علم "العربي الجديد" أن وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، سيزور قريباً عواصم المنطقة، ومن ضمنها الدوحة، وذلك بعدما أعربت الرباط عن استعدادها للتوسط.
وكان المغرب قد أعلن أمس، عن استعداده لـ"بذل مساع حميدة من أجل تشجيع حوار صريح وشامل" بين أطراف الأزمة الخليجية، داعيا جميع الأطراف إلى "ضبط النفس والتحلي بالحكمة من أجل التخفيف من التوتر".
ونأت الرباط بنفسها عن الانخراط في حملة قطع العلاقات مع قطر، والتي اتخذتها كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لتتبعها بلدان عربية أخرى، مفضلة بسط اليد للوساطة لحل الأزمة الراهنة.
وعزا المغرب موقفه بالحفاظ على الحياد الإيجابي، وترك مسافة زمنية كافية قبل إعلان قراره بمحاولة رأب الصدع في الجدار الخليجي، إلى "عدم الانزلاق وراء التصريحات، واتخاذ المواقف المتسرعة التي لا تقوم سوى بتأجيج الاختلاف وتعميق الخلافات".
وبعد إعلان المغرب اختياره للحياد الإيجابي بين "الأشقاء الخليجيين"، والتمسك بخط العودة إلى المصالحة من خلال مبادرة للوساطة، بدأ يُطرح السؤال، إلى أي حد يمكن للمغرب أن يفلح في هذه الوساطة لحل الأزمة الخليجية؟
من جهته، وصف الدكتور إدريس لكريني، أستاذ القانون والعلاقات الدولية، مدير مختبر الدراسات الدولية حول تدبير الأزمات، بجامعة مراكش، في حديثه مع "العربي الجديد" الموقف المغربي من الأزمة بكونه "هادئا ومتزنا".
واعتبر لكريني بأن قرار الرباط يعكس في مضمونه التوجهات الجديدة التي طبعت أداء السياسة الخارجية في السنوات الأخيرة، من حيث توخّي الوضوح والاستقلالية والبراغماتية في المواقف والسلوكات.
وتوقع الخبير ذاته نجاح أية مبادرة ودية يمكن للمغرب أن يطرحها لوقف تطور الأزمة بين أطراف مجلس التعاون الخليج العربي، الذي يشكل نقطة ضوء مشرقة ضمن التكتلات العربية الفرعية بمكتسباته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
أول هذه الاعتبارات، يؤكد لكريني، أنه يتصل بطبيعة الظرفية التي تعيش على إيقاعها المنطقة العربية بارتباكاتها السياسية والأمنية، والتي لا تخفى تداعياتها الخطيرة على النظام الإقليمي العربي بكل أبعاده، وما تتطلبه المرحلة من مبادرات عقلانية تمنع تطور الأمور وخروجها عن نطاق التحكم والسيطرة في محيط دولي وإقليمي متهافت.
وثاني هذه الاعتبارات، يضيف المحلل، هو الاتزان الذي طبع الموقف المغربي من حيث عدم التسرع في الاصطفاف إلى جانب طرف دون آخر، على عكس ما قامت به بعض الدول في هذا الشأن وزاد في تأزيم الوضع، وهو ما سيسمح بمنع تصاعد الوضع، ويتيح لأطراف إقليمية ودولية أخرى بلورة مواقف بنّاءة لرأب الصدع.
وأما الاعتبار الثالث، بحسب لكريني، فيتمثل في كون العلاقات المتينة والاستراتيجية التي تربط المغرب بدول المجلس على عدّة مستويات، ستضفي بدورها المصداقية على أية وساطة أو مساعي حميدة يقودها المغرب، وتمنحها قدرا كبيرا من المقبولية في أوساط الأطراف المعنية بالأزمة.