وطني حبيبي.. وطني بيكبر وبيتحرر

07 نوفمبر 2015
يفد هؤلاء إلى مجتمعات ودول مأزومة (فرانس برس)
+ الخط -
إحنا وطن يحمي ولا يهدد
إحنا وطن بيصون ما يبدد

ستنتهي الحروب يوماً ويعود المزارعون يفلحون أرضهم، والعمال الى مصانعهم، والحرفيون الى أشغالهم، والمعلمون والتلامذة الى مدارسهم وجامعاتهم، والجنود الى ثكناتهم . لكن ذلك لا يتحقق بالسهولة التي يراها البعض مرهونة بمجرد توقف القصف والعنف الأعمى. الأمور أكثر تعقيداً من ذلك كله، خصوصاً في ضوء الأثمان الفادحة المدفوعة من المجتمعات المنكوبة.

اللجوء لا تعبر عن مضاعفاته أبيات القصيدة ولا الأصوات المفعمة بالأمل. يصل اللاجئون إلى مجتمعات مأزومة في الأعم الأغلب ويحاولون إيجاد موطئ قدم لإقاماتهم، وهم لا يعرفون كم تطول أو تقصر، وهل حقاً سيعودون وضمن أي ظروف أو شروط عيش.

يفد هؤلاء إلى مجتمعات ودول مأزومة وعاجزة عن تلبية الحاجات الأساسية لأبنائها ومواطنيها، فكيف إذا ما أضيف إليهم الملايين من الفقراء والعاجزين بطبيعة الأمور عن تدبير شؤون عيشهم؟

يصل هؤلاء فينافسون على التيار الكهربائي وقطرة المياه وحبة الدواء والمقعد الدراسي وسوق العمل وسط شح أو ندرة المساعدات.. تتحوّل تباعاً العلاقات من تضامن مع شعبٍ شقيقٍ منكوب إلى قاعدة قد تصل حدود العداء، خصوصاً أن هؤلاء يقيمون على الأغلب في بيئات فقيرة.

لنأخذ لبنان مثالاً على المشكلات التي يثيرها وجود نحو مليون و500 ألف لاجئ سوري. يجب أن يضاف إليهم اللاجئون الفلسطينيون وتعدادهم نحو 300 ألف ومعهم ألوف من العراقيين والسودانيين وغيرهم. والحصيلة أننا نصل إلى قرابة نصف عدد السكان الإجمالي. يحدث هذا ولم ينجح اللبنانيون في تجاوز مضاعفات الحروب الأهلية التي غرقوا فيها. إذ ليس صحيحاً أن المهجرين قد عادوا إلى قراهم، وأن الحياة السياسية راسخة. العكس هو الصحيح، فلا رئيس للجمهورية ولا مجلس نواب ولا حكومة تقريباً والعلاقات البينية بين الطوائف تنذر بالشر المستطير.

المهجرون يعيشون تحت وطأة حاجات ملحة لإمدادات غذاء وماء وصحة ومدارس في كل بقعة نزلوا فيها. والبنية التحتية لخدمة المواطنين في مجالات الصحة والتعليم والطاقة والمياه وغيرها معطوبة أصلاً، فكيف مع إضافة مثل هذه الأعداد إليها؟

ويبقى الأهم هو الحل السياسي الذي يفيد من الدروس المستفادة من الحروب الأهلية والصراعات وهو مفقود حتى اللحظة.. إذ إن استسهال اللجوء ثانية إلى العنف، هو من دون أدنى شك أقصر الطرق نحو المزيد من التجارب الدموية. والكثيرون لم يفيدوا من هذا الدرس وهنا منبع الكارثة ومصبها على أي حال.

*أستاذ في كلية التربية - الجامعة اللبنانية

إقرأ أيضاً: وطني حبيبي
المساهمون