وزراء جزائريون يزمجرون أمام الكاميرات... دعاية أم فائض صرامة؟

13 فبراير 2020
نواب في البرلمان سخروا من تصريح رزيق (بلال بنسالم/NurPhoto/Getty)
+ الخط -
أثار صراخ وزير التجارة الجزائري كمال رزيق، أمام كاميرات التلفزيون وتهديداته لمنتجي وباعة الحليب، الكثير من الجدل في البلاد، بشأن لجوء الوزراء والمسؤولين إلى الصراخ على الموظفين أو المسؤولين التابعين لقطاعاتهم، لإعطاء انطباع بتشددهم وصرامتهم الوظيفية، لا سيما أنّ العديد من التجارب السابقة كشفت أنه مجرد أسلوب دعائي.

ورغم مرور أكثر من أسبوع على الحادثة، فإنّ صراخ وزير التجارة الجزائري في ندوة كانت نظمتها وزارته، وتهديداته بشأن أزمة الحليب، ما زالت تصنع الحدث وحوله التعليقات.
وتعهد رزيق بالقضاء على أزمة ندرة وسوء توزيع الحليب في ظرف أسبوع. وقال "في غضون أسبوع سيكون لدي نظام معلوماتي لمعرفة كل قطرة حليب منتجة ومسارها".

وأطلق رزيق سلسلة تصريحات لاحقة مثيرة، قوبلت بردود فعل متباينة، حيث أعلن، قبل يومين، أنّ الوزارة "تُفكر في استيراد المواشي والأبقار من دول الجوار، سواء موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد، على أن يتم ذبحها بالجنوب مراعاة للجانب الصحي، وذلك لتموين ولايات الجنوب والشمال باللحوم".


لكن نواباً في البرلمان سخروا من تصريحه، وحذروا من أنّ استيراد المواشي من هذه الدول ينطوي على مخاطر صحية، ناهيك عن وجود تناقض بين تصريحه وتصريح وزير الفلاحة الجزائري ريف عماري الذي تحدث عن وجود فائض في اللحوم بالبلاد.

وعلّق الإعلامي حاتم غندير على تصريحات الوزير رزيق: "مع احترامي لوزير التجارة، الصراخ أمام الكاميرات ظاهرة شعبوية بوتفليقية استعراضية.. الحكومة صرامتها في تقديم الحلول الفعلية وتطبيق القانون".


ويعمد وزراء ومسؤولون في الجزائر لاستخدام هكذا أسلوب، لإخافة الموظفين والمسؤولين العاملين في قطاعاتهم، أو توجيه رسائل سياسية معينة، أو لإعطاء انطباع بصرامتهم في العمل، وهو أسلوب يتذكر الجزائريون أنه وليد فترة حكم السبعينيات، إذ لجأ إليه وزراء في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، والذي كان معروفاً بضربه الطاولة علامة على حزمه.


وتأتي زمجرة المسؤولين تارة لإظهار صرامة مهنية ووظيفية، وتارة كمحاولة للقفز على واقع تقني، أكبر مما يظهر أثناء التصوير، فمثلاً قبل فترة، ظهر وزير السكن السابق (وزير الداخلية الحالي) كمال بلجود، وهو يخاطب مسؤولي شركة صينية بحدة؛ بسبب التأخر في إنجاز وتسليم مشروع، ومنح الشركة مهلة لتنفيذ اللازم، مع أنّ الجانب التقني للمشروع كان أكثر تعقيداً وليس بالبساطة التي تحدث عنها الوزير.


ويعتقد البعض أنّ هذا الأسلوب في إدارة الشأن العام لا يعدو بالنسبة لبعض المسؤولين أكثر من دعاية سياسية وصناعة صورة أمام الرأي العام المحلي الذي ما يزال بعضه ينبهر أمام مثل هذه المشاهد.

وقبل فترة شاهد الجزائريون وزير السياحة عمار غول، وهو يصرخ أمام الكاميرات على مدير فندق بسبب سوء الترميم، لكن ظهر لاحقاً أنّ الوزير متورط في قضايا فساد مالي وسياسي وهو موقوف حالياً في السجن. كما شاهد الجزائريون عدداً من المحافظين في الولايات وهم يصرخون ويزمجرون أمام الموظفين قبل أن تظهر الوقائع لاحقاً أنهم متورطون في قضايا فساد.

ويرى محمد والي وهو خبير في الصورة وصناعة المحتوى، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ صراخ المسؤولين أمام الكاميرات يصنع مشاهد متفاوتة، "في الغالب يفترض في أي وزير أو مسؤول الهدوء لكون الصراخ وإطلاق تصريحات في حالة عصبية قد يؤدي إلى الانزلاق اللفظي أو السياسي، كأن يعلن وزير مثلاً عن قرارات أو تعهدات يدرك أنه لا يستطيع تنفيذها في الواقع"، لافتاً إلى أنّ "عدداً من المسؤولين في الجزائر ظهر عجزهم عن تنفيذ قرارات أو تعهدات أو تهديدات بسبب التعقيدات السياسية في إدارة الشأن العام".

دلالات
المساهمون