بعد أقل من يومين من صدور البيان المشترك بين وزيري خارجيتي المغرب والولايات المتحدة الأميركية، إثر انعقاد دورة جديدة من لقاءات الحوار الاستراتيجي بين البلدين، أُعلن في نيويورك عن تقديم واشنطن لمسودة مشروع قرار مجلس الأمن الجديد حول الصحراء، متضمنا تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء، لعام كامل بدل 6 أشهر.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية (واج)، عن مصادرها الدبلوماسية، قولها إن واشنطن سلّمت مجلس الأمن الدولي مسودة مشروع القرار "مقترحة تمديد عهدة البعثة الأممية بسنة في غياب مبعوث شخصي من أجل بعث المحادثات حول تسوية النزاع في الصحراء الغربية".
هذه الخطوة تعتبر استجابة لمطلب مغربي ملحّ، حيث كان مجلس الأمن الدولي قد شرع في تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة المعروفة باسم "مينورسو"، لستة أشهر فقط، بدل سنة كاملة، منذ شهر أبريل/نيسان 2018، وهو ما كان يمثل ضغطا سياسيا ودبلوماسيا على الرباط.
وطالبت المملكة، المتمسّكة بسيادتها الكاملة على الصحراء، في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وأبريل/نيسان الماضي، مدعومة من طرف حليفتها فرنسا، بتمديد ولاية بعثة "مينورسو" لعام كامل، إلا أن الإدارة الأميركية كانت تصرّ على الاكتفاء بستة أشهر.
ذلك الإصرار كان مرتبطا بموقف مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأميركي، جون بولتون، والذي كان يجهر برغبته في ممارسة ضغوط كبيرة على أطراف النزاع الدائر حول الصحراء، من أجل حملها على التوصل إلى حل سريع.
وكان كل من وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ونظيره الأميركي مايك بومبيو، قد أصدرا، مساء أول من أمس الثلاثاء، بيانا مشتركا، تضمن إشادة أميركية بدور الملك محمد السادس في إرساء "إصلاحات جريئة وذات حمولة كبيرة على مدى العقدين الماضيين"، إلى جانب إعلان اتفاق البلدين على تنسيق جهودهما للتصدي لمحاولات ايران مدّ نفوذها في المنطقة، "بما فيها في شمال غرب إفريقيا"، كما ناقش الوزيران ما قال البيان إنه الخطر الذي باتت تمثله ايران ووكلائها.
واتفق كل من وزير الخارجية الأميركي ونظيره المغربي على مواصلة التعاون لخدمة المصالح المشتركة في حماية الاستقرار والقضاء على الجماعات الإرهابية، سواء منها تلك التابعة لتنظيم القاعدة أو لتنظيم "داعش". وقدّم بومبيو شكرا خاصا للمغرب باعتباره شريكا في نشر الاستقرار، ولأدواره "الرائدة" في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، ولدوره الدائم داخل التحالف الدولي للقضاء على "داعش".
وقالت وكالة الانباء الجزائرية، إن مسودة مشروع القرار، كما سلّمتها واشنطن لمجلس الأمن الدولي، تنص على "تجديد عهدة البعثة المكلفة بتنظيم استفتاء لتقرير المصير بالصحراء الغربية الى غاية 31 اكتوبر 2020".
وعلّقت الوكالة الجزائرية على هذه الخطوة بالقول: "يبدو أن واشنطن تعطي الوقت اللازم للمبعوث الشخصي المقبل للأمين العام الأممي من أجل إعادة وضع مسار السلام على السكة، سيما بعد استقالة المبعوث الشخصي السابق هورست كوهلر".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قد قال في تقريره الموجه إلى مجلس الأمن الدولي مستهل الشهر الحالي، إنه ما زال هناك نقص كبير في الثقة بين كل من المغرب وجبهة "بوليساريو" التي تسعى للانفصال في الصحراء.
وأوضح غوتيريس، في تقريره، أنه وعلى الرغم من تصريحات كل منهما، "لا يبدو أن لدى المغرب ولا لدى جبهة البوليساريو ثقة في رغبة الطرف الآخر في الانخراط بجدية وتقديم التنازلات اللازمة للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين، يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره".
وشدّد الأمين العام للأمم المتحدة في الوثيقة انفسها على أنه "ورغم ما سلف، يعتقد أن لدى الطرفين الكثير من المصالح المشتركة التي ينبغي أن تشجعهما على العمل معا، ولذلك فإنني أحث الطرفين على أن يبديا بجدية ما يدلّ على حسن النية ويثبت استعدادهما لإحراز تقدم نحو التوصل إلى حل سياسي للنزاع، وأن يمتنعا عن الخطاب الذي يؤثر سلبا في جهود التوصل إلى هذا الحل".
كما عبّر الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه تجاه تدهور حالة حقوق الإنسان وتنامي الخروقات، سواء من جانب السلطات المغربية التي تسيطر عمليا على القسم الأكبر من الإقليم المتنازع عليه، ومن جانب القوات التابعة لجبهة "بوليساريو" التي تتخذ من منطقة "تندوف" جنوب الجزائر مقرا لها.
وعبّر غوتريس عن قلق مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الإقليم إزاء ما يردها من تقارير تفيد بالاستمرار المنهجي للقيود التي تفرضها السلطات المغربية "على الحق في حرية التعبير والحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات في الصحراء الغربية".
وكشف التقرير تلقي المفوضية الأممية معلومات تفيد بأن مدافعا عن حقوق الإنسان ومدونا مهتما بتوثيق انتهاكات حقوق الانسان في المنطقة، قد تعرضا للمضايقة والاعتقال والاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة من جانب قوات الأمن التابعة لجبهة "بوليساريو".