وكان رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف قد طلب من وزارة الدفاع الروسية السعي للتوصل إلى اتفاق تعاون عسكري مع لبنان. ونقلت المجلة ما ذكرته وكالة "سبوتنيك" الروسية على موقعها باللغة العربية، من أن موسكو ترغب بأن تُفتح المرافئ اللبنانية أمام السفن الحربية الروسية، وكذلك مطار بيروت، ليكون نقطة "ترانزيت" للمقاتلات الروسية.
الاتفاق الذي ترغب موسكو بالتوصل إليه مع لبنان، سيغطي مجالات عدّة، منها التدريبات العسكرية المشتركة، والتعاون لمكافحة الإرهاب، وتدريب روسي للجيش اللبناني. ولفتت "ناشيونال إنترست" إلى أن خبر الرغبة الروسية باتفاق كهذا، لم تنقله مواقع إعلامية روسية أخرى، ولم تذكره أي من وسائل الإعلام العربية المهيمنة، ما عدا محطتين، الأولى موالية لإيران، والثانية يملكها حزب الله اللبناني.
وتساءلت المجلة الأميركية: ماذا يحصل؟ إن أي اتفاق عسكري روسي – لبناني هو جديرٌ بالاهتمام، لأن لبنان، وجيشه، بخلاف سورية، لطالما كان يتوجه غرباً. وبالرغم من أن الجيش اللبناني يستخدم بعض السلاح والمعدات العسكرية الروسية، من دبابات وبنادق، إلا أنه رفض في العام 2008 عرضاً روسياً للحصول مجاناً على عشر مقاتلات "ميغ 29". فمعظم تسلحه وتجهيزه يأتي من الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا، بما فيها دبابات "أم 60" و"أم 48"، وناقلات الجنود المدرعة "أم 113"، وصواريخ "تاو" المضادة للدبابات. وقد أرسلت إدارتا الرئيسين الأميركيين، الحالي دونالد ترامب، والسابق باراك أوباما، سلاحاً إلى لبنان بقيمة 357 مليون دولار منذ العام 2008، بحسب برنامج "مراقبة المساعدة العسكرية (security assistance monitor) الأميركي.
ومن بعض المعدّات الأميركية التي وصلت إلى لبنان أيضاً، مركبة المشاة القتالية "أم 2 برادلي"، وصفقة قادمة عنوانها ست طوافات عسكرية هجومية من طراز "أم دي-530 جي"، لمساعدة لبنان في حربه ضدّ تنظيم "داعش". وبحسب المجلة، فإن الدعم الأميركي للبنان يتواصل بالرغم من الاتهامات الموجهة للجيش اللبناني بأنه أصبح تابعاً لحزب الله، ما يعني أن واشنطن "تسلح فعلياً عدوها".
لكن السؤال الأهم، بحسب "ناشيونال إنترست"، هو ما إذا كان لبنان سيصبح حليفاً آخر لروسيا، على غرار سورية. فقد سمحت دمشق للأسطول الروسي خلال الحرب الباردة، بالقدوم إلى البحر البيض المتوسط، عندما فتحت له ميناءً "صديقاً"، هو ميناء طرطوس. واليوم، تتمركز القوات والمقاتلات الروسية في سورية دعماً لنظام بشار الأسد، الذي سمح مؤخراً بأن تدخل سفن حربية روسية تعمل بالطاقة النووية إلى ميناء طرطوس.
لكن الاتفاق المحتمل بين لبنان وروسيا يشير فقط إلى زيارات مرفئية عسكرية متبادلة بين الطرفين، وليس استقرار سفن حربية روسية في الموانئ اللبنانية، وذلك بحسب أولغا أوليكر، مديرة "برنامج روسيا وأوراسيا" في "مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية"، مؤكدة أنه لا يشبه أبداً الاتفاقات والترتيبات الروسية - السورية.
وتوضح أوليكر أن الاتفاق "يؤمن إطار عمل واسعا"، ولهذا فهو يمثل "خطوة، ولكنه يدخل بكل تأكيد ضمن جهود موسكو لتوسيع انخراطها وعلاقاتها في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك ضمن رغبة لبنان في توسيع حلقة شركائه وخياراته".
ولكن ماذا يربح لبنان من الاتفاق؟ بحسب طوني بدران، الباحث في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، فإن لبنان "يريد مظلة تحميه من إسرائيل، وقد تستغل بيروت إمكانية التوصل إلى معاهدة روسية – لبنانية، لدفع واشنطن إلى تقديم المزيد من المساعدات".