هيومن رايتس ووتش: إجلاء جماعي قسري للاجئين سوريين في لبنان

20 ابريل 2018
يتم الإجلاء بسبب جنسيتهم أو دينهم (Getty)
+ الخط -
قالت  منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن 13 بلدية في لبنان على الأقل، أجلت قسرا 3664 لاجئاً سوريا على أقل تقدير من منازلهم وطردتهم من البلديات، بسبب جنسيتهم أو دينهم، بينما لا زال 42 ألف لاجئ آخرين يواجهون خطر الإجلاء.

وأكدت المنظمة في تقريرها الصادر اليوم الجمعة، بعنوان "منازلنا ليست للغرباء: البلديات اللبنانية تُجلي آلاف اللاجئين السوريين قسرا"، عدم تناسق الأسباب التي تقدمها البلديات لطرد السوريين، وعدم حماية حقوق اللاجئين من قبل الحكومة اللبنانية.

وبحسب مسؤولين في الأمم المتحدة، جرت 3664 عملية إجلاء منذ 2016 وحتى الربع الأول من 2018. بينما يقدم المسؤولون البلديون اللبنانيون أعذارا واهية بأن الإخلاءات حصلت بسبب عدم احترام قوانين السكن، وقد بينت المنظمة أن التدابير التي اتخذتها البلديات استهدفت المواطنين السوريين مباشرة وحصرا، دون المواطنين اللبنانيين أو أشخاص من جنسيات أخرى.

وقال بيل فريليك، مدير برنامج حقوق اللاجئين في المنظمة وكاتب التقرير: "البلديات لا تملك التبرير الشرعي لإجلاء اللاجئين السوريين قسرا إن كان هذا الأمر يحصل على أسس تمييز وفق الجنسية أو الدين".

وتابع "إجلاء أي لاجئ سوري، أو أي شخص آخر، يجب أن يكون على أساس فردي ولأسباب شفافة، قانونية، ومتناسبة وفق إجراءات سليمة".

وقابلت المنظمة 57 لاجئا سوريا تأثروا بالإخلاء، بالإضافة إلى مسؤولين بلديين وخبراء قانونيين، وبينت أن جميع السوريين الذين تم إجلاؤهم والذين تمت مقابلتهم مسلمون، مع العلم أن منظمات إنسانية سجّلت إجلاء سوريين مسيحيين أيضا. وعزا معظم من تمت مقابلتهم أحد أسباب إخلائهم إلى ديانتهم.

ونشرت "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" أرقاما في 13 إبريل/نيسان تقدر أنه تم إجلاء حوالي 13700 سوري في 2017. ولا تتضمن هذه الأرقام الإخلاءات البلدية الـ3664 فقط، بل أيضا الإجلاءات التي حصلت بسبب عدم التمكن من دفع الإيجار أو خلافات مع المالك أو بسبب خيارات المالك، بالإضافة إلى الإجلاءات بسبب "الأمان والأمن".

وأخبرت وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية المنظمة، أنه تم إجلاء 7524 سورياً من محيط مطار رياق العسكري في 2017، وينتظر 15126 آخرون تنفيذ أوامر الإجلاء.

ووفقا للتقرير، أدت إخلاءات البلدية إلى خسارة اللاجئين مدخولهم وممتلكاتهم. كما عطلت تعليم أولادهم، وأدت في بعض الحالات إلى غياب الأطفال عن المدرسة لشهور أو حتى تركها نهائيا.

وفي بعض الحالات، قال السوريّون إن السلطات استخدمت العنف لإجلائهم. ولم تقدم السلطات البلدية أي فرصة للاجئين بالاعتراض على قرار إخلائهم أو حتى إجراءات الحماية القانونية الأخرى وفق المعايير الدولية.

وأوضح التقرير، أن النقص في الدعم الدولي أدى إلى تفاقم إرهاق لبنان بسبب استقبال اللاجئين، الذين طالبت الأمم المتحدة بالحصول على مساعدات دولية بقيمة 2 مليار دولار أميركي لتلبية احتياجاتهم سنة 2017، لكن لم يؤمَّن سوى 54 في المائة من التمويل مع حلول ديسمبر/كانون الأول 2017، كما شددت على أن يجعل مؤتمر "مجموعة أصدقاء سورية" في بروكسيل في 24 و25 إبريل/نيسان 2018، والذي يستضيفه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، حماية حقوق اللاجئين ومشاركة المسؤولية في تأمين احتياجاتهم من المساعدات الإنسانية أولوية.

وأوضح التقرير أنه بعد مرور 7 سنوات على الأزمة في سورية، يستقبل لبنان مليون لاجئ سوري مسجل، وهو أعلى عدد في العالم بالنسبة إلى عدد السكان. وحصلت الإخلاءات البلدية بينما تصاعدت دعوات السياسيين وآخرين إلى عودة السوريين إلى سورية.

وقال محمود (56 سنة)، الذي يعيش في زحلة منذ 2012، إن عناصر من شرطة البلدية ركلوا باب منزل أسرته وقرعوه بعنف في أغسطس/آب 2017 طالبين رؤية أوراقهم، بما في ذلك أوراق الإقامة القانونية في لبنان وعقد إيجار المنزل وأوراق الأمم المتحدة.

وأضاف أن شرطية من البلدية "جعلتنا نوقّع ورقة تجبرنا على مغادرة المنزل، ولكن ما قالته هو إنه كان علينا مغادرة زحلة والعودة إلى سورية. فأجبتها بأنني أتمنى العودة إلى سورية ولكنني لا أستطيع".

وأوضح التقرير أن الإخلاءات الجماعية التي طاولت اللاجئين السوريين بشكل متزايد في الربع الأخير من 2017 لا تظهر أي دليل على أنها جزء من خطة وطنية متناسقة، بل هي ردة فعل خاصة من بعض البلديات التي– باستثناء بلدية تمنين التحتا– تدير بلدات ذات غالبية مسيحية.

ودعت المنظمة السلطات الحكومية اللبنانية المعنية، ومنها وزارة الداخلية والبلديات، إلى أن تتدخل لمنع سوء معاملة البلديات للاجئين السوريين، وضمان عدم بقائهم بلا مأوى ومعوزين بسبب أفعال غير قانونية.


وقال فريليك: "على الدول المجتمعة في مؤتمر أصدقاء سورية زيادة الدعم المقدم إلى لبنان، ليتمكن من الالتزام بواجباته القانونية والإنسانية تجاه اللاجئين. من جهتهم، على المسؤولين اللبنانيين الحد من الخطاب الذي يشجع أو يبرر الإخلاء القسري والطرد، وغير ذلك من سوء المعاملة والتمييز بحق اللاجئين السوريين في لبنان".

 (العربي الجديد)

دلالات
المساهمون