هوامش حول معركة لم تحدث في تل أبيض

24 يونيو 2015
القوات المقاتلة، من عربية وكردية، تشاركت أوزار الانتهاكات(فرانس برس)
+ الخط -
ملاحظات عديدة يمكن تسجيلها على هامش التطورات في مدينة تل أبيض السورية ومحيطها، بعدما تصدرت الأخبار عقب سيطرة "وحدات حماية الشعب الكردية" وقوات من المعارضة عليها.
أبرز هذه الملاحظات أنه لم تجر معركة بالمعنى الحقيقي للكلمة في تل أبيض وقراها التي تعد 630 قرية، وكان تنظيم "داعش" مرتاحاً في تنفيذ انسحاباته المتتالية.
في تل أبيض أيضاً، حدثت حالات تهجير قامت بها "وحدات حماية الشعب" (الكردية)، وحالات منع لبعض السكان من العودة إلى بيوتهم بعد أن تعبوا من محاولات الوصول إلى تركيا، ولا سيما أن "داعش" أصبح غير موجود في مدينة تل أبيض وما حولها.
ولا يزال ناشطون يرصدون في كل يوم انتهاكات جديدة، من تهجير، وتعفيش (السطو على الأثاث المنزلي)، إلى إهانات متكررة.

اقرأ أيضاً: لجنة تحقيق الائتلاف تباشر عملها في تل أبيض

لكن لا دليل على أن ذلك كان ممنهجاً. القوات الكردية أنكرت حدوث ذلك، وبررت منع الناس من العودة بالضرورات الأمنية.
مع ذلك، لا توجد حادثة واحدة ترقى إلى مستوى التطهير العرقي، بينما أخذت الانتهاكات، كحالات فردية، شكلاً انتقامياً عاماً كرد متأخر على ما تعرض له الأكراد في تل أبيض عندما احتل داعش المدينة والمنطقة. أما ذريعة الانتهاكات فهي تهمة "داعشي".
ما يجب التوقف عنده أيضاً أن القوات المقاتلة، من عربية وكردية، تشاركت أوزار الانتهاكات بحق السكان في القرى. وحدث ذلك بشكل مبكر جداً، بعدما اطمأنت المليشيات الكردية والعربية إلى هرب "داعش" بدون معارك حقيقية أو اشتباكات.
وفي غياب الصحافة، عموماً، والاستقصائية منها خصوصاً، وفي هذا الجو غير الخطير على المقاتلين، على غير المتوقع، سرت الشائعات. وأججت مواقع التواصل الاجتماعي أجواء من الكراهية على خلفيات سياسية وعرقية طائفية بين الأكراد والعرب. الأكراد نتيجة نشوة نصر لم يحدث، والعرب نتيجة خذلان وخوف مما قد يأتي.
على خلفية ما حدث ويحدث في تل أبيض، تخيل متابعون إنشاء دولة كردية تضم تل أبيض ذات الأكثرية العربية.
هذه "الدولة" المتخيلة ستحول بين سورية وتركيا، ما يعني عدم وجود حدود مشتركة بين الدولتين. الأكثر خيالاً هو ما يصدر عن الأكراد بمن فيهم السياسيون، إذ يرى هؤلاء أن "كردستان التاريخية" تبدأ من البحر المتوسط، ولا تنتهي في الشرق سوى في غرب إيران حيث "جمهورية مهاباد".
الخوف والحذر قديم بين المكونين العربي والكردي، واتهام الآخر بالشوفينية له جذور قديمة بين المكونين السوريين الأكبرين في الجزيرة وشمال حلب. ذلك الخوف والحذر المتبادل شعبياً ذهب بالعنصريين إلى خوف من الأنظمة الحاكمة المتعاقبة في سورية، ولا سيما في عهدي حافظ الأسد وابنه بشار.
الآن، لا سلطة تحمي العرب، على فرض أن النظام كان يحميهم من قبل. لكن للأكراد الآن من يحميهم، بالسلاح والسياسة، داخل الحدود وخارجها، بل ومن الفضاء أيضاً. فالمقاتلون الأكراد، إضافة إلى الحشد الشعبي في العراق، هما الوحيدان الجديران بثقة أميركا والدول المتحالفة معها للقضاء على "داعش"، بينما لم يبق للعرب إلا أنفسهم كي يهربوا بها من ساحات الموت.

اقرأ أيضاً: تل أبيض السورية تنتظر سكانها ومجلس إدارتها
المساهمون