وسائل التواصل تعين المهاجرين

14 فبراير 2017
يلتقون خارج الفضاء الإلكتروني (شون غالوب/ Getty)
+ الخط -

تواجه المهاجرين في ألمانيا صعوبات في تسوية الأوضاع، لكنّ هؤلاء يجدون مساعدة من مجموعات تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي وتقدم خدماتها المجانية.

ليست وسائل التواصل الاجتماعي أساسية فقط للتواصل مع الأهل والأصدقاء أو لملء وقت الفراغ بالنسبة إلى كثير من المهاجرين إلى ألمانيا. هي أصبحت دليلاً لهم يتعرفون من خلاله على جميع نواحي الحياة في البلاد، من خلال العديد من الصفحات والمجموعات التي تقدم خدمات متنوعة للاجئين وطالبي اللجوء، ما يساهم بشكل كبير في تحقيق اندماجهم في المجتمع. يدخل المهاجرون إلى تلك الصفحات ويطرحون تساؤلاتهم وتجري الإجابة عليها، وفي بعض الأحيان تتواصل مجموعات مع بعضها البعض خارج الفضاء الإلكتروني ويلتقي أفرادها من أجل تقديم المساعدة مباشرة.

في هذا الإطار، يقول طالب اللجوء خالد: "عندما وصلت إلى ألمانيا، لم أكن أعرف ما هي الخطوات التي يجب أن أقوم بها، وما هي الوسيلة الأفضل لإنجاز الإجراءات اللازمة. دخلت إلى صفحة تابعة لمجموعة من السوريين في ألمانيا، على موقع فيسبوك، فبادر أعضاؤها إلى شرح كلّ ما هو غامض لي بالتفصيل". هكذا حصل خالد على المساعدة من خلال واحدة من صفحات عديدة على موقع "فيسبوك" وغيره. فمجموعات عديدة تبادر إلى إنشاء هذه الصفحات لتبادل الخبرات في كيفية التعامل مع القوانين والحياة في ألمانيا لمنع حصول أي تعقيدات بالنسبة للآتين الجدد، خصوصاً من طالبي اللجوء.

بالنسبة إلى هؤلاء المهاجرين، لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي عالماً افتراضياً بل واقعاً يعيشونه كلّ يوم. القصة لا تبدأ من لحظة وصولهم إلى الأراضي الألمانية بل هناك العديد من المهاجرين الذين ساهمت صفحات مختلفة في إعطائهم تعليمات وطرقاً لكيفية سلوك طريق البحر والبرّ للوصول إلى ألمانيا. وعند وصولهم إلى الأراضي الألمانية بدأوا البحث مجدداً من خلال هذه الصفحات عمّن يعيش التجربة نفسها التي اختبروها ليمدّوا إليه يد العون ويساعدوه في سلوك الطريق الأنسب للحصول على حق اللجوء والاستقرار بعد المعاناة.




من خلال الدخول إلى موقع "فيسبوك" أو "تويتر" أو غيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي، بالإمكان العثور على العديد من الأشخاص والمجموعات التي تعنى بقضية المهاجرين وحياتهم في ألمانيا. من بين هذه الصفحات "كولن تجمعنا" و"البيت السوري في ألمانيا" و"سوريون في برلين". تضم هذه الصفحات مجموعات من السوريين، خصوصاً ممن يعيشون في ألمانيا، فيتناقلون أخبارهم وإنجازاتهم فيها، ويطرحون أسئلتهم واستفساراتهم.

ولدى البحث، يجد المهاجر صفحات تعنى بالشؤون القانونية وتخليص معاملات اللجوء. كذلك، تضع الصفحات قوائم بأرقام محامين ومستشارين قانونيين قادرين على تقديم يد المساعدة. وهناك صفحات تهتم بمساعدة المهاجرين في الحصول على منزل للإيجار. ويتولى المسؤولون عن بعض هذه الصفحات التواصل مع شركات تأجير المنازل للحصول على عروض مناسبة لينشروها على صفحاتهم ويستفيد منها المهاجرون. بالإضافة إلى ذلك، تنتشر أيضاً صفحات تزود المهاجرين بأرقام وعناوين أطباء يتكلمون العربية ودكاكين ومطاعم تبيع اللحوم الحلال.

تتخطّى تلك الصفحات الشؤون الخدماتية اليومية ليذهب بعضها إلى المساعدة في تعليم الآتين الجدد اللغة الألمانية وشرح بعض المصطلحات البسيطة والكلمات والجمل التي يحتاجها المهاجر في يومياته، ما يسهّل عملية الاندماج. تقول سهر، وهي شابة سورية من حلب: "أمضي معظم أوقات فراغي بالتنقل عبر تلك الصفحات التي تعنى بأوضاع المهاجرين في ألمانيا. هذه الصفحات لعبت دوراً في تسهيل حياتي في ألمانيا، فمن خلالها استطعت أنا عائلتي الحصول على منزل، وتمكّن والدي من العمل بعد حصولنا على حق الإقامة لثلاث سنوات. وبالنسبة لي، فقد تعرفت من خلالها على كثير من الأصدقاء وأصبحنا ننظم معاً العديد من التحركات لمساعدة المهاجرين الجدد، خصوصاً هنا في مدينة كولن".

مع ذلك، لا يمكن القول إنّ هذه الأعداد الكبيرة من الصفحات والمجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي تسعى جميعها إلى الخير العام وإفادة اللاجئين وطالبي اللجوء. وبينما لا يمكن الإنكار أنّ هذه الوسائل هي بديل استطاع تسهيل حياة المهاجرين اليومية في ألمانيا، خصوصاً مع عدم قدرة كثيرين على التعامل مع الصفحات الرسمية التي أطلقتها الحكومة الألمانية وخصصتها للمهاجرين، فإنّ هناك الكثير من الأشخاص الذين يؤسسون صفحات مشابهة من أجل الربح المادي فقط. كذلك، فإنّ البعض يستغل المهاجرين بأعمال مشبوهة كتزوير الشهادات وجوازات السفر وتأمين العمل بطريقة غير شرعية وغيرها من المخالفات القانونية.

المساهمون