13 نوفمبر 2024
همّان رئيسيان أمام السياسة الإسرائيلية
تبدو الصورة في ما يخص أزمة تأليف حكومة جديدة في دولة الاحتلال الإسرائيلي غائمة للغاية، إثر فشل بنيامين نتنياهو في هذه المهمة، وفي ضوء توقعاتٍ كثيرة بأن يؤول تكليف منافسه، بيني غانتس، إلى النتيجة عينها، ما يرجّح احتمال الذهاب إلى جولة انتخابات إسرائيلية عامة ثالثة خلال عام واحد.
وفيما تتفاقم أزمة تأليف الحكومة، يطغى على أجندة السياسة الإسرائيلية همّان رئيسيان: الأول ناجم عن قرارات رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب التي تغلب عليها سمة المفاجأة، ولا سيما في ما يتعلق ببقاء وجود قوات أميركية في منطقة الشرق الأوسط أو عدمه. والثاني، مستقبل الصراع مع الفلسطينيين، وخصوصا في ضوء احتمال إطلاق خطة "صفقة القرن".
وينبغي ملاحظة أنه في ما يخصّ الهم الأول تروّج الأصوات المقربة من المؤسسة السياسية اليمينية أن انسحاب القوات الأميركية لا يعني انعداماً كلياً لوجود واشنطن في الإقليم، والذي سيظلّ في المطلق لمصلحة إسرائيل. ولعلّ الأكثر أهمية أن أغلبية تلك الأصوات تجاهر بنزعة فائض القوة التي تميّز تلك المؤسسة السياسية في الأعوام الأخيرة، وتقرأ قرارات ترامب بطريقة "ربّ ضارة نافعة"، بمعنى أنها تتيح أمام إسرائيل إمكان أن تتأقلم مع واقع جديد، يقوم على أساس الاعتماد على الذات، حتى من دون أي حليف إذا ما استدعى الأمر، وهو مبدأ وقف دوماً في صلب الاستراتيجية الإسرائيلية. وهي، في الوقت نفسه، "تطمئن" الإسرائيليين بأنه يمكن قراءة تلك القرارات الرئاسية الأميركية ضمن أي سياقٍ، باستثناء سياق المفاجأة، نظراً إلى أنها تنطوي، في العمق، على استمرار تطبيق نهج الإدارة الأميركية السابقة برئاسة باراك أوباما، منذ خطابه أمام الكلية العسكرية، ويست بوينت، يوم 28 مايو/ أيار 2014، والذي أعلن فيه أن أميركا ستنقل "محور سياستها" من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى. بل كان ثمّة من زعم أن من شأن خطوة ترامب أن تحوّل إسرائيل إلى حليفٍ أكثر أهمية للولايات المتحدة من أي وقت مضى، فضلاً عن أنها تمنحها حرية عمل ونشاط أكبر على صعيد تحقيق أهدافها، وفي مستوى استخدام القوة.
وفي ما يتعلق بهمّ الصراع مع الفلسطينيين، وعلى الرغم من أنه بمثابة الغائب الأكبر عن آخر الحملات الانتخابية، لا تظهر تباينات المواقف حياله وجود فجوةٍ حاسمة بين الأحزاب الممتدة من "ميرتس" وحتى التيار البراغماتي الذي كان في حزب الليكود. وقد يكون من المُناسب التذكير بأنه في ما يرتبط بحلّ هذا الصراع سادت في إسرائيل، كما هو معروف، ثلاث نظريات رئيسية مختلفة: "أرض إسرائيل الكبرى"، التسويات السلمية، "الانسحاب الأحادي الجانب". وثمّة من يعتقد أن جميع هذه النظريات قد فشلت، ولكن أي تشخيص واقعيّ لا بُدّ أن يرى أن كلاً منها نجح في جانب، وفشل في جانب آخر. وحتى، بحسب تحليلات إسرائيلية، لا يمكن القول إن نظرية "أرض إسرائيل الكبرى" فشلت تماماً، في وقت يعيش فيه مئات آلاف المستوطنين اليهود في أراضي الضفة الغربية المحتلة، ويتصاعد خطاب الضم الذي يحظى بدعم كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية الحالية، وتسبّب حتى الآن بشرعنة ضمّ القدس وهضبة الجولان. ولا يمكن القول إن نظرية التسويات السلمية فشلت تماماً، بينما توجد اتفاقيتا سلام تعتبرهما دولة الاحتلال مستقرّتين مع مصر والأردن؛ كما أنه لا يمكن القول إن نظرية الانسحاب الأحادي الجانب التي ولدت "خطة التجميع" (الانطواء) عقب خطة فك الارتباط مع قطاع غزة عام 2005 فشلت، في الوقت الذي لم تُجرَّب أو تُختبر بعد.
