وأكد وزراء الداخلية العرب، من خلال "إعلان تونس لمكافحة الإرهاب"، تجديد إدانتهم الثابتة للإرهاب، مهما كانت أشكاله أو مصادره، وتنديدهم بكل الأعمال الإرهابية، بما في ذلك تلك الموجهة ضد أقليات عرقية أو مذهبية، وتلك المرتكبة من قبل التنظيمات المتطرفة والمليشيات الطائفية.
كما جددوا رفضهم لكافة أشكال دعم الإرهاب وتمويله، ورفضهم القاطع لعمليات الابتزاز والتهديد وطلب الفدية، والتي تمارسها الجماعات الإرهابية لتمويل جرائمها، ودعوا جميع الدول إلى الالتزام بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن، مؤكدين عزمهم على مواصلة مكافحة الإرهاب ومعالجة أسبابه وحشد كل الجهود والإمكانات لاستئصاله وتعزيز التعاون العربي في هذا المجال.
ودان المجتمعون بشدة "إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وأعلنوا تأييدهم لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة، على ترابه الوطني، وعاصمتها القدس الشريف.
كما دانوا أيضاً مطلقة اقتحام سفارة المملكة العربية السعودية وقنصليتها في إيران، واستنكروا المضايقات التي تعرض لها الدبلوماسيون السعوديون وأسرهم، والعمل الإرهابي المتمثل في اختطاف المواطنين القطريين في العراق، مناشدين السلطات العراقية بذل كافة الجهود في سبيل الإفراج عنهم وضمان سلامتهم.
ولم يفت الوزراء العرب شجب واستنكار الممارسات الإيرانية الهادفة إلى زعزعة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين، والعديد من الدول العربية، بالتجييش الطائفي، وإثارة النعرات المذهبية، وأيدوا الإجراءات التي تتخذها الدول العربية في مواجهتها. وشجبوا، أيضا، الممارسات والأعمال الخطرة التي يقوم بها "حزب الله"، والذي وصفه البيان بـ"الإرهابي"، لزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في بعض الدول العربية.
وفي الختام، أعلن المجتمعون التأييد التام للتحالف العربي، وتثمينه للجهود التي يبذلها من أجل دعم الشرعية في الجمهورية اليمنية، ومواجهة تنظيم "القاعدة" و"داعش"، ومليشيات الحوثيين.
اقرأ أيضاً: "المستقبل" تدعو سلام لتوضيح موقف لبنان من لإجماع العربي
واحتضنت تونس الدورة 33 لمجلس وزراء الداخلية العرب، والذي افتتحه رئيس الجمهورية التونسية، الباجي قايد السبسي، بحضور الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، ووزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، ووزراء الداخلية العرب، ووفود أمنية رفيعة، إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة، ومجلس التعاون لدول الخليج، واتحاد المغرب العربي، وكثير من المنظمات.
ويناقش الملتقى، والذي يلتئم يومي 2 و3 مارس/ آذار، موضوع الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، وأبرز ما نفذته الدول الأعضاء حول الاستراتيجية الأمنية العربية، ومواضيع أخرى، كالاستعمال غير المشروع للمخدرات، في الوقت الذي أبدى بعض المشاركين تحفظات حول الحديث عن إعلان "حزب الله" تنظيما إرهابيا.
وعلى هامش هذا الملتقى، قال وزير الداخلية والبلديات اللبناني، نهاد المشنوق، لـ"العربي الجديد"، إنّه لن تكون هناك انعكاسات داخلية مباشرة بعد إعلان "حزب الله" كمنظمة إرهابية من قبل مجلس التعاون الخليجي، مبينا أن الحزب مكون رئيسي من الشعب اللبناني، وممثل في مجلس النواب ومنتخب، وبالتالي موجود في الحكومة اللبنانية الائتلافية، مؤكدا أن هناك تحفظا على هذا القرار عند طرحه.
