وفاة مريبة لشاب تونسي في مقر أمني تثير الاستنكار

16 فبراير 2019
صورة لأيوب بن فرج تداولتها مواقع إلكترونية (عن الإنترنت)
+ الخط -
أثارت حادثة وفاة مواطن تونسي في مركز للأمن الوطني في الحمامات، شمال شرقي البلاد، حالة من الاستهجان، وسط مخاوف من احتمال تعذيبه. وسُجّلت في المنطقة احتجاجات ومواجهات بين السكان ورجال الأمن، مساء هذا السبت، ولم تهدأ إلا بعد تدخّل حاكم التحقيق لمعاينة ظروف الوفاة المريبة، وطمأنة محامي عائلة الضحية المواطنين بأنّ تحقيقاً جدياً سوف يُفتح.

وتفيد المعطيات المتوفّرة بأنّ الشاب أيوب بن فرج، وهو تونسي مقيم في جمهورية التشيك، اشتبك مع صديقَين مساء أمس الجمعة، فأصيب على الأثر بحالة هلع وكذلك هيجان، فتدخّلت دورية أمنية تابعة لحرس المرور من أجل السيطرة عليه. كبّله رجال الأمان بالأصفاد، غير أنّه فارق الحياة بمجرّد دخوله إلى المقرّ الأمني في براكة الساحل بالحمامات الشمالية. وقد أفاد شهود بأنّه تعرّض إلى ضرب مبرح في داخل سيّارة الشرطة وأدخل إلى المقرّ وهو في حالة إغماء.

وأكدت وزارة الداخلية في بيان لها أنّ مرافقَين للشاب المتوفى حاولا تهدئته والسيطرة عليه بعدما دخل في حالة هيجان مفاجئة. وعند مرور دورية تابعة لحرس المرور في المكان، حاولت مساندة المرافقَين، لكنّ الأمر استعصى عليها، فطلبت تعزيزات من دورية أخرى عمدت إلى تقييده واقتياده إلى مركز أمني. لكنّه أغمي عليه فور وصوله، فطُلِب الإسعاف، لكنّه فارق الحياة. أضافت وزارة الداخلية في بيانها أنّ قاضي التحقيق أذن بالاستمرار في توقيف مرافقَي الشاب المتوفى وعونَي الأمن اللذَين اقتاداه إلى المركز الأمني من أجل التحقيق معهم، في حين نُقلت الجثة إلى الطبيب الشرعي لتحديد أسباب الوفاة وإجراء الفحوصات اللازمة.

من جهته، يقول محامي العائلة، بلال براق، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المعطيات التي تتداولها وزارة الداخلية تؤدي إلى التعتيم على الحقائق عبر التغاضي عن نقطة مهمة وهي تعرّض أيوب إلى عنف شديد أدّى إلى وفاته". يضيف أنّه "على الرغم من التزامي بالتكتّم منذ انطلاق الاحتجاجات في الجهة، حفاظاً على سريّة التحقيقات، فإنّ تصريحات وزارة الداخلية أتت لتخرق تلك السريّة، بالإضافة إلى تسريب معلومات مغلوطة، من قبيل تعاطي أيوب المخدرات".

ويشير براق إلى أنّ أيوب "وفق شهادة مرافقَيه، كان في وضع نفسي صعب ودخل في حالة هيجان مفاجئة، متوهّماً وفاة شقيقته القاطنة في العاصمة. فنشب شجار بينه وبين صديقَيه بعدما طلب منهما اصطحابه إلى منزلها، على الرغم من محاولات مرافقَيه تهدئته". يتابع أنّه "بعد نجاح سائق السيارة التي كان يستقلها أيوب في إيقافها، حاولت دورية أمنية السيطرة على الوضع وطلبت دعماً من دورية أخرى". ويشدد براق على أنّ "إفادات الشهود بيّنت أنّه فور إدخاله إلى سيارة الأمن من أجل اقتياده إلى المقرّ الأمني، انهال عليه عون أمن بالضرب، على رأسه وصدره، فدخل إلى المقرّ وقد فارق الحياة. وهذا ما رصدته كاميرا المراقبة وكذلك محامٍ موجود في المكان".



ويلفت البراق إلى أنّ "الجثة بقيت في مركز الأمن لوقت طويل، الأمر الذي استفزّ الأهالي ودفعهم إلى الاحتجاج". ويؤكد أنّ "تشريح الجثة لم ينتهِ بعد، وأنّ كل التصريحات حول صدور تقرير الطب الشرعي وإثباته تعاطي أيوب المخدّرات هي مناورات إعلامية لامتصاص غضب الأهالي". ولا يستبعد البراق "توجيه تهمة القتل العمد أو العنف المؤدّي إلى الوفاة إلى عون الأمن المتورّط".

في السياق، أصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بياناً صحافياً حول الواقعة، وأعلنت عن تعيين عضوَين من الرابطة لمتابعة سير التحقيقات، في حين أنّها اتصلت بعائلة الشاب وبالشهود على خلفية شبهة التعذيب في القضية.