وزير تونسي يروي لـ"العربي الجديد" تفاصيل الاعتداء عليه حين تدخل لإنقاذ طفل

27 يوليو 2018
تدخل الوزير محمد الطرابلسي لمنع تعنيف طفل (Getty)
+ الخط -
تحوّلت واقعة الاعتداء على وزير الشؤون الاجتماعية، محمد الطرابلسي، مساء أمس الخميس، في إحدى ضواحي مدينة صفاقس التونسية، إلى قضية رأي عام.

وفي تفاصيل الواقعة، كما جاءت على لسان الطرابلسي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه تدخل، أمس الخميس، بصفة عفوية إنسانية لإنقاذ طفل يتعرض للعنف الشديد من قبل مشغله في محل لبيع الخضار، توقف ليشتري منه، وتوجه لصاحب المحل باللوم لتعنيفه الطفل الذي لا يتجاوز 12 سنة، مذكراً إياه بأن القوانين في تونس، خصوصاً قانون الشغل يمنع تشغيل الأطفال منعاً باتاً، فما بالك بممارسة العنف ضدهم، قبل أن يفاجأ بردة فعل صاحب المحل العنيفة مستعيناً بشقيقه.

على إثر ذلك، قام الوزير الطرابلسي باستدعاء قاضي الطفولة إلى عين المكان، ليتم إيقاف المتهمين، داعياً إلى ضرورة التصدي لهذه الممارسات عن طريق إشعار مصالح وزارة الشؤون الاجتماعية المختصة.

من جهتها، روت مصادر عاينت الحادثة ما وقع لـ"العربي الجديد"، موضحة أن الوزير كان يشتري الخضار بصفته الشخصية في مدينة ساقية الزيت قرب مدينة صفاقس وسط تونس، وكان بلباس عادي لم يمكن البائعين من التعرف إليه وكشف هويته، وعندما صادف تعنيف المشغل للطفل حاول التدخل لمنعه، غير أنه فوجئ بتلقي بعض الضربات من صاحب المحل وشقيقه، من دون أن يكون الاعتداء شديداً، وفقاً للمصادر التي ذكّرت بأن الطرابلسي شخصية متواضعة ينتمي لعائلة متوسطة في تونس، وهو نقابي بالأساس لم يغيّره المنصب، وفق قولها.

وبحسب التحقيقات الأولية مع المتهمين، اليوم الجمعة، فقد أفادا بأنهما لم يتبيّنا هوية الوزير عند محاولة الاعتداء عليه، وكأنه يحق لهما الاعتداء على أي مواطن عادي.

من جهتها، أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية بياناً لتوضيح ملابسات الحادثة بعد ورود بعض المبالغات في مواقع التواصل الاجتماعي، قالت فيه إنه "تبعاً لما تم تداوله في بعض وسائل التواصل الاجتماعي"، فإن وزير الشؤون الاجتماعية الطرابلسي "قد تعرض للاعتداء بالعنف لدى توقفه أمام بائع خضار في ساقية الزيت".

وبحسب المصدر نفسه، فإن الوزير توقف لشراء بعض الغلال من بائع خضار بساقية الزيت  حيث عاين تعرض طفل للعنف الشديد من طرف صاحب المتجر (المشغل)، وكان الطفل في حالة صحية ونفسية سيئة، فتدخل لإقناع المشغل بأن القوانين تمنعه من تشغيل الأطفال وتعنيفهم، لكن صاحب المحل تمادى في تعنيف الطفل، وقام أيضاً صحبة شريكه بالتهجم على الوزير، وقد تم استدعاء قاضي الطفولة في الحين لمعاينة الحادثة، وتولت المصالح الأمنية إيقاف المتهمين بإذن من النيابة العمومية.

الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي كان الوزير من أحد قادته، ندد، اليوم الجمعة، بالاعتداء الذي تعرّض له وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي بسب احتجاجه على تاجر كان يعنّف طفلاً يشتغل عنده.

واعتبر الاتحاد في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بـ"فيسبوك" أن "الحادثة تكشف مرّة أخرى ما يتعرّض له أطفالنا من اعتداءات، أخطرها تشغيلهم، في حين يمنع القانون تشغيل الأطفال"، واصفاً منظومة المراقبة بالفاشلة والغائبة.

وأشار إلى أنه "لا يمكن إيقاف جريمة تشغيل الأطفال بتدخّل فردي بل بتفعيل أجهزة الرقابة الصارمة، وإنفاذ القانون حتّى لا يحرم الأطفال من حقّهم في النمو والتعلّم واللعب والتمتّع بكلّ متطلبات الطفولة الحقيقية التي تكفلها الطبيعة ويضمنها القانون"، لافتاً إلى أن عدد الأطفال المشغّلين دون السنّ القانونية وفق المسح الوطني لإحصاء ووزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمة العمل الدولية يقدر بأكثر من 215 ألف طفل، أي بنسبة 9.5 في المائة من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 5 و17 سنة.

وذكّر الاتحاد بالنص القانوني لمنع تشغيل الأطفال الذي ورد فيه "سعياً من المشرع لحماية الطفولة، وتماشياً مع المعايير الدولية في التشغيل والتصدي لظاهرة الاستغلال الاقتصادي للأطفال، فقد منع تشغيل الأطفال الّذين لم يبلغوا بعد سنّ السادسة عشرة عاماً، إذ نص الفصل 53 من مجلة الشغل على أنّه: "لا يمكن تشغيل الأطفال الّذين يقل سنهم عن ستة عشر عاماً في جميع الأنشطة الخاضعة لهذه المجلة، مع مراعاة الأحكام الخاصة الواردة بنفس المجلة".

وقال الاتحاد إنه إلى جانب مجلّة الشغل "هناك مجلّة الطفولة التي تتضمّن عديداً من الفصول التي تحمي الأطفال".

بدوره، عبّر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة رجال الأعمال)، عن تضامنه مع وزير الشؤون الاجتماعية، محمد الطرابلسي، إثر الاعتداء الذي تعرض له مساء أمس الخميس، بأحد ضواحي مدينة صفاقس في علاقة بظاهرة تشغيل الأطفال.

وندّد الاتحاد بكل أشكال العنف المادي واللفظي، مؤكّداً رفضه ظاهرة تشغيل الأطفال، تجسيداً لتعهدات تونس التي كانت سباقة في التوقيع على الاتفاقيات الدولية التي تمنع هذه الظاهرة''.