فشلت قمة السبع التي اختتمت اعمالها الاثنين في منتجع بياريتس الفرنسي في نزع فتيل التوتر العسكري بين طهران وواشنطن، رغم إجماع أعضاء المجموعة الغنية بضرورة تسوية هذه القضية المهمة للاستقرار الجيوسياسي بمنطقة الخليج الغنية بالطاقة.
وحسب تعليقات نقلتها وكالة فرانس برس، عن مصدر دبلوماسي أوروبي قريب من المفاوضات التي اختتمت أعمالها أمس الاثنين، فإن "المحادثات التي جرت بين قادة مجموعة السبع مع الرئيس دونالد ترامب فشلت في إقناعه بضرورة تخفيف الحظر النفطي على إيران مقابل وقف تخصيب اليورانيوم".
وحسب الوكالة الفرنسية، تناولت المفاوضات التي جرت بين الرئيس الفرنسي ماكرون ووزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف مقترحين لتخفيف التوتر، وهما تخفيف الحظر النفطي على طهران أو تعويضها عن الخسارة التي تكبدتها صادراتها النفطية خلال فترة الحظر.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي زار باريس بدعوة فرنسية قد التقى إلى جانب الرئيس إيمانويل ماكرون بوفدي بريطانيا وألمانيا، في إطار البحث عن تسوية لتوتر الخليج.
ويرى محللون بنشرة "أويل برايس" الأميركية، أن الولايات المتحدة ربما تلجأ خلال الشهور المقبلة إلى فرض مزيد من الحصار النفطي على إيران، عبر سد ثغرات "الحظر الثانوي" على الشركات الصينية التي لا تزال تستورد النفط الإيراني.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت الأسبوع الماضي حظراً على تاجر النفط الصيني زوهاي زين رونغ بسبب تنفيذه صفقات نفطية مع إيران. وهو ما فسره مراقبون، على أنه رسالة بعثت بها واشنطن إلى شركات الطاقة الصينية الأخرى بأنها ستواجه نفس المصير إذا واصلت تعاملاتها النفطية مع إيران.
وحتى الآن لم تتمكن واشنطن من تصفير صادرات النفط الإيراني، كما وعدت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بسبب عدم التزام الصين بالحظر. وحسب تقرير بيانات شركة كيبلر الأميركية لمراقبة الحاويات النفطية، ونشرتها صحيفة " نيويورك تايمز"، فإن إيران لا تزال تصدر نحو 500 ألف برميل يومياً من النفط يذهب معظمها للصين.
على صعيد تشديد الحظر النفطي تقول نشرة "أويل برايس"، إن إدارة ترامب تنوي حظر شركة النفط الوطنية الصينية العملاقة "سي أن بي سي"، وهي خطوة في حال تنفيذها ستمثل تصعيداً خطيراً في الحرب التجارية من ناحية. ومن ناحية أخرى ستزيد من الضغط الاقتصادي والمالي على طهران التي يعيش اقتصادها أسوأ مراحله.
وشركة النفط الوطنية الصينية من كبار شركات الطاقة في الصين، كما أن فرعها شركة "بتروتشاينا"، لديه عمليات نفطية في نيويورك ويتم تداول أسهمها في سوق "وول ستريت". وبالتالي فإن الصين ربما ستنظر إلى هذه الخطوة على أساس أنها تضاف بعد حرب الطاقة إلى أبعاد الحرب التجارية، وترد بعدم التقيد بالحظر النفطي الأميركي.
وعلى الرغم من أن هذا الاحتمال بعيد في الوقت الراهن، إلا أن مصرف "بانك أوف أميركا ـ ميريل لينش"، لا يستبعده.
ويرى المصرف الاستثماري الأميركي، أن الصين ربما تستخدم سلاح استيراد النفط الإيراني لإفساد خطط أميركا الرامية للضغط على إيران، واجبارها على إعادة التفاوض حول الملف النووي.
وحتى الآن يلاحظ أن الرئيس ترامب يتفادى الحرب مع إيران، بسبب المخاطر العديدة والعواقب غير المضمونة له ولحليفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإنما يرغب في تغيير التوجهات السياسية في طهران وتحويلها إلى حليف مهم في صراع الطاقة الجاري بين بلاده وتحالف "موسكو ـ بكين". ولكن بعد نزع برنامج إيران النووي وأذرعها في المنطقة.
وحسب محللين، تتخوف أميركا من التداعيات المترتبة على تحالف إيران مع كل من روسيا والصين، حيث أن هذا التحالف يهدد مصالحها في الهيمنة على ممرات وأسعار وأسواق الطاقة في المستقبل.
وحسب تقرير نشرة "ذا ديفينس أفيرز"، فإن هذا النفوذ المتزايد للصين وحليفتها روسيا في منطقة الخليج، ستكون له تداعيات على تسعير النفط بالدولار، أي ما يطلق عليه "البترودولار".
يذكر أن الصين أسست بورصة للعقود المستقبلية للخامات النفطية بشنغهاي منذ بداية العام الماضي. وترغب بكين في استخدام النفط كغطاء لليوان في سبيل تحويله إلى عملة دولية مثلما فعلت واشنطن في السابق. ويستطيع المتاجرون في بورصة شنغهاي للنفط حالياً مبادلة اليوان بالذهب فيما يعرف بـ"اليوان الذهبي".
وفي ذات الصعيد، ترغب موسكو حليفة بكين في الفكاك من هيمنة الدولار الذي يعرضها لحظر واشنطن، حيث تفاوض الشركات الروسية دول الاتحاد الأوروبي على تسديد فاتورة النفط باليورو كبديل للدولار.
وقد أعلنت شركة "روسنفت" أنها أكملت اتفاقها مع أوروبا على تسوية الصفقات النفطية بالدولار، حسب ما ذكرت رويترز في الأسبوع الماضي.