وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الثلاثاء من روسيا، إن بلاده لا تسعى لحرب مع إيران، لكنه شدد، في الوقت نفسه، على أن واشنطن "سترد بالشكل المناسب" حال تعرض مصالحها لهجوم.
وأضاف بومبيو، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب جلسة مباحثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مدينة سوتشي الروسية: "لا نرى احتمالاً لنشوب حرب مع إيران، ونريدها أن تتصرف كدولة طبيعية".
وأضاف: "لقد أوضحنا للإيرانيين أنه إذا تعرضت المصالح الأميركية لهجوم، فإننا سنرد بالتأكيد بالطريقة المناسبة". وقال إنه تحدث إلى لافروف، وكذلك إلى الحلفاء في بروكسل، الاثنين، حول التهديد الذي ترى الولايات المتحدة أن إيران تمثله.
وتأتي تصريحاته بعدما نشرت الولايات المتحدة سفينة هجومية برمائية وبطاريات صواريخ "باتريوت" إلى مياه الخليج لتعزيز قدرات حاملة طائرات وقاذفات من طراز "بي-52" أُرسلت سابقاً إلى المنطقة.
ورغم التحشيد الأميركي في المنطقة، نفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، تقريراً لصحيفة "نيويورك تايمز" قال إن المسؤولين الأميركيين يناقشون خطة عسكرية لإرسال ما يصل إلى 120 ألف جندي إلى الشرق الأوسط للتصدي لأي هجوم أو تعجيل لحيازة أسلحة نووية من جانب إيران.
وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض: "أعتقد أنها أخبار كاذبة. الآن هل سأفعل ذلك؟ على الإطلاق. ولكننا لم نخطط لهذا. نأمل ألا نضطر للتخطيط لذلك. وإذا فعلنا سنرسل عدداً أكبر من ذلك".
وفي خطاب له مساء اليوم الثلاثاء، أعلن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، عن الخطوط العريضة للاستراتيجية الإيرانية في مواجهة التصعيد الأميركي، ليستبعد وقوع حرب مع بلاده، رافضاً إجراء أي تفاوض مع الإدارة الأميركية، مع التأكيد على أن "الخيار الحتمي" لإيران في هذه الظروف هو "المقاومة في وجه أميركا التي ستتراجع في هذه المواجهة"، بحسب قوله.
وقال خامنئي، في لقاء مع مسؤولي الدولة الإيرانية وفقاً للموقع الإعلامي لمكتبه، إن "أميركا ستضطر للتراجع في المواجهة الراهنة التي ليست عسكرية، لأنه ليس من المقرر أن تحدث حرب"، مضيفاً "أننا لا نريد حرباً، ولا هم يريدون حرباً، لأنهم يعلمون أن الحرب ليست في صالحهم، لذلك فالصراع الموجود هو صراع الإرادات وإرادتنا أقوى".
وعن احتمالات تفاوض بلاده مع الإدارة الأميركية، قال المرشد الإيراني إن "البعض في الداخل يتساءلون ما العيب في التفاوض؟"، ليرد قائلاً إن "التفاوض سُمّ وما دامت أميركا هي كما الآن، فالتفاوض مع الإدارة الأميركية الراهنة أكبر من سمّ".
وأضاف أن "التفاوض يعني المقايضة والصفقة، لكن ما تريده أميركا هو التفاوض على نقاط قوتنا: حول أسلحتنا الدفاعية وصواريخنا ومداها"، موضحاً أنهم "يقولون لنا خفضوا مدى صواريخكم لكي في حال ضربناكم لا تصل هذه الصواريخ إلى مواقعنا".
وأكد أنه "لا يوجد إيراني عاقل يساوم على نقاط قوته"، لافتاً إلى أنهم "يدعوننا إلى التفاوض حول عمقنا الاستراتيجي في المنطقة لكي نخسر هذا العمق".
