واقع يمني جديد

17 سبتمبر 2019
تظاهرة بتعز ضد الإمارات نهاية الشهر الماضي(أحمد الباشا/فرانس برس)
+ الخط -
مساء الأحد الماضي، خرج ثلاثة مسؤولين يمنيين ببيان شدّ انتباه المتابعين تضمّن جملة من المطالبات، أبرزها ضرورة إنهاء دور الإمارات العربية المتحدة في إطار "تحالف دعم الشرعية" في اليمن. المسؤولون الثلاثة هم نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية أحمد الميسري، ونائب رئيس مجلس النواب عبد العزيز جباري، ووزير النقل صالح الجبواني. وقد عُرف الثلاثة بخروجهم عن النصّ أو بالأصحّ عن الصمت الذي يلتزم به رئيس الدولة عبد ربه منصور هادي ورئيسا البرلمان سلطان البركاني والوزراء معين عبد الملك. 

كان توقيت البيان لافتاً لكونه يأتي متزامناً مع مغادرة وفد الشرعية الذي يفاوض وفد المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات، مدينة جدة السعودية ووصول الأمور إلى وضع شبه مسدود. بدا البيان لبعض المتابعين وكأنه انشقاق داخل صفوف الشرعية، وسط تساؤلات عن أسباب عدم اتخاذ الحكومة بشكل رسمي موقفاً كهذا وبما يحول دون ظهور وجود أجنحة داخلها، وإن كان بدا لآخرين بأن ما جرى أشبه بلعب أدوار بين مكونات الشرعية بهدف تشكيل ضغط مقصود على الرئاسة اليمنية والسعودية، لرفع يد أبوظبي عن عدن ومناطق أخرى في جنوبي البلاد.

مكان البيان شكّل هو الآخر نقطة التباس لدى المتابعين، إذ إنّ صدوره جاء من العاصمة المصرية القاهرة، ما دفع البعض إلى النظر إليه من زاوية موقعه من الموقف السعودي، بين من رأى أنّ البيان جاء تمرداً عليه، إذ لماذا لم يصدر من جدة أو الرياض، مكان إقامة أغلب مسؤولي الشرعية، وبين من قال إنّ الرياض شجعت صدور البيان من خارج أراضيها حتى لا تكون تحت طائلة العتب الإماراتي.

المهم أنّ المسؤولين الثلاثة رموا بحجر كبير في بركة المشهد اليمني ذات الأحداث الكبيرة والمواقف النادرة، حتى بدا الأمر من وجهة نظر البعض وكأنّ واقعاً جديداً يتخلّق بمعزل عن الشرعية والتحالف. إذاً، ثمّة من أمسك هذه المرة بزمام المبادرة، بعدما تُرك هذا الزمام نهباً للحوثيين والمجلس الانتقالي، والفضل في ذلك يعود للإمارات غير مشكورة، فقد أدت نجدتها الغادرة في اليمن إلى تحريك بعض الرواكد.

لقد رفعت أحداث الشهر الأخير من أسهم الشرعية، إذ إن كسر شوكة وكلاء أبوظبي في محافظتي شبوة وأبين والزحف السريع لاستعادة عدن لولا قصف الطيران الإماراتي، كل ذلك قد أوصل رسالة للكثير من أبناء اليمن أن صنعاء ليست بعيدة المنال، وأنّ الشرعية ليست متواطئة مع مشروع التقسيم الإماراتي، وأنّ أبوظبي هي السبب في أحيان كثيرة، بإعاقة تقدّم قوات الحكومة نحو صنعاء. لكن الخوف هو أن تضيع هذه الفرصة، كما حدث في فرص سابقة لم تنتهزها الشرعية كما ينبغي.

المساهمون