وسخّروا لنجاحه الكفتة وياسمين الخيّام

13 يونيو 2015

وقفة للعاملين بالصحة ضد مهزلة جهاز الكفتة (العربي الجديد)

+ الخط -
في حدود علمي المتواضع بأساليب إنجاح الرؤساء، قبل أن تنبت براعمهم، لم أر هذا الكمّ الأسطوري من البدع السياسية، لا قبل ولا بعد. مثلاً، لم أر رئيسا تؤلف له أغنية راقصة (تسلم الأيادي)، وهو في طور التبرعم الانقلابي، وترقص عليها التكاتك، إلى درجة أن التوكتوك الذي كان يشغل الأغنية، في برعم شرنقة الانقلاب، كان لا يسأل عن رخصة. 
ولم أر رئيسا في طور التبرعم يخترع له ذلك الجهاز العجيب الذي سيعالج الملايين من المصريين من كل الفيروسات، يأخذ فيروسات المرض من الإنسان، ويمنحه أصابع الكفتة من جهة أخرى. الغريب أن كاتبا وأديبا وطبيبا نفسيا، هو الدكتور محمد المخزنجي، وعلماء كثيرين من جامعات مصرية عريقة لم يشكّوا في مصداقية الجهاز، وقالوا إن فتوحات العلم قد تُدخلنا في طرق لم تسلكها طرق التقنية المألوفة سابقا، والأكثر غرابة أن المخزنجي اعتبر الانقلاب (مروءة)، وفي ظني أن هذا أول انقلاب في تاريخ العلوم السياسية يصك بتلك التسمية، فهل مرّ بكم من قبل تسخير أسطوري لمحاولة إنجاح رئيس، قبل أن يحكم، وقبل حتى أن يترشح، وقبل حتى أن يتكلم في الجماهير، إلى درجة أن صحافية ما قالت إنه ليس مهماً أن يتكلم أو يشرح، بل فقط يغمز بعينه.
هذا أول رئيس يطالب بخروج المصريين لكي يؤيدوه قبل أن يكون رئيسا، وأول رئيس يفرغ مدخرات المصريين (60 مليونا) من مكاتب البوسطة والودائع البنكية وغيره من أجل نجاحه، لحفر قناة السويس. وهو أول رئيس تغرق، في فترة رئاسته، سفينة محملة بآلاف الأطنان من الفوسفات في مياه نهر النيل الذي يعتبره المصريون مقدساً، ويلقون إلى جوفه بالصبايا، فيقول علماء السيسي وفريق إنجاحه إن كمية الفوسفات مفيدة جدا للأسماك، ولسدّ النهضة فوائد أيضا لمصر.
وهو أيضا أول رئيس يقوم بما يوازي تسع مذابح للشعب المصري، قبل أن يجلس على الكرسي فعليا (وهذه واحدة يجب دراستها، لا في أقسام العلوم السياسية). ولكن، كانت تحتاج إلى دراسة خاصة من عالم النفس، ميشيل فوكو شخصياً، وعلى الرغم من ذلك كله، لم ينجح في الحكم، وإن نزلت السيدة ياسمين الخيام (بتوجيهات طبعا)، وسافرت إلى ألمانيا معه، مغنية في حب مصر، وحانية على مصر وعليه، لكي ينجح.
وحينما بدأت الجامعات، وبدأ غضب الطلبة، تطوّع الكتّاب تطوعا بلا أجر، وقال الغيطاني: (وما الضرر الذي يصيبنا لو أغلقنا الجامعة سنة)، كله من أجل إنجاح السيسي، كي لا يصاب بأذى من مظاهرات الطلبة، أو تهتز شعبيته، حتى وإن قتل الطلبة داخل الحرم الجامعي نفسه، وتلك سابقة لم يفعلها المستعمر الإنجليزي. وأخذ رأي الكاتب بهاء طاهر في الموضوع نفسه، وكنت أظنه سيقول رأياً وسطا، باعتباره كتب كتاباً عن (أحفاد رفاعة الطهطاوي)، فإذا بالرجل يقول: وما الضير لو أغلقنا الجامعة سنتين.
أما الفقهاء الدستوريون، فحدث ولا حرج، من أول إقامة لبِنات قانون التظاهر، حتى الأستاذة تهاني الجبالي التي أقرّت بأن من الواجب أن يحكم الرئيس أربع سنوات بلا مجلس شعب، لأن البدء في انتخابات مجلس الشعب معناه التضحية برأس الرئيس، وهي نائب رئيس المحكمة الدستورية سابقا، حتى وصلنا إلى توقيعات بمدّ فترة الرئاسة إلى ثماني سنوات، بدلا من أربع في الفترة الواحدة، وأخذت التوقيعات فورا من (مطبخ الدعاية والمخابرات العامة، وكأنهم يقولون للناس: أنتم زعلانين من 8 سنين للسيسي طيب هنخليهم 16)، أرأيتم كرماً شعبيا أكثر من ذلك.
إذن، لماذا لا يقول: (أنا طبيب كل الفلاسفة)، وهل لمقولته تلك علاقة بسقراط، حينما أراد أن يخرج من شرف الفلسفة نفسها والوجود نفسه، ويتجرّع السم بين حكماء أثينا، لأنه رأى من وراء حاجز الغيب، غيب ألفي سنة أو أكثر، أن هناك من تلك الولاية الإفريقية التي كان اسمها مصر، من سيأتي، ويدخل الجيش، وعمره 14 سنة، ويظل يعمل في الجيش حتى يقوم بانقلاب على رئيس منتخب، يحمل الدكتوراه في الهندسة، ويقف في قلب أوروبا، وعلى مقربة من آلهة الألمب، ويقول: أنا طبيب كل الفلاسفة.
الآن أدركت، أنا دارس الفلسفة، لمَ شرب سقراط السم راضيا.