وافدون يغادرون الكويت بلا عودة

16 اغسطس 2020
طابور من الوافدين المغادرين في مطار الكويت الدولي (فرانس برس)
+ الخط -

يعيش الآلاف من الوافدين أيامهم الأخيرة في الكويت، بعد افتتاح حركة الطيران في الأول من شهر أغسطس/ آب الجاري وقرار كثيرين منهم العودة إلى بلدانهم بشكل نهائي، في ظلّ الصعوبات المعيشية التي يعانون منها، نتيجة الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا الجديد، وعدم جدوى بقائهم في الكويت أكثر.
في هذا الإطار، سلّم أحمد الزين، وهو شاب مصري يبلغ من العمر 28 عاماً ويعيش في الكويت مع زوجته وابنيه، شقته إلى مالك العمارة التي يسكن فيها، كما باع أثاثها وسيارته، وأبلغ مدرسة ابنيه أنّه لن يسجلهما للعام الدراسي الجديد. يقول لـ"العربي الجديد" إنّه قرر مغادرة الكويت نهائياً بعد تسريحه من عمله في قطاع الفنادق، فبات بقاؤه بلا جدوى منذ أربعة أشهر. ويعلق: "قررت العودة نهائياً إلى مصر، وإن لم ألغِ إقامتي القانونية في الكويت، لكنّني بعت كلّ ما أملك فيها، ولا أعتقد أنّي سأعود في ظرف مثل هذا". يضيف الزين: "هو شعور مختلط، لأنّي أمضيت تسعة أعوام هنا، وكوّنت عائلتي هنا، وفي بعض السنوات لم أعد إلى بلدي مصر في فترات الإجازة بل أمضيتها في الكويت، لكن ما باليد حيلة". وتمكن الزين من السفر إلى مصر عقب افتتاح الطيران التجاري، قبل أن تغلقه السلطات المصرية أمام الآتين من الكويت، رداً على قرار السلطات الكويتية منع الآتين من مصر من دخول البلاد بسبب تفشي فيروس كورونا في مصر.

تبدو الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لآدم معتمد، وهو مهندس سوري يبلغ من العمر 31 عاماً، ولد وعاش في الكويت، إذ يقول لـ"العربي الجديد": "استقر والداي في تركيا منذ خمس سنوات بعدما تقاعدا من عملهما معلمين في الكويت، واستخرجت إقامة لي في تركيا أجددها كلّ عام تحسباً لأيّ طارئ، وهو ما حدث فعلاً هذا العام". يضيف: "باتت الأمور صعبة في الكويت، فالإيجارات ما زالت مرتفعة بينما العمل توقف تماماً، وهناك رسوم للإقامة والتعليم والعلاج، بالإضافة إلى مصاريف الحياة اليومية، لذلك قررت تصفية أعمالي هنا والاتجاه للإقامة في تركيا، إذ إنّ الحياة هناك أرخص بكثير، خصوصاً مع امتلاك عائلتي سكناً فيها". وعن شعوره حول مغادرة الكويت التي قد تكون مغادرة نهائية مع أبنائه يقول: "هو شعور صعب، فالكويت بلدي ولم أعرف غيرها. لم نكن نعرف سورية جيداً، فيما أبنائي لم يعرفوها أبداً بسبب الحرب، وفجأة نجد أنفسنا مضطرين للمغادرة بسبب الظروف".
في مطار الكويت الدولي، يميز مسعود الشمري، وهو الموظف المسؤول في إدارة الطيران المدني، بين الوافدين الذين يعودون إلى بلادهم بشكل نهائي وأولئك الذين يعودون إليها بشكل مؤقت، بانتظار فتح الاقتصاد وعودة الحياة إلى طبيعتها في الكويت. يقول لـ"العربي الجديد": "أعداد الوافدين المغادرين بلغت 160 ألفاً، جزء منهم خرج من البلاد بسبب حكومة الكويت مستفيداً من مهلة السماح لمخالفي الإقامة بالمغادرة، وجزء آخر خرج بسبب الصعوبات التي يعيشونها في الكويت بعد فيروس كورونا وما نتج عنه من أزمة اقتصادية عالمية". يشرح موقف الوافدين الذين سجّلوا خروجاً نهائياً من البلاد إلى غير رجعة قائلاً: "هو موقف مضطرب لهم ولأبنائهم، فقد تركوا حياة كاملة خلفهم وأعتقد أنّهم طووا بأيديهم حقبة كان الوافدون، العرب تحديداً، يأتون فيها إلى دول الخليج لكسب رزقهم، لقد انتهى شكل دول الخليج التي كنا نعرفها، وفيروس كورونا سرّع هذا التغيير".
غادرت دانا حسن، وهي وافدة أردنية، مع زوجها الكويت، بشكل مؤقّت، لكنّ فرص عودة العائلة إلى الكويت تتضاءل يوماً بعد يوم، في ظل عدم إمكانية الحصول على وظيفة في المستقبل القريب كما أخبرها زوجها الذي يعمل خبيراً مالياً في المؤسسات المصرفية. تقول دانا لـ"العربي الجديد": "بالنسبة لي، يبدو الأمر طبيعياً، فهذه سنّة الحياة. غادرنا الكويت عندما كنا أطفالاً عام 1991 بعد تحريرها من الغزو العراقي، والآن أغادرها مرة أخرى. لكن، بالنسبة لأبنائي الذين عاشوا حياتهم في الكويت، فإنّ القصة تبدو مؤلمة، فقد كانوا يلعبون كرة القدم في الشوارع هنا، ويعيشون مع جيراننا الكويتيين والوافدين كعائلة واحدة".
في دوره، يقول عضو لجنة الموارد البشرية في البرلمان الكويتي أسامة الشاهين، لـ"العربي الجديد": "رحيل الوافدين الحالي والطوعي ليس نهاية المطاف، فهناك خطة حكومية برلمانية مشتركة لترحيل أكثر من 500 ألف وافد آخر، وذلك في محاولة لتعديل التركيبة السكانية في البلاد، وسنّ سياسة جديدة في السماح للوافدين بدخول الكويت من دون تجارة للإقامات أو قانون الكفيل سيئ الصيت". يضيف الشاهين: "هناك تغييرات جذرية تحدث داخل الكويت على المستوى السكاني، وللأسف فإنّ بعض العائلات الوافدة ستدفع جزءاً من الثمن بالعودة إلى بلادها".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويبلغ عدد سكان الكويت 4 ملايين و700 ألف نسمة، يشكل الوافدون 71 في المائة منهم، لكنّ الحكومة الكويتية تخطط لتخفيض هذه النسبة لأهداف أمنية وسياسية واقتصادية وفق ما تقول.

المساهمون