هواجس موريتانية حول المشاركة العسكرية في حرب اليمن

22 أكتوبر 2015
تنوي موريتانيا إرسال 700 جندي إلى اليمن (فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من عدم الإعلان رسمياً حتى الآن عن إرسال قوات موريتانية إلى اليمن، فضلاً عن عدم الكشف عن حجمه وطبيعة المهام التي يفترض أن توكل إلى هذه القوات، إلّا أنّ هواجس موريتانية عدة بدأت تظهر منذ تسريب أنباء عن وجود اتفاق موريتاني سعودي على إرسال هذه القوات خلال الفترة المقبلة.

وتعزّز الزيارة التي قام بها الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، قبل أيام إلى السعودية، ما كشفت عنه، في وقت سابق، "العربي الجديد"، عن خطط موريتانية للمشاركة بقوات عسكرية في التحالف العربي في اليمن، وخصوصاً مع بدء دخول قوات عربية استعداداً لمعركة برية لتحرير بقية المدن اليمنية من قبضة مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. وتلا الزيارة الرئاسية وصول وفد عسكري سعودي إلى موريتانيا برئاسة مساعد وزير الدفاع، عبد الله بن محمد العايش، أجرى محادثات مع الرئيس الموريتاني ووزير الدفاع جالو ممادو باتيا وقائد أركان الجيش محمد ولد محمد أحمد الغزواني.

ويؤكد مصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، أنّ الطرفين (السعودي والموريتاني) اتفقا خلال اللقاءات على استكمال التجهيزات الفنية ووضع الترتيبات اللازمة لإرسال قوة عسكرية موريتانية إلى اليمن، مؤلفة من 700 جندي، تلقّوا تدريبات في المدرسة العسكرية في مدينة أطار، وسط موريتانيا، لافتاً إلى أنّ الوفد السعودي جاء لتنسيق المهمة مع الجانب الموريتاني.

ويرى مراقبون أنّ الخطط الموريتانية التي تكمن في إرسال قوة موريتانية إلى اليمن، تشير إلى تحوّل في العلاقات الموريتانية السعودية، يتجاوز الطابع البروتوكولي إلى مستوى التحالف العسكري والاستراتيجي، بعد سنوات من العلاقات التي وُصفت بـ"المتأرجحة".
وقد ترافقت التسريبات عن الاتفاق العسكري الموريتاني السعودي مع تسريبات أخرى عن أنّ المملكة تتجه إلى تقديم مساعدات اقتصادية مهمة لموريتانيا، فضلاً عن تسديد ديون موريتانيا للكويت المتراكمة منذ عقود.


ويعتبر المراقبون أنفسهم، أنّه في المقابل، يدلّ التحرك العسكري الموريتاني على تراجع في العلاقات الموريتانية الإيرانية، والتي شهدت تحسناً لافتاً خلال السنوات الأولى من حكم الرئيس ولد عبد العزيز، إذ افتتحت إيران سفارتها في موريتانيا، وقام ولد عبد العزيز بزيارة إلى طهران، تعتبر الأولى لرئيس موريتاني منذ عقود عدّة. كما قدّمت إيران مساعدات اقتصادية وقروضاً لموريتانيا، شملت مجالات عدة، لا سيما في قطاع النقل البري.

والملفت أنّ القوى السياسية الموريتانية المعارضة، لم تعلّق حتى الآن بشكل رسمي على الأنباء المتعلقة بإرسال قوة عسكرية موريتانية إلى اليمن، إلّا أنّ بعض النشطاء السياسيين المعارضين عبّروا عن آرائهم على صفحاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وكتبت القيادية البارزة في حزب "تكتل القوى الديمقراطية" المعارض، منى بنت الدي، "لو كان لنا حكم مدني منتخب ويعرف أنّ الشعب والجيش يحاسبانه، لما فكّر في بيع فرقة من جيشنا، لكنني أعتقد دائماً أنّ الحكم العسكري يظلم المدنيين والعسكريين معاً".

اقرأ أيضاً: قوة عسكرية موريتانية تنضم لقوات "التحالف العربي" في اليمن

من جهته، يشير الكاتب الصحافي محمد الأمين سيد مولود، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الحرب في اليمن أهلية، بغض النظر عن أسبابها، وأبرزها الظلم والدكتاتورية ثم الصراع الطائفي، وبعده التدخل الإقليمي والتجاذبات بين القوى اللإقليمية الرئيسية هناك، ومن خلفهما القوى الدولية كأميركا وروسيا"، قبل أن يؤكد أن "التورط في هذه الحرب، مغامرة سيكون ثمنها غالياً من دماء جنودنا ومن استقرارنا السياسي والأمني".

ويطالب الصحافي الجميع بمعارضة "إرسال جنودنا إلى اليمن"، مضيفاً "لا نريد صناديق مغطاة بالعلم الوطني تحمل جثث فلذات أكبادنا. ولا نريد ثكالى وأرامل ينتحبن أمام الشاشات وفي غرف الاستقبال في المطارات، ولا نريد أيتاماً يحرمون من دفء آبائهم".

في المقابل، يتساءل الباحث السياسي، إسماعيل ولد الشيخ سيديا، عن "السبب الذي يمنع من إرسال جنود موريتانيين لصنع السلام في اليمن برعاية الجامعة العربية، في حين أنّه تمّ إرساله إلى ساحل العاج لحفظ السلام برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي"، على حد قوله.

ويوضح ولد الشيخ سيديا في حديث لـ"العربي الجديد" أن "المملكة العربية السعودية شريك استراتيجي لكل الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن الدولي، كما أنّها جهّزت جيشنا، أكثر من مرّة، وكانت حاضرة في جميع مراحل مسيرة الدولة الموريتانية المستقلة، ولا أعتقد أن مساندتها في إخماد نار بين الأشقاء على حدودها، إلا القليل في حق هذا البلد".

ويضيف الباحث السياسي أنّه "إذا قررت قيادة الجيش الموريتاني الدخول بقوات في عملية عاصفة الحزم بعد سبعة أشهر من انطلاقتها، فسيكون قراراً سليماً بالمعايير الدبلوماسية والسياسية وحتى الاستراتيجية". ويضيف "علينا أن نساهم قدر المستطاع في إحلال السلام في اليمن الشقيق". ويذكّر ولد الشيخ سيديا بأن "المغرب ساهم بأسطوله الجوي المقاتل وفقد طياراً وطائرته"، قبل أن يقول "لقد تأخرت خطوتنا كثيراً بعد الدعم المبكر الذي أعلنّا عنه لعملية عاصفة الحزم". ويخلص إلى القول "صحيح أننا دولة الوسيط الدولي الدبلوماسي الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لكننا مدينون للسعودية واليمن والعروبة بأكثر من فرقة عسكرية نسجل من خلالها حضوراً سبقتنا إليه دول".

اقرأ أيضاً: تحضيرات اللحظة الأخيرة قبل معركة تحرير الجوف

المساهمون