تدرس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجموعة من الخيارات لإنقاذ صناعة النفط الأميركية التي تمثل حجر الزاوية في استراتيجية أمن الطاقة، وواحدة من أهم الصناعات التي دعمت الحزب الجمهوري وحملة ترامب في الانتخابات التي حملته للبيت الأبيض.
ومن بين الخيارات المطروحة حالياً على الصعيد الداخلي، تقديم الدعم المالي المباشر لشركات النفط الصخري عبر شراء حصة من أسهمها كما جرى مع كبريات البنوك والشركات المتعثرة عقب اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008، أو إتاحة أموال تقدر بنحو 600 مليار دولار عبر برامج مصرف الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" لإقراضها حتى لا تقع في شبكة الإفلاس.
لكن هنالك خيارات أخرى من بينها قيام الإدارة الأميركية بتنفيذ صفقات مع بعض الحكومات الآسيوية المتعطشة للنفط الرخيص.
ويرى محللون أن الولايات المتحدة يمكنها إجراء بعض الترتيبات مع الدول الآسيوية لشراء النفط الأميركي، وذلك إضافة إلى عمليات إغلاق الحقول النفطية، وزيادة حجم الخفض النفطي ضمن اتفاق "أوبك +". وربما تساهم هذه الإجراءات في ارتفاع سعر خام غرب تكساس فوق 20 دولاراً.
على صعيد الترتيبات الآسيوية، تستطيع إدارة دونالد ترامب إجراء ترتيبات مع هذه الدول مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية. وهذه الدول لديها سعات تخزين فائضة ضمن طاقات التخزين الاستراتيجية تقدر بنحو مئات الملايين من البراميل. ويرى محللون نفطيون أن هذه الدول يمكن تساعد في رفع أسعار النفط عبر ملء خزاناتها الاستراتيجية.
ولدى الصين سعة تخزين في الاحتياطي الاستراتيجي تقدر بأكثر من 1.26 مليار برميل، لكن تقدر شركة "وود ماكينزي" أن 90% من سعة الصين سيتم ملؤها بنهاية العام الجاري.
ويكفي الاحتياطي الاستراتيجي النفطي الاستهلاك الصيني من الخامات النفطية ومشتقاتها لمدة 80 يوماً.
وكانت الحكومة الصينية قد وافقت على شراء كميات من النفط الصخري الأميركي ضمن اتفاق لتسوية الخلافات التجارية بين البلدين.
ويقدر خبراء بمعهد دراسات الطاقة الدولي بجامعة كولومبيا الأميركية، أن الحكومة الصينية تخطط لشراء 100 مليون برميل نفط إضافي للاحتياطي الاستراتيجي خلال العام الجاري.
على صعيد اليابان، فإنها حكومة صديقة لواشنطن وتربطهما تحالفات استراتيجية، وبالتالي يمكن للحكومة اليابانية أن تشتري صفقات نفطية خلال الشهر المقبل لملء السعة الفارغة من خزاناتها الاستراتيجية. وكانت اليابان قلقة جداً خلال فترات التوتر في مضيق هرمز من قطع الإمدادات من منطقة الشرق الوسط.
وبالتالي يمكن لإدارة ترامب استثمار هذه العلاقات في إنقاذ صناعة النفط الصخري. أما بالنسبة للهند، فإنها تخطط لشراء 39 مليون برميل من النفط لخزانات الاحتياط الاستراتيجي، وذلك وفقاً لتصريحات مسؤولين بوزارة الطاقة الهندية.
أما كوريا الجنوبية، فإن السعة الفائضة لديها تقدر بنحو 1.67 مليون برميل، وكانت شركات وساطة نفطية قد استأجرت منها سعات قدرها 50 مليون برميل خلال الشهر الجاري. وبالتالي فإن هنالك سعات نفطية غير مستغلة، ومتاحة بالنسبة لترتيبات واشنطن مع آسيا.
وتواجه الشركات الأميركية قلقاً شديداً من احتمال تكرار انهيار عقود خام غرب تكساس لشهر يونيو/حزيران.
كما حدث من انهيار مريع لعقود خامات غرب تكساس لشهر مايو/ أيار التي سقطت تحت 40 دولارا للبرميل في عمليات البيع التي نفذتها الشركات للتخلص من شحناتها النفطية.
ومن المؤشرات غير المريحة لشركات النفط الصخري أن طاقة التخزين العالمية تنفد سريعاً، مما يثير مخاوف من أن تخفيضات الإنتاج لن تأتي بالسرعة الكافية لتعويض انهيار الطلب جراء جائحة فيروس كورونا بالكامل.
وامتلأت 70 في المائة من طاقة التخزين بمركز كوشينج، وهو نقطة تسليم خام غرب تكساس الأميركي، بحلول منتصف إبريل/ نيسان. ويقول متعاملون إن الطاقة المتاحة مستأجرة كلها بالفعل.
وحسب رويترز، تراجعت أسعار النفط أمس الإثنين، وسط مؤشرات على امتلاء طاقة التخزين العالمية سريعاً، مما يثير مخاوف من أن تخفيضات الإنتاج لن تأتي بالسرعة الكافية لتعويض انهيار الطلب جراء جائحة فيروس كورونا بالكامل.
وقادت الخسائر العقود الآجلة للنفط الأميركي، والتي انخفضت أكثر من دولارين للبرميل بسبب المخاوف من قرب وصول طاقة التخزين في مركز كوشينج في أوكلاهوما إلى الطاقة القصوى.
وارتفعت مخزونات الخام الأميركي إلى 518.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 17 إبريل/نيسان، مقتربة من مستواها القياسي على الإطلاق عند 535 مليون برميل الذي سجلته في عام 2017.
وهبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي لشهر يونيو/ حزيران 2.05 دولار أو 12.1 في المائة إلى 14.89 دولارا للبرميل في التعاملات الصباحية التي جرت بلندن، بينما انخفض خام برنت 1.08 دولار ما يعادل خمسة في المائة إلى 20.36 دولارا للبرميل.
ويضع أصحاب شركات النفط الصخري قلوبهم في جيوبهم وهم ينتظرون يوم الخميس المقبل، الذي يوافق نهاية عقود يونيو/ حزيران.