكاتب علاقات عامة متعاقدة مع نظام السيسي، هم من يقودون حملة تشويه "الإخوان" والدفاع عن السيسي في واشنطن".

وكانت "العربي الجديد" قد نشرت تحقيقاً استقصائياً منتصف الشهر الماضي، أبرزت فيه الأدلة على ارتباط بعض المكاتب المشار إليها، بنظام السيسي وتلقيها دعماً مالياً منه.

وفي حين لم يثبت بالدليل القاطع أنّ الباحث تراجر مرتبط بنظام السيسي، لكنّه قال لأعضاء مجلس النواب الأميركي في جلسة الاستماع بخصوص الحكم على مرسي، "إن نظام الرئيس الانقلابي عبد الفتاح السيسي أفضل لخدمة المصالح الأميركية من نظام الرئيس المنتخب محمد مرسي". ونصح الخبير في شؤون المنطقة العربية صناع القرار، بـ "تفادي انتقاد السيسي على الأحكام ضد قيادات "الإخوان المسلمين"، لأن ذلك قد يخلق توتراً سياسياً غير مرغوب فيه، أو يشكل خطورة على المصالح الأميركية".

اقرأ أيضاً قيادي إخواني: وفد "الثوري" لم يطلب لقاء مسؤولين أميركيين

وفي مقاله الأخير، قدّم الكاتب نصيحة للإدارة الأميركية بعدم السماح لمسؤوليها باللقاء مع وفد "الإخوان" قائلاً: "إن التعاطي مع مسؤولي "الإخوان"، سيقوّض جهود الإدارة الأميركية الرامية إلى تعزيز العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر، والتي شملت في الأشهر الأخيرة استئناف المساعدات العسكرية للقاهرة، ودعم مؤتمر استثماري كبير في شرم الشيخ. وفي النهاية، غالباً ما يدعو "الإخوان" إلى إعدام السيسي في مظاهراتهم، كما أن "الجماعة" اعتمدت العنف علناً في الأشهر الأخيرة".

وكانت مساع سابقة قد بدأت منذ ما قبل سبتمبر/أيلول الماضي، لإدراج جماعة "الإخوان المسلمين" في قائمة الإرهاب الأميركية، بتحرك قادته النائب ميشيل باكمان، لإصدار قانون يفرض عقوبات على جميع الكيانات والأفراد المرتبطين بجماعة "الإخوان المسلمين".

ويبدو أن أصحاب الحملة لم ينجحوا في تبني القانون الذي أرادوه، لكنهم استفادوا من التغطية الإعلامية المصاحبة لطرح الفكرة. كما لم تفلح عريضة شعبية وقّعها 100 ألف أميركي لحظر جماعة "الإخوان المسلمين" في تغيير السياسة الرسمية القائمة على احترام التنوع والتعايش السلمي. وكان مشروع القانون المقترح يفرض عقوبات ضد الأشخاص الذين يقدمون، عن علم، دعماً مادياً، أو موارد لجماعة "الإخوان المسلمين"، أو التابعين لها، أو المرتبطين بها، أو وكلائها، أو لأهداف أخرى. ولكن مثل هذا الطرح، على ما يبدو، لم يكن إلا من قبيل المكايدة السياسية، وقد ساهم في إحباطه تطورات المنطقة العربية وتحسن العلاقات بين الحكومة السعودية وجماعة "الإخوان" مجدداً.

اقرأ أيضاً: السيسي واليمين الأميركي