هناء عواد.. فلسطينية تتخلّى عن الطب لصالح التصاميم الفنية

20 يوليو 2015
أمضت هناء تسع سنوات بين دراسة الطب وممارسة المهنة
+ الخط -
هناء عواد، فتاة فلسطينة الأب من أم إنجليزية إيطالية، ولدت في بريطانيا حيث تلقّت تعليمها وتأثرّت بثقافات مختلفة بسبب جذورها الشرقية الغربية.

"كنت صغيرة جداً لاتخاذ القرار الصائب بشأن مستقبلي" تقول هناء في حديث لـ "العربي الجديد"، وتكمل، أنّها بطبيعتها تعشق الابتكار ومجالات الإبداع، في مراهقتها كانت تعمد إلى تزيين الأشياء بما توفّر لديها من أدوات، حتّى خلال حصص الدراسة وداخل الصف كانت ترسم تصاميم على الورق بعد الانتهاء من اختبار ما.

أمضت هناء تسع سنوات بين دراسة الطب وممارسة المهنة، وكانت تفكّر في كثير من الأوقات وتتساءل: "لو لم أكن طبيبة، فما هي المهنة التي قد أختارها؟".

حقّقت هناء رغبتها بعد أن تخصّصت في طب الأطفال الذين استمتعت بالعمل معهم، لكنّها كانت دوماً تشعر بأنّ أمراً ما ينقصها ويخالجها شعور بالحزن. أرادت اكتناه ذاتها، واختلطت عليها الأفكار في أعماقها. وليس مستغرباً أن يتأرجح أي إنسان أمضى أعواماً من حياته في سبيل تحقيق هدف ما، بين البقاء حيث اختار أو خوض عوالم جديدة.

اقرأ أيضاً: دياب مطرب فلسطيني يسعى لنشر ثقافة بلده في العالم

يستسلم غالبية الناس إلى ما آلت إليه ظروف حياتهم ويفضّلون الاستقرار في وظيفة أو حرفة ما، ما دامت توفّر لهم حياة اجتماعية أو اقتصادية ملائمة، ويغضّون النظر عمّا قد يخالجهم من أحاسيس بالملل أو التوتّر أو القلق أو حتى التفكير في مغامرة تطيح ما جهدوا للوصول إليه. والجدير بالذكر أنّ التّخلي عن مهنة بسيطة قد يشكّل مسألة صعبة للكثير منّا، ويتطلّب الأمر شجاعة لاتخاذ القرار. أمّا أن يكون الإنسان طبيباً فتلك قضية تحتاج إلى شخصية قويّة وشفافية وصراحة مع الذات.

امتلكت هناء تلك الجرأة، وبعد صراع امتدّ لسنوات مع ذاتها، بدأ منذ السنة الدراسية الثالثة للطب، أدركت هناء أنّ سعادتها تكمن في فضاءات أخرى بعيدة عن الطب. صارحت والديها بالأمر، خلال فترة دراستها، بيد أنّها تابعت التقدّم في الدرب ذاته، ربّما كي تتجنّب ارتكاب خطأ يقضي على مستقبلها المهني.


تفهّم أهلها الأمر وأرادوا أن تنعم ابنتهم بالسعادة. بيد أنّ والدها طلب منها التفكير مليّاً قبل الإقدام على أي أمر، أمّا زملاء العمل والمشرفون فقدّموا لها الدعم وفتحوا لها أبواب العودة إلى الطب إن غيّرت رأيها في وقت لاحق.

استقالت هناء من مهنة الطب التي قد يحلم الكثير منّا بالوصول إليها، وراحت تفكّر في اختيار عمل تستمتع بالقيام به. كانت مرحلة صعبة، أحسّت هناء خلالها بأنّها فقدت هويّتها التي رسمتها لذاتها منذ الثالثة عشر من العمر. مرّ عام كامل قبل أن تخطو هنا خطوتها الأولى نحو الإبداع.

تقول هناء إنّها تحمل جينات خلّاقة، فوالدتها فنّانة وكذلك جدّتها. عادت هناء إلى الجامعة، لدراسة تصميم الأنسجة، حيث واجهت صعوبة فارق العمر مع باقي الطلّاب الذين كانوا يصغرونها بنحو عشر سنوات. لكن التجربة كانت مختلفة تماماً عمّا عهدته لدى دراستها الطب، كانت تستمتع وتعشق ما تقوم به. على الرغم من ذلك لم يفارقها الشعور بالذنب كونها أرادت العطاء، لكنّها سرعان ما اقتنعت بأنّ من حقّها أن تكون سعيدة كما أنّ العطاء لا يقتصر على مجال الطب. ولم تمض مدّة حتى شعرت بالسّلام في داخلها.

أبدعت هناء في عملها الجديد، كونها جمعت بين التصاميم الإسلامية الشّرقية والغربية الإيطالية والإنجليزية، فابتكرت أشياء مختلفة ومميّزة. افتتحت هناء شركتها الخاصّة بها في عام 2013، في مدينة ليفربول شمال غرب بريطانيا باسم "Chocolate Envelope Design" للبيع بالجملة وأونلاين. وتبيع الشركة أكياس الهدايا والدفاتر وبطاقات الأعياد وورق تغليف الهدايا والقرطاسية وغيرها.

اقرأ أيضاً: بعيداً عن القدس: هذه هي "الطريق" في الفنون والآداب

فازت هناء بالعديد من الجوائز ومنها "Best Newcomer" لعام 2015 عن الأعمال، كما نشرت تصاميمها في مجلات وكتب، وتباع بضاعة شركة هناء في نحو 56 متجرا في بريطانيا، ومن المرجّح أن تبدأ بتصدير بضاعتها هذا العام إلى الخارج كونها تلقت عرضاً من شركة توزيع أسترالية. تلفت هناء إلى أنّها تتأكّد دوماً من أنّ منتجاتها صديقة للبيئة ومصنّعة محلياً.

وتشارك هناء في معرض تجارة دولي في بلدة هاروغيت وسط بريطانيا في يوليو/تموز، وتطمح إلى عرض بضاعتها في نيويورك في العام المقبل.

المساهمون