وسط الدمار... الأطفال يتعلمون القدود الحلبية وينشدون للحياة

15 فبراير 2018
أعمارهم من عمر الحرب في سورية (أحمد الربيعي/AFP)
+ الخط -
عزفت الحرب السورية لحن الموت والدمار على مدى سبعة أعوام، لكنها لم تقو على تغيير السلم الموسيقي لأهالي حلب، شمال سورية، فظلت أجيالهم الصاعدة تشدو بصوت ضارب في عمق التاريخ على وتر "القدود الحلبية".

وتشهد المدارس والمعاهد الموسيقية التي تعلم هذا النوع من الغناء والإنشاد إقبالاً يفوق زمن السلم. والقدود الحلبية من الفنون الموسيقية السورية العربية الأصيلة التي اشتهرت بها مدينة حلب منذ القدم، وهي عبارة عن منظومات غنائية بنيت على قد، أي على قدر أغنية شائعة.

وفي مبارزة لا تنقطع معها الأنفاس يقف طلاب لم تتجاوز أعمارهم عمر الحرب في سورية لتحدي بعضهم بعضا وإثبات قدرتهم على أداء العُرب الفنية الصعبة من الموشحات والقدود والأغاني الشعبية والمواويل والثنائيات. والعُرب هي الحليات والزخارف التي تصاحب اللحن أو الغناء بالاستعانة ببعض النغمات خارج حيز المقام.

وينتشر هذا النوع من الفنون في حلب المدينة التي لم تنقطع عن استقطاب التلاميذ من مختلف الأعمار حتى في زمن ارتفاع إيقاع الحرب واشتداد وتيرته وتغلبه على ما تبقى من أوتار فنية. وفي زاوية من معهد الكورال الوطني في مدينة حلب، يقف أحمد قداح، مدرب التلاميذ، مستذكراً ابنه الذي قتل في الحرب، فيراه في صورة شبان يطمحون إلى الحياة على نغم آخر.



يقول قداح إن لديه من 30 إلى 50 طالباً، بينهم طلاب مدارس وجامعات، انضموا إلى المعهد تلبية لإحساسهم ومنعاً لاندثار هذا الفن الشعبي. ويضيف "أدرب على موشحات وقدود وأغان إفرادية (فردية) وثنائيات. عندنا الكثير من الأمور الحلوة في تراثنا القديم لنقدمه. ليس لدي أعمار محددة، عندي صوت جميل يمكن أن أستقطبه وإذا عندي صوت برعم يمكن أن أنميه، لأن هذا التراث يستحيل أن يندثر".

ويشير إلى أنه "على الرغم من الحرب والقذائف لم يكن الطلاب يتأخرون عن التمرينات. كانوا يأتون بكثرة لكي يتعلموا تراثنا لكي لا يختفي... عندي نجوم انطلقوا من هذا الكورال". ويضيف "أفتخر بأن أولادي يتعلمون مني ومن غيري لكي يحافظوا على هذا التراث ويورثونه للأجيال المقبلة".


ابنه، أيهم، البالغ من العمر نحو عشر سنوات، أدى بشغف أغنية (قدك المياس)، ويقول "أنا أدرس لأصبح فناناً في المستقبل وأنشر القدود كلها في دول العالم كلها". 

ومن القدود الحلبية الشهيرة (يا مال الشام) و(قدك المياس) و(تحت هودجها)، وهي الأغاني التي اشتهر بها المطرب السوري صباح فخري والذي انتشرت معاهده في مدينته حلب حيث انطلاقته.

وسار العديد من المطربين في سورية على نهج صباح فخري، صاحب الصوت الفريد، الذي دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية بعد أن استمر في الغناء عشر ساعات متواصلة في حفل بمدينة كراكاس الفنزويلية.

(رويترز)


دلالات
المساهمون