وتعني الاستثناءات التي منحها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وشرحها متحدّث باسم الخارجية الأميركية، رداً على تساؤلات لـ"رويترز"، أنّ المسؤولين من دول مثل العراق، الذين قد تكون لهم تعاملات مع الحرس الثوري الإيراني، لن يكونوا عرضة بالضرورة للحرمان من الحصول على تأشيرات سفر أميركية.
وستتيح الإعفاءات من العقوبات الأميركية أيضاً لمؤسسات أجنبية لديها تعاملات في إيران، حيث يمثل الحرس الثوري قوة اقتصادية كبرى، ومنظمات إنسانية تعمل في مناطق مثل شمال سورية والعراق واليمن، بأن تمارس مهامها دون خوف من الوقوع بشكل تلقائي تحت طائل القوانين الأميركية بشأن التعامل مع منظمة إرهابية أجنبية.
لكن الحكومات الأميركية أتاحت استثناء إضافياً يتمثّل في الحق في فرض عقوبات على أي فرد في حكومة أجنبية أو شركة أو منظمة غير حكومية يقدم "الدعم المادي" لمنظمة أجنبية تصنّفها الولايات المتحدة إرهابية.
والإجراء هو الأحدث في إطار النهج المتشدد الذي تتخذه الولايات المتحدة تجاه إيران؛ حيث تصر على سبيل المثال على أن تصل كل مشتريات النفط الخام من إيران إلى مستوى الصفر، كي تقدم إعفاءات تتيح لمستوردي النفط الإيراني، الاستمرار في شرائه.
"لماذا يتسم الأمر بالغموض؟"
صنّف بومبيو الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، في 15 إبريل/نيسان، مما أثار مشكلة للأجانب الذين يتعاملون معه ومع شركاته، وللدبلوماسيين الأميركيين والضباط العسكريين في العراق وسورية الذين قد يتعامل ممثلون لهم مع الحرس الثوري.
وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين إنّ القرار أثار حالة من البلبلة بين المسؤولين الأميركيين الذين لم تكن لديهم في بادئ الأمر أي إرشادات بشأن كيفية العمل، وبشأن ما إذا كان لا يزال مسموحا لهم بالتعامل مع مثل هؤلاء الممثلين.
ويمثل هذا القرار أول مرة تصنف فيها الولايات المتحدة جزءاً من حكومة أخرى ذات سيادة، على أنه منظمة إرهابية.
ودأب المسؤولون الأميركيون على إبداء مخاوفهم من أن يتسبّب التصنيف في تعرّض القوات الأميركية للخطر في أماكن مثل سورية أو العراق، حيث إنّ تلك القوات قد تعمل في منطقة قريبة من عمل جماعات متحالفة مع الحرس الثوري الإيراني.
وقال مسؤولان أميركيان، طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إنّ مكاتب وزارة الخارجية الأميركية في الشرق الأدنى وجنوب ووسط آسيا، أرسلت مذكرة مشتركة إلى بومبيو قبل التصنيف تعبّر فيها عن المخاوف بشأن التأثير المحتمل، لكن تم دحض تلك المخاوف.
وقال مساعد بالكونغرس إنّ الإجراء استند أيضاً إلى اعتراضات من وزارتي الدفاع والأمن الداخلي.
وصرح متحدّث باسم وزارة الخارجية رداً على سؤال عن التبعات التي قد تواجهها دول حليفة للولايات المتحدة إذا أجرت اتصالات مع الحرس الثوري الإيراني، بأنّ "الدخول فقط في محادثات مع مسؤولين من الحرس الثوري الإيراني لا يمثل بوجه عام أنشطة إرهابية".
وأضاف المتحدث، الذي رفض الكشف عن اسمه، أنّ "هدفنا النهائي هو حمل دول أخرى وكيانات غير حكومية على التوقف عن إبرام تعاملات مع الحرس الثوري"، لكنه لم يحدد الدول أو الكيانات المستهدفة.
وفي سياق منفصل، ذكر التلفزيون الرسمي الإيراني، يوم الأحد، أنّ المرشد الإيراني علي خامنئي، عيّن البريغادير جنرال حسين سلامي قائداً جديداً للحرس الثوري، خلفاً للبريغادير جنرال محمد علي جعفري.
