هواجس جعجع قبل استحقاق 14 آذار

06 مارس 2014
يرفض جعجع تولي شخصيّة "ضعيفة" رئاسة الجمهوريّة
+ الخط -

طرقت الذكرى التاسعة لانطلاق تحالف 14 آذار باب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. زيارة تلو الأخرى بدأت تسجل من بعض الشخصيات المستقلة في هذا الفريق إلى معراب، مقرّ جعجع، أيقظته من وحدته السياسية. يوم تشكلت الحكومة وتشتّت القرار الموحد لفريق 14 آذار، دخل تيار المستقبل وحزب الكتائب اللبنانية السلطة وبقيت القوات خارجها. جلس الحلفاء مع الخصوم وظلّ جعجع مصراً على موقفه الرافض لأي تسوية مع "القتلة في لبنان وسوريا"، قاصداً حزب الله وحلفاءه.

بعد أسبوع تحلّ ذكرى 14 آذار، والاحتمالات الموضوعة أمام القوات اللبنانية قليلة جداً، وخصوصاً أنّ كلاً من زعيم المستقبل سعد الحريري، ورئيس حزب الكتائب أمين الجميّل، ضيّقا الخناق على جعجع بحجج أمنيّة. الاثنان لن يحضرا شخصياً إلى مجمّع البيال للمشاركة في مهرجان 14 آذار لدواعٍ أمنية. سيخاطبان جمهور "ثورة الأرز" من خلال شاشة كبيرة. قرار وضع جعجع في حيرة من أمره بين ضرورة حضوره الشخصي لمحاولة شدّ عصب هذا التحالف والمحافظة عليه من جهة، والانزلاق إلى موقع المستمع إلى خطباء الزعماء من جهة أخرى، وبين محاولته تكريس نفسه القائد الوحيد المتبقي لقوى 14 آذار والمحافظ على مبادئها وشعاراتها، وبين الخطر الأمني الذي يمكن ان يدهمه بأي لحظة على طريق معراب ــ بيروت. مع العلم أنّ هذا الخطر دفع جعجع وفريقه الأمني إلى تغييرات جذرية على صعيد الحياة اليومية في مقرّ إقامته، تحديداً بعد شعوره بالمراقبة الجوّية من خلال طائرة مراقبة من دون طيّار تحلّق من حين لآخر فوق معراب.

سيختار جعجع بين هذين الاحتمالين. لا يريد للتحالف ان ينكسر، كما أنه لا يريد أن ينكسر شخصياً ويظهر في موقع أضعف من زميليه في قيادة هذا الفريق. فهل تتحوّل الذكرى إلى مهرجان شاشات يكرّس أيضاً ابتعاد قيادة هذا الفريق عن ناسه وجمهوره؟

يكبر خوف جعجع على موقعه في هذه المعادلة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. يأتي الخوف تحديداً من هذين الحليفين. فالرئيس أمين الجميل طموحه دائم للعودة إلى قصر بعبدا. وبالتالي الجميّل قد يكون مستعداً "لبيع نفسه لشيطان السلطة وترك حلفائه وتعديل مواقفه". يواجه جعجع أيضاً رغبة الحريري "العارمة" بالعودة إلى البلد. وبحسب أحد المقربين من جعجع "يريد (الحريري) بأي ثمن كان أن يعود إلى رئاسة مجلس الوزراء". كما أنّ الحريري "قد يسير في صيغة رئاسيّة ويكمل تشاوره غير المفهوم وغير المبرر مع الخصم المسيحي الأول ميشال عون (رئيس التيار الوطني الحرّ)". ويؤكد القواتيون أنّ تيار المستقبل طرح أسماء مستقلة لتولي الرئاسة، من بينها النائب روبير غانم، والوزير السابق جان عبيد، "كما لو أنّ الحريري يبحث عن الأسماء الضعيفة لرئاسة الجمهورية". الأمر الذي فتح باباً خلافيّاً جديداً بين جعجع والمستقبل حول موقع الرئاسة الأولى وقوّة صاحبه. جعجع يريد رئيساً قوياً، ما دفعه إلى تحريك نقاشاته ولقاءات قيادييه مع تيار المردة. فعلى الرغم من كون رئيس هذا التيار، الوزير السابق سليمان فرنجية، من أقوى حلفاء النظام السوري وأكثر المقرّبين من حزب الله، لا يجد جعجع أي مانع في توليه الرئاسة. كما لو أنه يهرب أولاً من ترئيس خصمه الأول عون، ثانياً من ترئيس حليفه الجميّل.

على وقع هذه الأجواء تعيش معراب اليوم، ولو أنّ قراءة جعجع تؤكد أن لا بيان وزارياً للحكومة التوافقية، ولا اتفاق حالياً على اسمٍ لرئيس الجمهورية.
قد تربح القوات اللبنانية ثقة بعض الجمهور المتبقي في 14 آذار، وقد يكسب مبدأيته وثباته على مواقفه، لكنه قد يخسر كل شيءٍ في المقابل. هاجس العزلة السياسيّة وخسارة السلطة كاملة، يغذيان هلع جعجع الذي سبق أن دفع ثمن مكابرته ورفضه التسويات 11 عاماً في زنزانة في وزارة الدفاع، في بداية عهد (رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق) الحريري الأب.