يرى كثيرون أن البوب آرت لم يخرج، منذ ظهوره في خمسينيات القرن الماضي، عن النظرة الأميركية تجاه الفن باعتباره تمثيلاً للواقع وعامة الناس، وأنه لم يحظ بالانتشار والقبول اللذين نالهما في الثقافة الأنكلوفونية عموماً، وظلّ حضوره أقلّ أهمية في ثقافات أخرى مع إصرار فنانين أوروبيين على منحه أبعاداً فلسفية وجمالية مختلفة.
تركّزت معظم أعمال هذا الاتجاه على استثمار الصورة الفوتوغرافية وربما حظي بعض المشاهير بعدد كبير من البورتريهات التي رسمها فنانو البوب لهم مثل مارلين مونرو وإليزابيث تايلر، مع محاولات لآخرين في الجمع بين النحت والفوتوغراف واستخدام بقايا الأشياء والمهملات في أعمال إنشائية أو عرض مواد مستخدمة كما هي.
"حلّق مع النجوم" عنوان المعرض الذي افتتح مساء أمس الإثنين في "غاليري أنيما" في الدوحة للفنان الكوري الجنوبي هيونغ كو كانغ (1954) ويتواصل حتى الثامن عشر من حزيران/ يونيو المقبل، والذي يضمّ العديد من البورتريهات لشخصيات سياسية وفكرية وفنية رسمها خلال تجربته الممتدّة لأكثر من ثلاثة عقود.
تتناول اللوحات المعروضة ملامح الوجه حصراً، وتبدو العينان العنصر الأكثر جذباً سواء في دوران البؤبؤ، أو في حركة الجفون واتساعها وإغلاقها، أو في طبيعة النظرة التي توجهها للمتلقي، وهي سمة لازمت كانغ منذ بداية مشواره، في محاولة لتقديم هذه الوجوه كما لو أنها نابضة بالحياة.
يعرض كانع رسومات للممثلة البريطانية أودري هيبورن، والأميرة ديانا، والرئيس الأميركي أبراهام لنكولن، وعالم الفيزياء الألماني أينشتاين، والفنانيْن الإيطالييْن مايكل أنجلو وليوناردو دا فينشي، والفنان الأميركي آندي وارهول، والفنانيْن الإسبانييْن بابلو بيكاسو وسلفادور دالي، والفنان الهولندي فنست فان غوخ، والمهاتما غاندي.
يتبنى الفنان الواقعية الحديثة ضمن البوب الآرت، حيث لا يقدّم محاكاة لصورة الشخصيات التي يرسمها، إنما يقدّم تخيلاً جديداً لها يُشعر المشاهد أنه ينتمي إلى الواقع أيضاً عبر محاولة أنسنته والبحث في جانب آخر لم يظهر في شخصيته مثل البحث عن روح الفكاهة في أناس لم يتخلّوا عن جديتهم، أو الرغبة في الحياة لدى آخرين كانوا زاهدين فيها.
يقول بيان المعرض: "رغم أن أعمال كانغ ليست تصويرات ترفيهية صريحة، فإن لوحات البورتريه التي تُنفذ ببراعة على ألواح من القماش والألمنيوم تنتمي بوجه عام إلى نوع الرسم والنحت المُشار إليه باسم الواقعية فائقة الدقة".
ويقدّم تان بون هوي، مدير في "متحف سنغافورة للفنون"، المعرض بقوله: "تستثير صور الفنان استجابات عاطفية من المشاهدين، لا بسبب كبر حجمها وتلوينها بألوان صافية فحسب، بل أيضاً بسبب اقتصاصها المُحكم بدقة. وكأن هذا النوع من الاقتصاص وإعادة التأطير موروثات باقية من التصوير الفوتوغرافي إلى الرسم".