وأطاحت ثورة شعبية في البلاد في 11 إبريل/نيسان نظام الرئيس عمر البشير، بعد انحياز الجيش للمطالب الشعبية، لكن الخلافات سيطرت منذ ذلك الوقت بين مجلس عسكري انتقالي تسلّم السلطة وتحالف إعلان قوى الحرية والتغيير، الذي قاد الثورة الشعبية في البلاد ضد حكم البشير.
وفي العشرين من الشهر الجاري، زار وفد من الاتحاد الأفريقي ترأسه موسى فكي، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الخرطوم، وأجرى مباحثات مع المجلس العسكري وبقية أطراف الأزمة في محاولة لتقريب وجهات النظر، وكان المبعوث الجديد ولد لبات من ضمن أعضاء الوفد الزائر.
وبحسب تصريحات لمسؤولين في الاتحاد الأفريقي، فإن مهمة الدبلوماسي الموريتاني تتمثل في الإسهام في الجهود التي تقوم بها أطراف الأزمة في السودان، من أجل وضع أسس مرحلة انتقالية ديمقراطية عاجلة، ما يمهد إلى عودة النظام الديمقراطي والحكم المدني في البلاد.
وفي 15 إبريل، أمهل الاتحاد الأفريقي المجلس العسكري 15 يوماً، لتسليم السلطة لحكومة مدنية، وإلا فسيقرر تجميد عضوية الخرطوم في المؤسسة الأفريقية، وذلك بعدما اعتبر تسلم السلطة بواسطة عسكريين انقلاباً عسكرياً.
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لقمّة أفريقية مصغرة الثلاثاء الماضي، أوصت بتمديد مهلة المجلس العسكري لثلاثة أشهر، حتى يستطيع المجلس المُضيّ في بناء ديمقراطي.
ووجدت تدخلات السيسي رفضاً من آلاف السودانيين، الذين نظموا تظاهرات احتجاج أمام السفارة المصرية والقنصلية بالخرطوم، تندد بما اعتبروه تدخلاً من السيسي في الشأن السوداني.
درس محمد الحسن ولد لبات القانون في جامعة نواكشوط، وحصل على دراسات عليا في فرنسا، ثم عاد للعمل في جامعة نواكشوط أستاذاً للقانون وعميداً للكلية، ورئيساً للجامعة في الفترة من 1991 وحتى 1997.
بعدها انتقل ولد لبات إلى العمل السياسي، إذ عُين وزيراً للخارجية 97-1998، ثم سفيراً لبلاده في إثيوبيا وممثلاً دائماً لموريتانيا في الاتحاد الأفريقي في الفترة من 2003-2005، وانتقل بعدها للعمل سفيراً في جنوب أفريقيا 2005-2007.
من الوظائف التي تولاها على المستوى الإقليمي والدولي، موفد لبوروندي في الفترة من 98-2000، ومبعوث دولي مكلف بملف الكونغو الديمقراطية وتشاد 2008-2013، ومدير مكتب تسهيل الحوار الوطني بين الكونغوليين 2000-2002.
ويقدر مسؤولون في الاتحاد الأفريقي، أن ولد لبات يمتلك الثقة الكبيرة من طرف رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، عطفاً على خبرته في مهام الوساطة في أزمات القارّة الأفريقية.
ويرى السفير السابق بوزارة الخارجية السودانية، الطريفي كرمنو خلال تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تعيين الاتحاد الأفريقي للدبلوماسي الموريتاني محمد الحسن ولد لبات، "يُعد خطوة مهمة تؤشر لاهتمام المؤسسة الأفريقية بموضوع السودان، إدراكاً منها لأهمية موقع البلاد الجغرافي وتأثيرها السياسي والأمني على دول عديدة في القارّة. وراهن كرمنو، على قدرة الاتحاد في تقريب الشقة بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف المعارضة، ولا سيما أن الخلافات بينهما ليست كبيرة".
وأوضح كرمنو أنه "من حظ السودان أن المسؤولين في الاتحاد، بدءاً من رئيس الاتحاد المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس المفوضية التشادي موسى فكي، وغيرهما لديهم الخبرة الكافية بالقضية السودانية، وهذا ما يساعد في إيجاد مخرج للأزمة السودانية".
لكن الطيب مصطفى رئيس حزب منبر السلام العادل، يرفض ما ذهب إليه السفير الطريفي كرمنو، وقال لـ"العربي الجديد"، إن الاتحاد الأفريقي الذي يترأسه عبد الفتاح السيسي "غير مؤهل تماماً للتدخل في الشأن السوداني والحديث عن بناء ديمقراطي، استناداً إلى أن فاقد الشيء لا يعطيه".
وطالب مصطفى المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، بالاتفاق على رفض تسمية محمد الحسن ولد لبات مبعوثاً للسودان، والاكتفاء بمفاوضاتهما الداخلية من دون تدخل من أي طرف، وخاصة أن التدخل الإقليمي والدولي بالوساطة في أمور سودانية كان بلا جدوى، مستشهداً بتجربة الرئيس الجنوب أفريقي السابق ثامبو امبيكي، مؤكداً أن الدبلوماسيين الأفارقة "باتوا يعتاشون على قضايا السودان، وينبغي أن نفوّت عليهم الفرصة هذه المرة"، حسب قوله.