التوفيق من أبرز المؤرخين المغاربة، وقد مارس التدريس في جامعة الرباط وتولى وظائف إدارية في الجامعة نفسها، قبل أن يصبح مديراً للدراسات الإفريقية، وأخيراً محافظا للخزانة العامة في الرباط. كما أنه يُعتبر من الروائيين المغاربة الأكثر شعبية.
وقد التقت "العربي الجديد" به أثناء زيارته الأخيرة لباريس، للمشاركة في مؤتمر عن الحوار بين الديانات في معهد العالم العربي. وشارك في حفل تسليم الأميرة للا مريم لثلاثة من رجال الدين، الإسلامي والمسيحي واليهودي، أوسمة ملكية سامية، تكريماً لهم على تغليبهم روح التسامح والعيش المشترك وإظهار المزايا الحسنة للديانات التوحيدية، في وقت تحتد فيه العنصرية والإسلاموفوبيا وكل أصناف التطرف.
وأكد الوزير المغربي لـ"العربي الجديد" احترام بلاده للقوانين الفرنسية، وعدم تدخلها في شؤون الجالية الإسلامية، قائلاً "إن المملكة حاضرةٌ للمساعدة حين يُطلَب منها ذلك، وخصوصاً تكوين الأئمة في دول الساحل".
وفي ما يلي الحوار:
كيف تتعامل الحكومة المغربية، وخصوصاً وزارتكم، مع ظاهرة الإسلاموفوبيا المستفحلة في فرنسا والغرب؟
الإسلاموفوبيا وما في حكمها ظواهر ناتجة من قلة التعارف بين الشعوب المأمور به في القرآن، وأهم ما يمكن أن تُعرّف به أمة نفسها هو حالها ومآلها، وإذا حسن أمكن إقناع الحكماء والمعتدلين في الأطراف الأخرى.
بماذا تنصحون الجالية الإسلامية في الغرب حين تتعرض مقدساتها للسخرية والازدراء؟
أنصحها بفرض النفس بالسلوك المثالي والمهارات، والإعراض عن الجاهلين ومنهم سماسرة الشتائم، لأن شتائمهم لا يكون لها وقع إلا بقدر الاهتمام بها. أذكر أن دار نشر في دولة غير إسلامية دعت منذ أكثر من عشرين عاماً لحضور حفل تقديم الكتاب، وكلّفوا شخصاً جاء واعتدى على مقدّم الكتاب، ولما نشرت الصحف خبر الاعتداء نفدت نسخ الكتاب من السوق في يومين، وأذكر أن جريدة أميركية نقلت الخبر بعنوان: "اعتداء إشهاري".
هل تم الاستماع إلى رسالة المغرب من قبل الغرب بهذا الخصوص، بعد أن عبّرت الرباط عن استياء العالَم العربي من نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة؟
المهم أن المغرب وكما هو موقفه الراسخ يحارب الإرهاب ويدعو في الوقت نفسه إلى تجنّب الالتباس، وفي موقفه درسٌ للمستقبل، لمن ألقى السمع وهو شهيد.
ألا تعتقدون أن المشكلة اليوم تكمُنُ في عدم فهم وقبول الآخَر، وهناك مشكلة ثقافية في ضوء محاولات مستمرة للخلط بين الإرهاب والإسلام؟
هناك مشاعر ومصالح وتفاوت في ميزان القوى، وهذه الأمور تتعدى مجرد مسألة الفهم المجرّد.
أين وصل مشروع المغرب لتكوين الأئمة في بلدان الساحل؟
المشروع في سنته الثانية والطلبات تزداد، والمغرب بتواضع وبلا أجندات سياسية، شعر دائماً بمسؤوليته الأخلاقية إزاء هذه الشعوب.
ماذا عن تكوين الأئمة في فرنسا؟
ورد من اتحاد مساجد فرنسا طلب وأمر صاحب الجلالة بتلبيته.
ما الذي اتفقتم عليه في إطار تعاونكم؟
ليس هناك اتفاق حكومي في الموضوع، والجمعية المذكورة من المجتمع المدني.
كيف تنظرون إلى دور المساجد والأئمة في فرنسا؟
دور المساجد مرتبط بالتزام الأئمة وتبصّرهم، وللأئمة والجمعيات التي من أصل مغربي وعيٌ كبير بدور المسجد في سياق البلد وإطار مؤسساته، والمغرب يساعد في هذا الاتجاه بحسب إمكاناته وفي إطار القانون.
ما رأيكم في دور المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية؟
مؤسسة رسمية تؤدي دورها بحسب إمكاناتها.
العديد يرى أن دور هذا المجلس وأداءه غير كافيين في مواجهة الإسلاموفوبيا، وأنه لا يمثل الجاليات كما ينبغي. هل يعود ذلك إلى الانقسامات بين الجاليات العربية؟
المهم في كل حالة هو التشخيص الملائم والعمل بإيجابية في ضوء الرسالة المطلوب القيام بحسب أولويات الدين كعنصر أساسي في إسعاد المجتمع.
كيف يمكن إقناع الغربيين والفرنسيين خصوصاً، بأن الإسلام لا يتعارض مع العلمانية ومع قوانين الجمهورية؟
بالعمل والحال والمقال البليغ.