تعتبر الوصفات الطبية المشفرة إحدى أبرز المشاكل التي تواجه المرضى خلال مراجعاتهم للعيادات الخاصة في مختلف محافظات ومدن العراق، والتي يتعامل بها كثيرٌ من أطباء الاختصاص عبر تشفير الوصفة برموز وعلامات خاصة، لا يتمكن من قراءتها سوى صاحب الصيدلية المتفق مع الطبيب مسبقاً.
وتشفير الوصفات الطبية من الوسائل والطرق التي يتخذها الكثير من الأطباء والصيادلة للتربح، وحصر البيع بالصيدليات التابعة لهم، ما يجعل المريض مضطراً لشراء الدواء من مكان محدد وبسعر مرتفع من دون أن يستطيع الاعتراض على ذلك.
سلمان حمد (45 عاماً) يقول إنَّ "الوصفات الطبية المشفرة أصبحت متداولة بين الأطباء والصيادلة بشكل لافت، إذ يتفق الطبيب مع صاحب الصيدلية على إرسال الوصفات الطبية إليه حصراً برموز لا يفهمها غيره، حتى لا يذهب المريض إلى صيدلية أخرى لشراء الدواء، وبالمقابل يقوم صاحب الصيدلية بدفع إيجار عيادة الطبيب أو إدخاله شريكاً في الصيدلية".
اقرأ أيضاً: "حاميها حراميها".. فوضى في أسعار الدواء السوري
ويتابع حمد "هذه الحالة غير الإنسانية جعلت من الأطباء تجاراً يجنون الملايين على حساب صحة المرضى وجيوبهم، وكثير من الأطباء يملكون أساساً صيدليات خاصة بهم يشغلون فيها زوجاتهم أو أبناءهم، فيرسلون الوصفات الطبية حصراً لصيدلياتهم ويبيعون الدواء بأسعار باهظة".
ويرفض الأطباء من أصحاب العيادات الخارجية التعليق على هذا الموضوع، متهربين من أسئلة الصحافيين. ولكن بعضهم ممن لا يمارس هذه الطريقة اعترف بتعامل أغلب الأطباء بها في عموم البلاد.
الدكتور حافظ المدني أوضح أن "الوصفات الطبية المشفرة للأسف يتعامل بها الكثير من الأطباء في العراق، وهي باختصار وسيلة للمتاجرة بالدواء وجني الربح الفاحش، عبر الوصفات الطبية التي لا يمكن صرفها إلا من صيدلية محددة، وإجبار مرضاه على شراء الدواء منها".
ويضيف المدني لـ"العربي الجديد" لا توجد رقابة على هذه الحالة غير الأخلاقية وغير الإنسانية، والمرضى يعانون بشدة من الوصفات المشفرة، والأطباء يلجؤون إلى تشفيرها حتى لا يتمكن صيدلاني آخر من قراءتها، لإجبار المريض على شراء الدواء من صيدلية الطبيب صاحب الوصفة حصراً".
اقرأ أيضاً: لبنان: إطلاق "الوصفة الطبية الموحدة"
الغريب أنَّ بعض المرضى حينما لا يجدون دواءً معيناً في الصيدلية التي حددها لهم الطبيب، ويذهبون إلى صيدلية أخرى يُفاجؤون بأنَّ الصيدلية لا تبيعهم الدواء، لأن الوصفة مشفرة لصالح الصيدلية الأولى.
عامر سالم (57 عاماً) يعاني من أمراض القلب والشرايين يقول "خلال مراجعاتي المستمرة للأطباء، للأسف اكتشفت أنَّ أغلبهم يهتمون بالربح المادي أكثر من اهتمامهم بصحة المريض، وأكثر ما يتعبني هي الوصفات المشفرة، ولا يخجل الطبيب أبداً للأسف من أن يخبرني أن أشتري الدواء حصراً من الصيدلية التي يتعامل معها".
ويتابع سالم "ذهبت مرةً إلى صيدلية تبيع الدواء بسعر أرخص، فرفض الصيدلي بيعه لي لأن الوصفة مشفرة ومجيرة لصيدلية أخرى، فعدت إلى الصيدلية التي حددها لي الطبيب واضطررت لشراء العلاج بسعر مرتفع جداً".
ويوضح مصدر طبي، فضل عدم الكشف عن اسمه أنَّ "الوصفات الطبية المشفرة حالة غير أخلاقية وغير قانونية بصراحة، ولكن الفساد الإداري المستشري في مؤسسات ودوائر الدولة يحول دون محاسبة هؤلاء الأطباء والصيادلة الذي يتعاملون بالوصفات المشفرة، فيما يعاني المرضى والمراجعون".
ويوضح المصدر "ما يحصل بالضبط أنَّ طبيباً يفتتح عيادة ويفتتح قربها صيدلية، أو يتعامل مع صاحب صيدلية ويتفق معه على إرسال كل الوصفات الطبية له حصراً، مقابل دفع صاحب الصيدلية إيجار العيادة أو يدخل معه كشريك في أرباح الصيدلية، وبناء عليه يكتب الوصفة برموز متفق عليها مسبقاً".
اقرأ أيضاً: مصر: تقرير رسمي يرصد مستحضرات طبية مغشوشة