وفي السياق، أوضح المرشد الإيراني أن "مبدأ التفاوض خطأ حتى من الإنسان العاقل، لكنهم (الأميركيون) ليسوا عقلاء، ولا يلتزمون بأي شيء"، مشدداً على أنه "لا يوجد بين عقلائنا من يريد التفاوض".
وأشار خامنئي إلى أن العداء الأميركي القديم مع بلاده "أصبح أكثر علانية من قبل"، قائلاً إنهم "اليوم يعلنون عداءهم بشكل أكثر صراحة ويهددون".
واعتبر أن السلطات الأميركية "ترعى مصالح الكيان الصهيوني أكثر من أي دولة أخرى، والمجتمع الصهيوني هو الذي يمسك بزمام كثير من الأمور في أميركا"، مصرّحاً بأن "الأميركيين يزعمون أنهم غيّروا سلوك إيران، لكن التغيير الذي حصل أن كره الشعب الإيراني لهم بات عشرة أضعاف".
واعتبر خامنئي أن سياسات واشنطن "أضرت بها سياسياً وأمنياً، سواء سياساتها مع الأوروبيين أو الدول الآسيوية"، مضيفاً أن "السياسة الأميركية تجاه الجمهورية الإسلامية ستفشل".
وأشار إلى الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي تمارسها واشنطن على بلاده على شكل عقوبات "قاسية"، ليقول إنه "كما يحذر أصحاب الرأي الأميركيين، فإن هذه الضغوط تؤدي إلى قفزة اقتصادية في إيران".
بدوره، أكد وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، الثلاثاء، أن "أفراداً متطرفين" في الحكومة الأميركية يطبقون سياسات خطرة.
ويزور ظريف نيودلهي لإجراء محادثات مع نظيرته الهندية سوشما سواراج بعد أن أوقفت الهند مشتريات النفط الإيراني هذا الشهر في أعقاب تجدد العقوبات الأميركية.
وتفاقمت المخاوف مرة أخرى بعد أن قالت السعودية، اليوم الثلاثاء، إن طائرات مسيرة مسلحة ضربت محطتين لضخ النفط في المملكة فيما وصفته بأنه عمل إرهابي "جبان" بعد يوم من تعرض ناقلتي النفط السعوديتين لـ"التخريب" قبالة ساحل الإمارات.
وأكد مسؤول أميركي مطلع على أحدث تقييمات للولايات المتحدة، الثلاثاء أيضاً، أن وكالات الأمن الوطني الأميركية تعتقد الآن أن "وكلاء متعاطفين مع إيران أو يعملون لحسابها" ربما هاجموا أربع ناقلات قبالة الإمارات، وليس القوات الإيرانية نفسها.
وأضاف المسؤول أن من بين المهاجمين المحتملين جماعة الحوثيين في اليمن، أو فصائل تدعمها إيران وتتخذ من العراق مقراً لها، لكنه أردف أن "واشنطن لا تمتلك دليلاً دامغاً" على مخربي السفن.
ورفضت إيران هذه المزاعم، وقال ظريف إن القضية طُرحت للنقاش خلال محادثات مع قادة الهند.
ونسبت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية إلى ظريف قوله: "خلال هذا الاجتماع كان هناك نقاش عن المخاوف من التصرفات وأعمال التخريب المشبوهة في المنطقة". وأضاف "أعلنا أننا توقعنا هذه النوعية من الأفعال بسبب تأجيج التوتر في المنطقة من قبل"، مضيفاً أنه في اجتماع اليوم "ناقشنا القضايا الإقليمية وخطر السياسات التي يحاول أفراد متطرفون في الحكومة الأميركية والمنطقة فرضها على المنطقة".
وتسعى واشنطن لوقف صادرات النفط الإيرانية بعد انسحاب الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي المبرم بين إيران وست قوى عالمية عام 2015، وهو ما تعتبره طهران "حرباً اقتصادية".