واردات الجزائر من الأدوية تتخطى الخطوط الحمراء

05 اغسطس 2016
مصنع أدوية في الجزائر (فرانس برس)
+ الخط -
عجزت الحكومة الجزائرية عن فرض منطقها على سوق الدواء في البلاد، حيث لم تنجح في كبح فاتورة استيراد الأدوية في وقت استطاعت تقليص واردات السيارات والإسمنت والحديد.
وحسب أحدث بيانات الجمارك، فقد ارتفعت فاتورة استيراد الأدوية بأكثر من 34% خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من 2015، حيث استوردت الجزائر ما قيمته 1.136 مليار دولار خلال الستة الأشهر الأولى من العام، مقابل 846.6 مليون دولار.
ومن حيث الكم، قفزت الكميات المستوردة بنسبة 22% لتستقر عند 14.588 طنا مقابل 12.232 طنا بين فترتي المقارنة.
وحسب تصنيف المنتجات، بلغت فاتورة الأدوية الموجهة للاستعمال الإنساني 1.07 مليار دولار مقابل 802.15 مليون دولار، أي بارتفاع بلغ 33.2%.
وفيما يخص الأدوية الموجهة للاستعمال البيطري، فقد بلغت قيمة وارداتها 20.54 مليون دولار، مقابل 16.63 مليون دولار، أي بارتفاع 23.53%.
وبالنسبة لواردات المنتجات الصيدلانية فقد قدرت تكاليفها بـ 47.67 مليون دولار، مقابل 27.81 مليون دولار، بارتفاع 71.44%.
وحسب مراقبين، فإن الحكومة الجزائرية ممثلة في وزارة الصحة تبدو عاجزة عن توسيع قائمة الأدوية التي يتم منع استيرادها في الوقت الحالي، في ظل عدم تحقيق الجزائر للاكتفاء الذاتي في مجال تصنيع الأدوية، خاصة أدوية داء السكري وضغط الدم والسرطان، فيما يرحج آخرون فرضية تغول "لوبي" ضاغط على مراكز صنع القرار، والذي حال دون توسيع قائمة الأدوية الممنوعة من الاستيراد.
في نفس السياق يرى رئيس نقابة الصيادلة الجزائريين، مسعود بلعمبري، أنه "يمكن تقليص فاتورة واردات الجزائر من الأدوية إلى أقل من مليار دولار، شرط أن نرفع نسبة تغطية ما يتم إنتاجه محليا من الأدوية للطلب المحلي إلى 70 أو 80% مقابل 30% حاليا".
ولتحقيق هذه النسبة يجب حسب المتحدث ذاته، تشجيع الاستثمار في قطاع صناعة الأدوية وإزالة بعض النقاط السوداء والمتمثلة في نفور رؤوس الأموال من دخول القطاع، وعدم توفر الإرادة في صياغة قوانين جديدة لتنظيم القطاع، وأخيراً مشكل "المقاييس التقيديّة"، التي وضعتها الحكومة قبل ثماني سنوات من الآن.

ويشتكي مصنعو الأدوية في الجزائر من عدة عراقيل تجعل عملية الاستثمار في القطاع مستحيلة وتنفر القطاع الخاص، حيث أضحت عملية استيراد الأدوية أسهل بكثير وتوفر الوقت والمال مقارنة بتصنيعه في الجزائر، وهو ما يؤكده رئيس الاتحاد الجزائري لمتعاملي الصناعة الصيدلانية عبد الواحد كرار.
وقال كرارلـ "العربي الجديد": "عملية الاستثمار تستغرق 3 سنوات بالنسبة للوحدات الإنتاجية المتوسطة، دون احتساب سنة أخرى يتم فيها اتباع مسار آخر لتصنيع المنتجات ووضعها في السوق، وهي مدة يجني فيها المستورد أموالا طائلة".
وأضاف كرار أن سوق الإنتاج عرف تطورا إيجابيا، فقد يسجل نحو 800 مليون دولار.
وفي السياق، يقول رئيس المجلس الجزائري لمهنة الطب وعمادة الأطباء الجزائريين، بقاط بركاني، إنه "يمكن للأطباء أن يساهموا في تقليص فاتورة الواردات من الأدوية، من خلال توصيف أدوية مصنعة محليا، ثم التوجه نحو الأدوية الجنسية".
وأضاف المتحدث ذاته لـ "العربي الجديد" أنه "يجب أن نثق في الدواء الجزائري حتى لا نوقع على شهادة وفاة كل ما هو مُصنع محليا".
وكانت الجزائر قد استوردت سنة 2015 ما يعادل 1.96 مليار دولار من المنتجات الصيدلانية ما مثل 27 ألف طن، في حين استوردت سنة 2014 ما قيمته 2.6 مليار دولار.
وتُظهر هذه الأرقام فشل الإجراءات التي أقرتها الحكومة الجزائرية منذ منتصف سنة 2015، والرامية إلى ترشيد واردات الأدوية، في مقدمتها تحديد قائمة المنتجات الصيدلانية للاستعمال الإنساني والمعدات الطبية المنتجة بالجزائر، والتي تُمنع من الاستيراد، أضافة إلى منع استيراد 357 دواء مركبا من الأقراص والكريمات والمراهم الجلدية والإبر ومراهم أمراض العيون والشراب يمكن تصنيعها في الجزائر، بالإضافة إلى قائمة أخرى تضم 11 تجهيزا طبيا مصنّع محليا، والتي مُنعت أيضا من الاستيراد على غرار الإبر والكمدات والضمادات وبيكاربونات الصوديوم من أجل تصفية الكلى.
وتسعى الحكومة لتحجيم الواردات بعدما لجأت إلى الإنفاق من احتياطي النقد الأجنبي، لتغطية عجز الخزينة، مما أدى إلى تراجعه بنسبة 22% في نحو عامين ونصف العام، ليبلغ 139 مليار دولار في مايو/أيار 2016، مقابل 153 مليار دولار نهاية 2015، و178 مليار دولار نهاية عام 2014.

دلالات
المساهمون