في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المصريين، بـ"رؤية بلدهم بشكل مختلف تمامًا في 30 يونيو/حزيران 2020"، قائلاً: "مصر هتبقى في حتة تانية 30 يونيو 2020". مع حلول الموعد المنتظر، نرصد ما تغير على مستوى الإعلام والصحافة، منذ وَعد الرئيس، حتى اليوم.
التشريعات
خلال 2018 صدَّق السيسي على أربعة قوانين بهدف السيطرة على الإعلام والإنترنت، وهي قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، رقم 175 لسنة 2018، والذي صدر في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 أغسطس/آب 2018. بعدها، صدّق على قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، رقم 180 لسنة 2018، وقانون الهيئة الوطنية للصحافة، رقم 179 لسنة 2018، وقانون الهيئة الوطنية للإعلام، رقم 178 لسنة 2018؛ والتي صدرت جميعها في الجريدة الرسمية، بتاريخ 27 أغسطس/آب 2018.
وفي يونيو/ حزيران الحالي، أصدر السيسي قراراً جمهورياً بتعيين رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، كرم جبر، في منصب رئيس "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام"، وذلك بدلاً من الصحافي الثمانيني، مكرم محمد أحمد، فضلاً عن تعيين المهندس عبد الصادق الشوربجي رئيساً للهيئة الوطنية للصحافة، واستمرار حسين زين في منصب رئيس الهيئة الوطنية للإعلام. وجاء القرار بعد حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية المصرية انتظاراً لصدور قرار إعادة تشكيل الهيئات الثلاث، وما سيعقب ذلك من تغيير لرؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية (مملوكة للدولة)، ودمْج عدد من إصداراتها في إطار إعادة هيكلتها، وطرح بعض أصولها للبيع، بذريعة تراكم مديونياتها لدى الجهات الحكومية.
وأقرت السلطات المصرية تشريعًا تضع بموجبه جميع الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تضم أكثر من 5000 متابع تحت المراقبة الحكومية. ويضع التشريع قيودًا على الإنترنت، إذ بات "من الضروري" أن تحصل المواقع على ترخيص من الحكومة المصرية قبل المباشرة بالعمل. كما عطَّل البرلمان إصدار قانون لحرية تداول المعلومات، واقترح قانونًا لمكافحة الشائعات.
أكبر السجون
يقبع على الأقل 29 صحافياً في السجون المصرية، وفقاً لأحدث إحصاءات نشرتها منظمة "مراسلون بلا حدود"، بينما يرتفع العدد لما يقرب من 70 صحافيًا وإعلاميًا في تقديرات حقوقية محلية تحصي جميع العاملين في مجال الصحافة والإعلام من النقابيين وغير النقابيين.
ووفقًا لأحدث تصنيف لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، بشأن حرية الصحافة في 2020، الصادر في 21 إبريل/نيسان الماضي، أظهر تراجع مصر للمرتبة 166 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، بتراجع 3 مراكز عن ترتيبها في العام الماضي.
وحسب وصف المنظمة، تعد مصر من أكبر سجون الصحافيين في المنطقة. ويوصّف التقرير حالة الصحافة في 180 بلداً، انطلاقاً من منهجية تُقيم مدى تعددية وسائل الإعلام واستقلاليتها وبيئة عمل الصحافيين ومستويات الرقابة الذاتية، فضلاً عما يحيط بعملية إنتاج الأخبار من آليات داعمة مثل الإطار القانوني ومستوى الشفافية وجودة البنية التحتية.
واعتبرت المنظمة أن مصر والسعودية التي احتلت المرتبة 170، قد تحولتا لأكبر سجون في العالم بالنسبة للصحافيين، بعد الصين التي تتربع على الصدارة في هذا المضمار. وأكدت المنظمة أن مصر استخدمت مكافحة "الأخبار الزائفة" ذريعة لتبرير حجب الصفحات والمواقع الإلكترونية من جهة، وسحب بطاقات اعتماد الصحافيين من جهة أخرى. بل وقالت المنظمة إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تبقى هي الأخطر على سلامة الصحافيين أثناء ممارسة مهنتهم.
حجب المواقع
ضمن أكثر من 546 موقعًا إلكترونيًا حجبتها السلطات المصرية منذ 2017 وحتى اليوم، بلغ عدد المواقع الصحافية والإخبارية المحجوبة في مصر، 108 مواقع صحافية، طبقًا لمنظمات حقوقية مصرية.
ومن أشهر المواقع الصحافية المحجوبة جميع مواقع مجموعة "الجزيرة" الإعلامية، وموقع "عربي 21"، و"ساسة بوست"، و"مدى مصر"، و"مصر العربية"، وجريدة "العربي الجديد"، وجريدة "البديل"، وجريدة "البداية"، وجريدة "بوابة يناير"، وموقع "حركة شباب 6 إبريل" الإخباري.