اقرأ أيضاً: الرئيس السابق للديوان الملكي السعودي ينفي مزاعم نصر الله
وأشار المشنوق إلى أنّه "لا بد من مزيد من التماسك الوطني في لبنان، وليس مزيدا من التفكك"، واعتبر أنه "إذا كان هناك أي لوم أو مواجهة، فستكون على السياسة الإيرانية والإهمال العربي، والذي استمر عشرات الأعوام، لبعض السياسات، قبل القرار الشجاع الأخير من المملكة العربية السعودية"، مضيفا أنه ينتظر مزيدا من القرارات في اجتماع وزراء الداخلية العرب الذي سيلتئم في القاهرة، وأيضا خلال موعد القمة العربية، مؤكدا أنه في السياسة يوجد دائما تصعيد.
وأكد المتحدث ذاته أنّ التفكير المنفرد في مواجهة "داعش"، دون اللجوء إلى توحيد الجهود، لن يؤدي إلى أي نتائج.
من جهته، قال الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، محمد بن علي كومان، إن المنطقة العربية تواجه تحديات أمنية كبيرة منذ عام 2011، بفعل التحولات السياسية التي عرفتها بعض الدول، و"التي خلفت للأسف اختلالا في المرفق الأمني لديها، الأمر الذي استغلته التنظيمات الإرهابية، وتجار المخدرات وعصابات الهجرة غير الشرعية لارتكاب أعمالها الإجرامية".
وأضاف كومان أن نظرة بسيطة على الواقع العربي تكشف حجم التحديات التي تواجهها الشعوب العربية، مبينا أنه في اليمن، تعيث مليشيات الحوثي، والقاعدة و"داعش" الإرهابيان، في البلاد فسادا وقتلا وتشريدا للمواطنين، وتجويعا، وحصارا للمدن.
اقرأ أيضاً: مجلس التعاون الخليجي يصنف حزب الله منظمة ارهابية
وأشار إلى أنه "في سورية يطحن الشعب السوري منذ أعوام، برحى القمع النظامية والتنظيمات الإرهابية والمليشيات الطائفية"، معتبرا أن المشهد القاتم لكثير من الدول العربية يفرض على الدول اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة هذا الواقع.
وأكد وزير الداخلية في جمهورية السودان، الفريق الأول ركن عصمت عبد الرحمان زين العابدين، لـ"العربي الجديد"، أن هذا الملتقى له أهمية خاصة، لأنه يضع في أولوياته موضوع مكافحة الإرهاب، مبينا أن مقاومة الظاهرة تحتاج إلى تظافر الجهود الإقليمية والدولية لمحاربة الإرهاب.
واعتبر وزير الداخلية أنّ هذا الملتقى سيعمل على تدعيم التعاون لوضع اتفاقية التعاون العربي في مجال مكافحة الإرهاب، مبينا أنه بالإضافة إلى موضوع الإرهاب يوجد تركيز على مواضيع أخرى كالجريمة العابرة، ومكافحة المخدرات.
وأضاف أنّ الأمة العربية ما زالت تجابه الكثير من التحديات التي تعيق مسيرتها نحو النهضة الشاملة بمقدراتها، ومواردها الكبيرة، مؤكدا أن من أبرز التحديات الحالية مواجهة الإرهاب والأنشطة الفكرية الهدامة للجماعات المتطرفة مثل تنظيم داعش.
وقال إن السودان "حكومة وشعبا، تقف مع أشقائها في الدول العربية والإسلامية، من خلال التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب والتطرف".
وقال المسؤول في وزارة الداخلية في دولة فلسطين، اللواء محمد ذيب علي منصور، إنّ انعقاد هذا المجلس يأتي في الوقت الذي تتعاظم فيه جهود القيادة الفلسطينية لاستكمال بناء مؤسسات الدولة وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، مضيفا أنّه في ظل تفاقم الأوضاع في بعض الدول العربية، نتيجة اتساع رقعة الإرهاب والتطرف والجريمة بأنواعها، والتي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار والتنمية، "فإنه لا بد من تثمين الجهود التي بذلت وتبذل لمواجهة هذه التحديات والتهديدات".
وأكّد المسؤول الفلسطيني أنه حان الوقت لتجاوز الأنماط التقليدية في التفكير، والعمل الجاد على إعادة تعريف الأمن القومي العربي، وفق مفهوم يستجيب لمعطيات العصر والواقع.
اقرأ أيضاً: الحريري يمتص القرار الخليجي ويمضي بالحوار مع "حزب الله"