واجه وزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب، اليوم الأربعاء، على هامش جلسة مناقشة ميزانية الوزارة، سيلا من الأسئلة حول الوضع الأمني في البلاد ودرجة تأهب القوات التونسية وتطويقها لظاهرة الإرهاب، فيما تصدرت قضية الجلادين الذين تم ذكرهم في جلسات الاستماع العلنية لضحايا التعذيب التي نظمتها هيئة الحقيقة والكرامة تساؤلات النواب.
وردا على سؤال حول مدى تعاون وزارة الداخلية مع هيئة الحقيقة والكرامة، لا سيما في ما يتعلق بتقديم أرشيف البوليس السياسي للهيئة، أكد وزير الداخلية الهادي مجدوب للنواب أن 605 ملفات تتعلق بانتهاكات وتعذيب، طلب أصحابها إجراء مصالحة وتحكيم، تم تقديمها من قبل المكلف العام بنزاعات الدولة أو هيئة الحقيقة والكرامة، وتم التعاطي معها وتقديم المعطيات المطلوبة، مشيراً إلى أن الوزارة وفرت المعلومات المتعلقة بـ487 ملفاً، فيما لا تزال بصدد تجميع المعطيات لـ115 ملفاً.
وأوضح مجدوب أن الوزارة استجابت لجميع طلبات هيئة الحقيقة والكرامة، وسبق أن التقت
برئيستها سهام بن سدرين التي كذّبت في بيان صادر عنها ما يُروج عن عدم تعاون الوزارة بخصوص ملفات التعذيب.
وأشار مجدوب إلى أنه تم تمكين الهيئة من النفاذ إلى الأرشيف الذي طلبته وهو الأرشيف الخاص بمستشفى قوات الأمن الداخلي بالمرسى وأرشيف دفاتر الإيقاف بكل من منطقة الأمن الوطني بمحافظة قفصة جنوب غربي البلاد المتعلق بالفترة الممتدة بين 1 إبريل/نيسان 2008 إلى يوليو 2008 أي فترة أحداث الحوض المنجمي وأرشيف منطقة الأمن الوطني بمحافظة قابس جنوب غربي البلاد على امتداد خمس سنوات من عام 1991 إلى غاية 1996.
ويذكر أن الفترة المذكورة تتعلق بعمليات الاعتقال التعسفي والجماعي والتعذيب التي مارسها نظام الرئيس المخلوع بن علي في حق النشطاء السياسيين وبالخصوص الإسلاميين منهم. وتركزت الاعتقالات في محافظة قابس موطن زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي، وعدد من القيادات الأخرى.
وعرج مجدوب على الوضع الأمني في البلاد، محيلا إلى أنه تم إفراد إدارة الحدود بهيكل خاص، وهو ما سيسمح بمزيد من الإحكام في تأمين الحدود التونسية، مجيبا على تساؤل النائب عن حراك الإرادة عماد الدايمي حول إجراء منع الشباب دون سن الخامسة والثلاثين من السفر وتشديد الإجراءات. واعتبر مجدوب في هذا السياق أن المنع من السفر إجراء وقائي لحماية الفئة الشبابية من الالتحاق ببؤر التوتر وأن الإجراء شمل بالأساس عناصر تكفيرية بهدف الحيلولة دون انتقالها إلى مناطق النزاع.
وقدم وزير الداخلية أرقاما حول عدد الممنوعين من السفر خارج البلاد، مبرزا أنه تم منع 3970 شخصاً من السفر إلى بؤر التوتر هذه السنة، من بينهم 500 شخص مُنعوا من السفر بمقتضى حكم قضائي، وهم أشخاص من المصنّفين عناصر خطرة سبق وأن تورطوا في المشاركة في أعمال إرهابية أو ثبت ارتباطهم بتنظيم إرهابي أو أجانب على صلة بجماعات إرهابية تنشط داخل تونس أو في الخارج.
وفي سياق مغاير، أورد وزير الداخلية أن البلاد تتجه نحو تأمين العاصمة والمدن الكبرى بحماية إلكترونية، مبيناً أن المؤسسة الأمنية تعد متخلفة رقمياً وتكنولوجياً، لكنها تسعى لتدارك ذلك وتركيز الكاميرات في الشوارع الرئيسية مع حماية المعطيات الشخصية. ولفت ذات المتحدث إلى تصريحات رئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية شوقي قداس الذي اعتبر تركيز كاميرات المراقبة من دون إعلام وإطار قانوني اعتداء على المعطيات الشخصية.