وبدأت عدوى حجب المواقع في مصر في 24 مايو/أيار 2017 عندما أقدمت السلطات المصرية على حجب 21 موقعًا إلكترونيًا، كانت أغلب المواقع المحجوبة هي مواقع إخبارية. ولاحقًا توسعت السلطات في حجب مواقع لتشمل عددًا ضخمًا من المواقع التي تقدم محتوى وخدمات مختلفة. لكن البداية الحقيقية للحجب، كانت مع حجب "العربي الجديد" في ديسمبر/كانون الأول 2015، ولا يزال محجوبًا في مصر إلى اليوم.
خسائر وسيطرة
تستهدف خطة "تطوير الإعلام" كما يسمّيها النظام المصري، ترسيخ مفهوم الإعلام القومي للدولة الذي يقلص بدوره حرية الرأي والتعبير، علاوة على تحكم وزارة الدولة للإعلام في وضع سياسة ما تريده السلطة الحاكمة، مع الاستغناء عن الآلاف من العاملين في مبنى "ماسبيرو" ضمن سياسة ترشيد النفقات، وإلغاء بعض الإصدارات الورقية في الصحف المملوكة للدولة، وتحويلها إلى إصدارات إلكترونية.
وشهدت السنوات القليلة الماضية، رفْع أسعار الصحف القومية والخاصة، أكثر من مرة، بهدف "تعويض جزء يسير من الخسائر التي تتكبدها المؤسسات الصحافية"، وتشهد الصحف الورقية بشكل عام وخاصة القومية خسائر كبيرة نظراً لقلة الإقبال عليها، في ظل أوضاع اقتصادية عاصفة.
وعلى مستوى الإعلام المرئي والمسموع، باتت ثلاث شركات تسيطر عليهما، وهي "إيغل كابيتال"، و"فالكون"، و"دي ميديا"، على الخارطة الإعلامية بشكل شبه كامل، مع الإشارة إلى أن الشركتين الأولى والثانية تابعتان لجهاز المخابرات العامة المصرية، والثالثة تابعة لجهاز المخابرات الحربية. وتم اندماج "إيغل كابيتال" مع "دي ميديا" في إبريل/نيسان 2019.
وتمتلك شركة "إيغل كابيتال" مجموعة "إعلام المصريين"، التي تمتلك بدورها قنوات "أون" و"الحياة"، و"سي بي سي"، كما تمتلك "إعلام المصريين" أيضًا، عددًا من الصحف والمواقع الإخبارية الخاصة، ومنها صحيفة "اليوم السابع"، و"صوت الأمة"، ومجلة "عين"، ومجلة "إيجيبت توداي"، إضافة لموقعي "انفراد" و"دوت مصر" الإخباريين، ومجلة "بيزنس توداي".
وتملك كذلك مجموعة "إعلام المصريين" شركات "بريزنتيشن سبورت"، شركة "مصر" للسينما، شركة "سينرجي" للإنتاج و"سينرجي" للإعلان، شركة "أي فلاي"، شركة "POD" المتخصصة في العلاقات العامة، وشركة "هاشتاج" المتخصصة في مواقع التواصل الاجتماعي، وشركة "سبيد" المتخصصة في التصميم والغرافيك والتسويق الرقمي، وشركة "إيجيبشان أوت دور" المتخصصة في إعلانات الطرق، وأكاديمية "إعلام المصريين". فيما تملك شركة "دي ميديا"، راديو "9090" وشبكة قنوات "دي إم سي".
ثم في خطوة غير مسبوقة في تاريخ صناعة الدراما في مصر، قررت "سينرجي" إطلاق تطبيق ذكي "Watch It" لعرض المسلسلات التي تنتجها الشركة خلال الموسمين الرمضانيين الماضيين.
وفي تقرير له صادر في يونيو/حزيران 2019، وثق المرصد العربي لحرية الإعلام والتعبير (منظمة مجتمع مدني مصرية)، إغلاق 27 قناة مصرية وعربية و3 صحف ومحطتي إذاعة خاصتين و3 مواقع إخبارية.
أما التلفزيون الحكومي، فتسيطر عليه جهات أمنية عليا حاليًا، منذ أن وقعت الهيئة الوطنية للإعلام (مؤسسة حكومية مصرية)، ومجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية برئاسة تامر مرسي (تابعة لجهة سيادية مصرية)، عدة بروتوكولات مدتها خمس سنوات، بهدف تقديم محتوى أفضل ومتطور على شاشات التلفزيون المصري، بدأت اعتبارًا من 22 فبراير/شباط الماضي.