الخوف والقلق، يداهمان قلب الأم المشتاقة لفلذة كبدها الذي أمضى 14 عاماً في سجون الاحتلال، والمحكوم بـ 27 عاماً، بتهمة الانتماء لكتائب شهداء الأقصى ومقاومة الاحتلال "عايشة بحسرة، ومش مرتاحين، بتخيلهم وبتخيل عذاب الأسرى المضربين"، تقول أم حسام لـ"العربي الجديد".
وتضيف خلال حديثها أنها لم تره منذ شهرين متتاليين، ولم تسمع عنه أي أخبار سوى تلك التطمينات القليلة التي تردهم من منظمة الصليب الأحمر الدولي، ولم تسمع سوى ذلك الخبر الذي أدخل الخوف إلى قلبها عن اليوم الخامس من الإضراب، حين نقلت مصلحة السجون حسام إلى عيادات سجن الرملة، بسبب تدهور في وضعه الصحي.
حسام شاهين، وهو من بلدة السواحرة الشرقية في جنوب شرقي مدينة القدس المحتلة، والمعتقل منذ 28 يناير/ كانون الثاني عام 2004، من الأسرى المرضى في سجون الاحتلال ويعاني من آلام مزمنة في المعدة، والأرجل، وإحدى ضحايا الإهمال الطبي، إذ يتقاعس الاحتلال في تقديم المساعدة الطبية والأدوية اللازمة له.
أبلغ الأسير المقدسي والدته في آخر زيارة له نيته خوض الإضراب، حاولت إقناعه بعدم الالتحاق بالمضربين بسبب مرضه وخوفها عليه، لكنه كان مصراً أن يكون على رأس إخوانه المضربين في السجون، وتحقيق المطالب والانتصار معاً.
تتسلّح الأم بالأمل، وتتمنى أن يقف الشارع الفلسطيني أكثر مع مطالب الأسرى وأن يحقق الله لهم مطالبهم التي تراها مشروعة، "ما بشوفه غير 45 دقيقة يمررن كلمح البصر، ما بلحق أحكي معه شيء"، تضيف أم حسام: "مطالبهم مشروعة بدي أشوفه وقت أكثر وبدون أي عائق الزجاج وسماعة التلفون غير واضحة والصوت في أغلب الوقت لا يصل".
تفضل أم حسام ألا تبكي أمام بناتها الثلاث، "أخبيها في قلبي، وأكتمها، بخاف على بناتي ينهرن، بدي إياهن قويات"، وتبحث عن ساعة تكون فيها وحيدة للبكاء وذرف الدموع وتستعيد صورة حسام في مخيلتها وسط حالة القلق الكبيرة التي تعيشها.
معاناة العائلة وخوفها وقلقها فيها جانب إنساني آخر، فلحسام شقيق يدعى سفيان لم يره منذ 14 عاماً، أي منذ يوم اعتقاله، فسلطات الاحتلال الإسرائيلي تفرض عليه منعاً أمنياً وتحرمه من الزيارة، وترفض أن تعطيه التصريح الخاص بأي زيارة مهما كانت الظروف.
"شعور لا يوصف، عندما ألجأ إلى النوم أذرف الدموع شوقاً لحسام"، يقول سفيان لـ"العربي الجديد" ويضيف أنه وصل إلى مرحلة الشعور بنسيان أن له أخاً، فأربعة عشر عاماً من الغياب من دون تواصل صعبة جداً".
يتمنى سفيان أن يسمح له بزيارة حسام، وأن يملأ عينه ولو بنظرة واحدة، أو يسمع صوته، وحتى أن يعرّف أبناءه الثلاثة عليه، يريد أن يشم رائحته ويحضنه بعمق يعوض 14 عاماً من الحرمان.
ويرى الشقيق الممنوع أمنياً بذريعة الاحتلال، أن مطالب الأسرى مهمة جداً، ومنطقية، وأهمها الهاتف العمومي، الذي من الممكن أن يسمح له ولأفراد عائلته بسماع صوته والاطمئنان عليه وعلى صحته. ويأمل سفيان بصفقة تقرب اللقاء، له ولجميع الأسرى في سجون الاحتلال، ويتمنى أن يكون حسام بينهم في العيد القادم.
الأسير حسام شاهين، يعتبر من قيادات الحركة الأسيرة في السجون، وأيقونة ثقافية تركت أثراً كبيراً عند الأسرى، ولديه عدد من المؤلفات، وشارك في العديد من المسابقات المحلية والعربية.
يحرم حسام من زيارة شقيقتيه الإناث، وأشقائه الذكور الثلاثة، بينما يسمح فقط لوالدته وإحدى شقيقاته، بذريعة المنع الأمني، توفي والده قبل عام وحلم اللقاء به ما كان يفارقه أبداً.