بعد تسريب محادثة وصف فيها قتلى الجنود الأميركيين في الحرب العالمية الأولى بـ"الفاشلين" و"الحمقى"، أصبح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مهددًا بزعزعة إحدى قواعده الانتخابية الرئيسية، الممثلة بأفراد المؤسسة العسكرية من قدامى المحاربين وعوائل الجنود، وهم الذين دأبوا تاريخيًّا على التصويت للحزب الجمهوري، وبوسعهم أن يكونوا "بيضة القبّان" في بعض الولايات المتأرجحة، والحاسمة في كثير من الانتخابات.
وكانت مجلّة "ذي أتلانتيك" الأميركية هي من سرّبت تلك التصريحات، نقلًا عن عدة أشخاص كانوا مطّلعين على محادثاته مع فريقه عندما زار فرنسا عام 2018 لإحياء ذكرى مرور مائة عام على انتهاء الحرب، وكان من المفترض أن يزور مقبرة لجنود أميركيين قرب باريس، قبل أن يتمّ إلغاء الزيارة لسوء الأحوال الجوية كما أعلن حينذاك. ولم يخفِ الرئيس لفريقه تذمّره من الزيارة، وفق المجلّة، وتساءل "لماذا يجب علي أن أذهب إلى هذه المقبرة، إنها مليئة بالفاشلين"، كما وصف في محادثة أخرى أكثر من 1800 جندي أميركي قتلوا في معركة "بيلو وود" بـ"الحمقى"، وسأل معاونيه "من كان الأخيار؟" خلال تلك المعركة.
ورغم أن ترامب نفى بشدّة تلك التصريحات، وشنّ هجومًا مضادًّا على صحيفة "ذي أتلانتيك"، فإن الانتقادات لا تزال تتوالى على الرئيس الأميركي، لا سيما من خصومه الديمقراطيين، وعلى رأسهم منفسه في الانتخابات، جو بايدن، الذي وصفها بأنها "مثيرة للاشمئزاز وتخالف القيم الأميركية".
على ضوء ذلك، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا أشارت فيه إلى أن المجموعات الليبرالية من قدامى المحاربين بدأت تكثّف جهودها في الولايات المتأرجحة لكسب أصوات رفاقهم العسكريين القدامى وعوائل المقاتلين.
وتضيف الصحيفة أنه بعد أقل من 12 ساعة على تقرير "ذي أتلانتك"، بدأت كبرى مجموعات قدامى المحاربين الليبراليين "فوت فيتز" بنشر صور تظهر بعض أقارب الجنود قتلى في العراق وأفغانستان. وخلال الساعات الخمس الأولى، تمكّنت تلك المجموعة من جمع 100 ألف دولار، وبحوزتها 5 ملايين دولار حتى الآن.
ووفق الصحيفة، فإن الفكرة لدى تلك المجموعات ليست الفوز بأغلبية أصوات المحاربين القدامى، وهو ما يعتبره معظم الديمقراطيين مستحيلًا، بل تحييد نسبة صغيرة منهم ومن أسرهم حتى لا تذهب أصواتهم لترامب.
ورغم أن شعبية ترامب تراجعت بشكل مطرد في صفوف الجنود الأميركيين على مدى السنوات الأربع الماضية، وفقًا لاستطلاعات الرأي، فإنها لا تزال مرتفعة مقارنة بمجموعات فرعية أخرى من الناخبين.
ويرى الديمقراطيون، بحسب تقدير الصحيفة، أن تلك النسب الصغيرة من شأنها أن تكون حاسمة في بعض الولايات المتأرجحة، خاصة في كارولاينا الشمالية وفلوريدا وأريزونا، حيث حاز ترامب على ضعف أصوات العسكريين الذين صوّتوا لمنافسته هيلاري كلينتون؛ لكن اليوم، ثمّة قناعة في أوساط الحزب بأن عددًا قليلًا من أصوات مجتمع العسكريين، بالإضافة لقاعدة الناخبين السود واللاتينيين، سيكون كافيًا من أجل الفوز.