هل يقنّن تعدد الزوجات لمسلمي روسيا؟

23 أكتوبر 2019
تستعدّ لحفل زفافها في الشيشان (فاليري شاريفولين/ Getty)
+ الخط -
كانت الشيشان وغيرها من الجمهوريات ذات الغالبيّة المسلمة في منطقة شمال القوقاز جنوب روسيا، تعيش عاداتها وتقاليدها الخاصة وتتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية عن موسكو. واليوم، تتجدد بين الحين والآخر نقاشات حول تقنين تعدد الزوجات، بما يتناسب مع الثقافة والشريعة الإسلامية.

وإحدى آخر المبادرات هي دعوة عضو الغرفة الاجتماعية الروسية عن الشيشان، منصور سولتايف، إلى تقنين تعدّد الزوجات للمسلمين لحلّ المشكلة السكانية في روسيا في ظل استمرار زيادة عدد الوفيات بالمقارنة مع عدد المواليد. على الرغم من ذلك، ثمّة عقبات تشريعية أمام تقنين تعدد الزوجات في الجمهوريات الإسلامية الروسية في ظل إعلاء المحكمة العليا القانون الفدرالي، وإصدارها قبل نحو 20 عاماً حكماً بعدم مشروعية تسجيل الزواج من أكثر من امرأة في جمهورية إنغوشيا.

في هذا الإطار، يقلّل كبير الباحثين في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ميخائيل روشين، من واقعية احتمال تقنين الزواج الديني في روسيا في ظل المنظومة القانونية العلمانية القائمة منذ الحقبة السوفييتية والتي لا تعترف بأي أحكام دينية. ويقول روشين لـ "العربي الجديد": "على عكس روسيا، تعترف بريطانيا، مثلاً، بمشروعية الزواج الديني كطريقة لتسجيل العلاقات الأسرية. إذا تزوج العروسان في الكنيسة الأنغليكانية أو المعبد اليهودي أو الجامع، فهما لا يحتاجان إلى أي إجراءات أخرى في أي جهة حكومية مثل إدارة الأحوال المدنية في روسيا".

وحول قابلية تحقيق مثل هذا الإجراء في روسيا، يضيف: "تقنين الزواج الإسلامي وتسويته بالزواج الرسمي أمر مستحيل تحقيقه في المدى المنظور، كونه سيخلق مأزقاً قانونياً ما لم تتم إعادة النظر في قانون الأحوال المدنية وصياغته من جديد".



ومع ذلك، يقر روشين بأن ظاهرة تعدد الزوجات قائمة فعلياً في الجمهوريات الإسلامية الروسية، مذكراً بأن الرئيس الأسبق لجمهورية إنغوشيا، رسلان أوشيف، فكّر في تقنين تعدد الزوجات، إلا أن خليفته، مراد زيازيكوف، اعتبر أن إجراءات زواج كهذه لا تحتاج إلى تشريعات خاصة.

وتعود محاولة تقنين تعدد الزوجات في إنغوشيا إلى عام 1999، حين أصدر أوشيف مرسوماً يسمح بذلك، وتلاه قانون تبناه البرلمان المحلي. وخلال فترة سريان مفعول القانون التي استمرت عاماً واحداً فقط، جرى تسجيل عشرات عقود تعدد الزوجات.

إلا أن البرلمان نفسه ألغى القانون بعد إصدار المحكمة العليا الروسية حكماً ببطلانه، مستندة إلى بعض القوانين الفدرالية، بما فيها قانون الأسرة وانعدام المسوغات لتقنين تعدد الزوجات في إقليم بعينه. ولا يستبعد روشين احتمال أن تكون القيادة الشيشانية تختبر رد فعل موسكو على فكرة تقنين تعدد الزوجات، مذكراً بأن الشيشان تسمح لنفسها في أحيان كثيرة بالإدلاء بتصريحات لا تجرؤ عليها أقاليم أخرى. ويخلص إلى أن الأمر وارد نظرياً فقط وفي حال منحت تلك الجمهوريات صفة قانونية خاصة تتيح لها تبني تشريعات خاصة بها.

وسبق لمفتي موسكو إلدار علاء الدينوف، أن دعا في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي إلى تقنين تعدد الزوجات في كل الأقاليم الروسية في ظل تكرّر الظاهرة في عدد من الجمهوريات مثل الشيشان وداغستان وتتارستان، معتبراً أن الأمر سيتيح حماية حقوق النساء.

من جهته، يرى رئيس مجلس مفتي روسيا راوي عين الدين، أن هناك جدوى من تقنين تعدد الزوجات في الجمهوريات ذات الغالبية المسلمة، على ألا يتعارض ذلك مع القوانين الفدرالية لدولة علمانية.



وأشاد الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، مراراً بتعدّد الزوجات، معتبراً أنه "ما من رجل واحد لم يدخل في علاقات مع عدة عشيقات وكذب على زوجته"، معرباً عن تأييده لـ "زواج الرجل من بضع نساء في حال كان يحتاج إليهن وقادراً على الإنفاق عليهن، وحل المشكلة الديمغرافية في روسيا".

ووسط دعوات متكررة، ما زالت مسألة تقنين تعدّد الزوجات بشكل أو بآخر تصطدم بالرأي العام الروسي الرافض لذلك على ضوء تنامي دور الكنيسة الأرثوذكسية الروسية التي حذرت من تحول البلاد من روسيا الاتحادية إلى "الولايات المتحدة الروسية"، في حال بدأت أقاليم بعينها تبني قوانين تتعارض مع قانون البلاد. وبحسب استطلاع للرأي أعدّه "مركز عموم روسيا لدراسة الرأي العام" في عام 2015، أظهر أن 3 في المائة فقط من سكان روسيا البالغ نحو 147 مليون نسمة يؤيدون السماح بتعدد الزوجات للشعوب المسلمة.
المساهمون