واستثناءات بومبيو مصممة على ما يبدو للحد من المسؤولية القانونية للحكومات الأجنبية والشركات والمنظمات الأهلية، بينما تترك المجال مفتوحاً لمعاقبة أفراد داخل تلك الجهات على دعمها للحرس الثوري.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية: "في إطار إعفاء المجموعة الأولى، حدد الوزير بوجه عام، مع استثناء مهم واحد، أنّه لن يتم التعامل مع وزارة أو قسم أو جماعة أخرى، أو أي جماعة فرعية بأي حكومة أجنبية باعتبارها منظمة إرهابية من الفئة الثالثة".
والجماعة الإرهابية من الفئة الثالثة؛ هي جماعة لا تصنّفها الولايات المتحدة رسمياً كمنظمة إرهابية أجنبية، ولا تدرجها كجماعة إرهابية في قوانين أخرى، لكن تعتبرها واشنطن منخرطة في "نشاط إرهابي"، ومن ثم قد تمنع أعضاءها من دخول الولايات المتحدة.
وقال مساعد في الكونغرس، ومحاميان سابقان في الخارجية الأميركية، إنّ الإعفاء يهدف على ما يبدو إلى ضمان عدم إضفاء صفة "منظمة إرهابية أجنبية" بشكل تلقائي على باقي أجهزة الحكومة الإيرانية، ومسؤولين من حكومات شريكة مثل إيران وعمان التي قد ترتبط بتعاملات مع الحرس الثوري.
وينص القانون الأميركي على أنّ أي فرد يقدّم "دعماً مادياً" لجماعات إرهابية عرضة لعقوبات موسعة. ويقدّم موقع وزارة الأمن الداخلي تعريفاً موسعاً للدعم المادي؛ يشير إلى أنّه قد يشمل أي شيء من توفير المال والنقل والوثائق المزورة، إلى تقديم الطعام والمساعدة في إقامة خيام أو توزيع مواد أدبية.
وقال محام سابق بوزارة الخارجية، إنّ الإرشادات المقتبسة أعلاه تدل على ما يبدو على أنّه لا ينبغي لمسؤولي منح التأشيرات أن يرفضوا بشكل تلقائي الطلبات من مسؤولي حكومات أجنبية أو شركات قد تكون لها تعاملات مع الحرس الثوري، لكنّه وصف اللغة بأنّها "غير واضحة".
تنبيه مفاجئ أم تغيير في السياسة؟
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية "في إطار إعفاء المجموعة الثانية، حدد الوزير، وبوجه عام، أنّ أي شركة غير حكومية، أو منظمة، أو جماعة توفر دعماً مادياً لأي كيان فرعي لحكومة أجنبية مصنفة كمنظمة إرهابية دولية... لن يتم التعامل معها باعتبارها منظمة إرهابية من الفئة الثالثة".
وأشار مساعد بالكونغرس، إلى أنّ إدارة ترامب ترغب في التلميح إلى أنّها تضغط على إيران باستهداف الحرس الثوري، لكنها لا تعطل دبلوماسية حلفاء واشنطن.
وقال طالباً عدم نشر اسمه: "أشعر أنّ الإدارة (الأميركية) تتطلع إلى تنبيه مفاجئ وليس تغييراً في السياسة. إنّهم لا يتطلعون بالضرورة إلى معاقبة أي فرد. إنّهم يتطلعون إلى إثارة خوف الناس".
لكن وزارة الخارجية أوضحت أيضاً أنها قد تتعقب أفراداً في المجموعات المعفاة. وقال المتحدث "إنّ الإعفاءات لا تفيد أعضاء مجموعة معفاة قدموا هم أنفسهم دعماً مادياً... أو كانت لهم روابط أخرى ذات صلة بمنظمة إرهابية غير معفاة".
وقال المحامي السابق بوزارة الخارجية بيتر هاريل، إنّ "تصنيف المنظمة الإرهابية الأجنبية هذا، شأنه شأن عقوبات أخرى، يأتي بعدد من العواقب غير المقصودة التي إن تُركت تتطور بطريقتها ستضر بالمصالح الأميركية". وأضاف أنّ "الخارجية الأميركية تحاول بطريقة معقولة الحد من تلك العواقب".
(رويترز)