وليس من الصعب الخروج باستنتاج عام، مؤداه أن تفكير كل هؤلاء يتميّز بقاسم مشترك واضح جداً، هو إدراج غاية الحفاظ على شرعية الدولة اليهودية فوق أي اعتبار سياسي وأخلاقي آخر، بينما قلة قليلة منهم تنظر إلى احتلال 1967 باعتباره سبباً يؤدي إلى إدامة الصراع، لا باعتباره نتيجة للسياسة التي سبقته، واستمرت بعده أيضاً.
وينبغي ملاحظة أنه في ما يخصّ الهم الأول تروّج الأصوات المقربة من المؤسسة السياسية اليمينية أن انسحاب القوات الأميركية لا يعني انعداماً كلياً لوجود واشنطن في الإقليم، والذي سيظلّ في المطلق لمصلحة إسرائيل. ولعلّ الأكثر أهمية أن أغلبية تلك الأصوات تجاهر بنزعة فائض القوة التي تميّز تلك المؤسسة السياسية في الأعوام الأخيرة، وتقرأ قرارات ترامب بطريقة "ربّ ضارة نافعة"، بمعنى أنها تتيح أمام إسرائيل إمكان أن تتأقلم مع واقع جديد، يقوم على أساس الاعتماد على الذات، حتى من دون أي حليف إذا ما استدعى الأمر، وهو مبدأ وقف دوماً في صلب الاستراتيجية الإسرائيلية. وهي، في الوقت نفسه، "تطمئن" الإسرائيليين بأنه يمكن قراءة تلك القرارات الرئاسية الأميركية ضمن أي سياقٍ، باستثناء سياق المفاجأة، نظراً إلى أنها تنطوي، في العمق، على استمرار تطبيق نهج الإدارة الأميركية السابقة برئاسة باراك أوباما، منذ خطابه أمام الكلية العسكرية، ويست بوينت، يوم 28 مايو/ أيار 2014، والذي أعلن فيه أن أميركا ستنقل "محور سياستها" من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى. بل كان ثمّة من زعم أن من شأن خطوة ترامب أن تحوّل إسرائيل إلى حليفٍ أكثر أهمية للولايات المتحدة من أي وقت مضى، فضلاً عن أنها تمنحها حرية عمل ونشاط أكبر على صعيد تحقيق أهدافها، وفي مستوى استخدام القوة.
وفي ما يتعلق بهمّ الصراع مع الفلسطينيين، وعلى الرغم من أنه بمثابة الغائب الأكبر عن آخر الحملات الانتخابية، لا تظهر تباينات المواقف حياله وجود فجوةٍ حاسمة بين الأحزاب الممتدة من "ميرتس" وحتى التيار البراغماتي الذي كان في حزب الليكود. وقد يكون من المُناسب التذكير بأنه في ما يرتبط بحلّ هذا الصراع سادت في إسرائيل، كما هو معروف، ثلاث نظريات رئيسية مختلفة: "أرض إسرائيل الكبرى"، التسويات السلمية، "الانسحاب الأحادي الجانب". وثمّة من يعتقد أن جميع هذه النظريات قد فشلت، ولكن أي تشخيص واقعيّ لا بُدّ أن يرى أن كلاً منها نجح في جانب، وفشل في جانب آخر. وحتى، بحسب تحليلات إسرائيلية، لا يمكن القول إن نظرية "أرض إسرائيل الكبرى" فشلت تماماً، في وقت يعيش فيه مئات آلاف المستوطنين اليهود في أراضي الضفة الغربية المحتلة، ويتصاعد خطاب الضم الذي يحظى بدعم كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية الحالية، وتسبّب حتى الآن بشرعنة ضمّ القدس وهضبة الجولان. ولا يمكن القول إن نظرية التسويات السلمية فشلت تماماً، بينما توجد اتفاقيتا سلام تعتبرهما دولة الاحتلال مستقرّتين مع مصر والأردن؛ كما أنه لا يمكن القول إن نظرية الانسحاب الأحادي الجانب التي ولدت "خطة التجميع" (الانطواء) عقب خطة فك الارتباط مع قطاع غزة عام 2005 فشلت، في الوقت الذي لم تُجرَّب أو تُختبر بعد.
وليس من الصعب الخروج باستنتاج عام، مؤداه أن تفكير كل هؤلاء يتميّز بقاسم مشترك واضح جداً، هو إدراج غاية الحفاظ على شرعية الدولة اليهودية فوق أي اعتبار سياسي وأخلاقي آخر، بينما قلة قليلة منهم تنظر إلى احتلال 1967 باعتباره سبباً يؤدي إلى إدامة الصراع، لا باعتباره نتيجة للسياسة التي سبقته، واستمرت بعده أيضاً.