واشنطن تخضع لإسرائيل وترفض تجديد ترخيص مكتب منظمة التحرير الفلسطينية

18 نوفمبر 2017
جاء التهديد من قبل تيلرسون (Getty)
+ الخط -
قررت الولايات المتحدة الأميركية، اليوم السبت، عدم تجديد ترخيص مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وذلك بعيد ساعات من التهديد بإغلاق المكتب في حال رفع دعاوى ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية أو عدم استئناف مفاوضات السلام.

وأعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، عبر فيديو وزعه مكتبه في رام الله، مساء اليوم السبت، قرار الخارجية الأميركية بعدم تمديد فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن.


وقال عريقات في الفيديو: "تلقينا رسالة خطية من وزارة الخارجية الأميركية تفيد بأنهم لن يستطيعوا تمديد مكتب منظمة التحرير في العاصمة الأميركية واشنطن، نظراً لانضمامنا للمحكمة الجنائية الدولية، وطلبنا من الجنائية الدولية أن تحيل جرائم الحرب الإسرائيلية من الاستيطان والأسرى والعدوان على غزة للمجلس القضائي لفتح تحقيق قضائي".

وتابع: "وعليه رددنا على الإدارة الأميركية برسالة خطية قلنا فيها: بحال القيام بإغلاق مكتب منظمة التحرير سنعلق اتصالاتنا مع الإدارة الأميركية بكل أشكالها إلى حين إعادة فتح المكتب، هذا في الوقت الذي تقوم به حكومة بنيامين نتنياهو بهدم البيوت في جبل البابا والأغوار والتهديد بهدم البيوت في كفر عقب قرب القدس، تقوم واشنطن بمكافأة حكومة الاحتلال ونعاقَب نحن، هذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، وهذا أمر يؤدي إلى تقويض عملية السلام".

من جهته، قال مستشار رئيس السلطة الفلسطينية للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، نبيل شعث، لـ"العربي الجديد"، إن "التبرير الأميركي لإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن يهدف لدفع الفلسطينيين للالتزام بعملية سلام لا نعرفها ولا نعرف ما هي"، مؤكداً أن "الفلسطينيين لن يخضعوا للابتزاز، ولن نكون طرفاً في أي عملية سلام إذا قامت إدارة ترامب بإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن".

وأضاف شعث: إن "التبرير الأميركي بأن هذا الإغلاق يأتي حتى نلتزم بالذهاب إلى عملية سلام لا نعرف، حتى الآن، ما هي وما هو محتواها، وبالتالي ليتفضل السيد دونالد ترامب ويقوم بعمل عملية السلام من غير الفلسطينيين باعتبار أنه يستطيع أن يقوم بها دون مشاركتنا".

وتابع: "ترامب يهدد حتى لا نذهب إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهذه أول مرة في حياتي أسمع أن هناك من يعاقب لأنه لجأ إلى المحكمة، نفهم أن من يعاقب هو مرتكب الجريمة وليس الضحية التي تريد أن تشكو إلى المحكمة دولة معتدية محتلة لم تلتزم بالقانون الدولي، هذا موقف غريب جدًا".

ومضى قائلاً: "إذا كان المقصود من هذا كله الابتزاز، فهم لم يبتزونا بشيء، وموقفنا واضح بأنه ليس أقل من دولة فلسطينية على الأرض التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس، لن نذهب إلى عملية سلام لتضييع الوقت".

وشدد على أن "إغلاق المكتب يعني قطع العلاقات بين الفلسطينيين والولايات المتحدة الأميركية، يعني أنه لا يوجد اتصالات بيننا وبينهم، ما يعني أننا لسنا في عملية السلام التي يتحدثون عنها".

ولفت شعث إلى أن "هناك حوارًا دائرًا ما بين مكتب المنظمة والخارجية الأميركية ومجموعة السلام التي تضم المبعوث الأميركي الخاص بعملية السلام، جيسون غرينبلات، ومستشار الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، لبحث الأمر"، منوهًا إلى أنه "لم يطلع بعد على نتائج هذا الحوار".




وتأتي هذه التطورات بعد تهديد وجّهه وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، إلى السلطة الفلسطينية، بأن الولايات المتحدة ستقدم على إغلاق مقر ممثلية منظمة التحرير في واشنطن في حال قامت برفع دعاوى ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، وفي حال لم تستأنف مفاوضات التسوية لحل الصراع.

وقال موقع صحيفة "هآرتس"، اليوم السبت، إن تيلرسون اعتمد على دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أخيراً، الجنائية الدولية للتحقيق في "الجرائم التي تنفذها إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة، في إرسال تهديده بإغلاق المقر".

وأشارت الصحيفة إلى أن الكونغرس الأميركي سنّ عام 1994 قانوناً يفوض الإدارة بإغلاق مقر المنظمة في واشطن، في حال رفعت السلطة الفلسطينية دعاوى ضد إسرائيل أمام المحكمة الدولية.

