هيا نموت

26 نوفمبر 2014
+ الخط -
عادت الثلوج إلى رؤوس الجبال في لبنان، وبات يُمكن للمعلمين في الصفوف الابتدائية الطلب من التلامذة الكتابة عن "رحلة عائلية إلى الثلج". احتفل اللبنانيّون بهذه الثلوج. هم يُدركون أن عدم سقوطها سيؤدي إلى صيف آخر جاف، مثل الصيف الذي مرّ، عندما تحوّل أصحاب صهاريج بيع المياه إلى "حاكمين ومتحكمين بالعباد".

لكن مشهد الطوفان الذي عانت منه الطرقات الرئيسيّة في العاصمة اللبنانيّة، طغى على مشهد الثلج. يتكرر هذا الطوفان كلّ عام عند أول "شتوة". وكلّ عام، يتبادل الوزراء والمسؤولون الاتهامات حول المسؤوليّة. طبعاً لا يتغيّر أي شيء. لا تُنظف قنوات تصريف المياه قبل هطول الأمطار، ويُترك الأمر إلى الأمطار لتقوم بهذا العمل. عامل جديد أضيف إلى الصور ومانشيتات الصحف والتقارير التلفزيونية؛ لم يعد الأمر مقتصراً على "الجنرال الأبيض".
العبارة التي تتكرّر كلّ عام، مع ما تحمله من ربط بين مشهد جميل والعسكر.

العنصر الجديد، هو اللاجئون السوريون. يعيش هؤلاء في لبنان في ظروف أقلّ من إنسانيّة. في العامين السابقين، خرجت مبادرات شبابيّة جمعت تبرعات لتأمين ثياب وأحذية شتوية للأطفال، إضافة إلى وسائل تدفئة.

ليل الأحد ــ الاثنين، توفّيت طفلة في عرسال، شرقي لبنان. لاجئة سورية يبلغ عمرها أشهراً وليس أكثر. قتلها البرد. لم يخرج أي صوت غاضب. فالسوريون في عرسال إرهابيون، أليس كذلك؟ هذه الطفلة، بعينها، كانت ستكون انتحاريّة. هي بذاتها كانت ستكبر، وتتزوج وتحمل بجنين إرهابي. لم يتفاعل الرأي العام اللبناني مع خبر موت الطفلة، وجاءت ردّة فعل وسائل الإعلام بمستوى تجاهُل الرأي العام.

يستقيل اللبنانيّون من الشأن العام، بسبب الإحباط واليأس. هذا شأن خاص بالمحبَطين. أما الاستقالة من الشعور، ومن الحد الأدنى من التفاعل الإنساني، فليس شأناً خاصاً. الاستقالة من هذا المجال، لا يُمكن لنتائجها اللاحقة أن تكون حميدة. 

ماتت الطفلة السورية، يُمكننا الآن العودة والحديث عن "الجنرال الأبيض". بالمناسبة، قريباً سيزور هذا "الجنرال" بلدات لبنانيّة على ارتفاع 1200 متر، وستعود الحياة لمنتجعات التزلج، التي لا يُمكن أن تستقبل روادها بلا اليد العاملة السورية.
دلالات