وبيّنت "هآرتس" أنه نظراً لأن القانون ذاته يمنح الرئيس الأميركي الحق في عدم إغلاق الممثلية في حال اقتنع بأنه يضر بفرص تواصل عملية التسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فإن الإدارة الأميركية اشترطت عدم إغلاق الممثلية باستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة.

وأشارت إلى أن الإدارة الأميركية منحت السلطة مهلة أشهر عدة لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل "بشكل جوهري، وإلا فإنه سيتم إغلاق المقر".

 وقدرت الصحيفة، أن التهديد الأميركي يأتي في إطار الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة على قيادة السلطة لإبداء مرونة إزاء المبادرة التي ستطلقها إدارة ترامب قريباً بشأن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيرة إلى أن ترامب يرى في توفير الظروف لإنجاح المبادرة "هدفاً أعلى".

 وأوضحت الصحيفة أن ممثل منظمة التحرير في واشنطن حسام زملط، الذي كان مستشاراً لعباس، قد نشر على حسابه على "تويتر" فيديو يظهر للتدليل على أهمية الدور الذي تلعبه الممثلية، إلى جانب نشر صورة له مع ترامب في البيت الأبيض.

ونقلت الصحيفة عن مصدر في الخارجية الأميركية قوله، إنه على الرغم من التهديد بإغلاق المقر فإن الولايات المتحدة لا تنوي قطع الاتصالات والعلاقات مع السلطة الفلسطينية، مشدداً على أهمية تواصل هذه الاتصالات.

وشدّد على أنه بمعزل عن مصير مقر منظمة التحرير، فإن الولايات المتحدة مصممة على "عدم الانسحاب من الجهود الهادفة لتحقيق تسوية للصراع"، متمنياً أن يتم الانتهاء من أزمة مقر المنظمة من خلال موافقة السلطة الفلسطينية على استئناف المفاوضات مع إسرائيل.

وأعادت الصحيفة للأذهان حقيقة أن الولايات المتحدة قد حذّرت السلطة الفلسطينية من مغبة تجميد المساعدات المالية الأميركية لها وإغلاق مقر المنظمة في واشنطن، في حال تم رفع دعاوى ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية.

ونقلت "هآرتس" عن مصادر في السلطة الفلسطينية قولها، إن التهديد الأميركي بإغلاق مقر القنصلية "يهدد تواصل الاستراتيجية الفلسطينية القائمة على التخلي عن الكفاح المسلح والتركيز على العمل الدبلوماسي والتعاون مع مؤسسات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من أجل التوصل لتسوية على أساس حل الدولتين".

وفي ردها على التهديدات الأميركية، عبرت الرئاسة الفلسطينية، اليوم السبت، عن استغرابها الشديد من الإجراء الأميركي الأخير بخصوص مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، خاصة أن لقاءات الرئيس محمود عباس، مع نظيره الأميركي، دونالد ترامب، تميزت بتفاهم كامل حول خطوات تمهد لخلق أجواء تسمح باستئناف عملية السلام.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، في تصريح، إن "الجانب الفلسطيني لم يتلقَ أية أفكار رغم مضي أشهر طويلة، ولقاءات متعددة مع الجانب الأميركي، مما يفقد الإدارة الأميركية أهليتها للقيام بدور الوسيط، وانسحابها من مهامها كراعية للعملية السياسية، وذلك من أجل تحقيق السلام الذي وعد الرئيس ترامب بالعمل من أجل الوصول إليه".

وأكد أبو ردينة، أن هذا الإجراء الذي يهدف إلى إغلاق مكتب منظمة التحرير يمثل خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الأميركية - الفلسطينية، الأمر الذي تترتب عليه عواقب خطيرة على عملية السلام، وعلى العلاقات الأميركية - العربية، ويمثل ضربة لجهود صنع السلام، ويمثل كذلك مكافأة لإسرائيل التي تعمل على عرقلة الجهود الأميركية من خلال إمعانها في سياسة الاستيطان، ورفضها قبول مبدأ حل الدولتين.

ويشار إلى أن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي قد أقرت، الأربعاء الماضي، مشروع قانون يلزم السلطة الفلسطينية بوقف تقديم المستحقات المالية لعوائل الشهداء والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

وقد حصل مشروع القانون، الذي ينص على تجميد المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية في حال لم يتم وقف تقديم المخصصات لعوائل الأسرى والشهداء، على دعم جميع أعضاء اللجنة من الديمقراطيين والجمهوريين.

ويصوّت مجلس النواب، في وقت لاحق خلال هذا العام، على مشروع القانون قبل أن يصبح ساري المفعول.

وأشارت صحيفة "جيروسلم بوست" في عددها الصادر، الخميس الماضي، إلى الدور الإسرائيلي في التحريض على سن التشريع، مشيرة إلى أن المشرعين الأميركيين قبلوا الحجة الإسرائيلية القائلة، إن تقديم الدعم المادي لعوائل الأسرى والشهداء "يوجد بيئة تساعد على المس بالمدنيين الإسرائيليين".