هل يتجه حزب "مشروع تونس" إلى المعارضة؟

05 اغسطس 2016
"المشروع" تحفظ على تكليف الشاهد ويراقب المشاورات(ياسين قيدي/فرانس برس)
+ الخط -
لم يحظ موقف "مشروع تونس" من تكليف يوسف الشاهد لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية بالاهتمام ذاته الذي لقيه انسحاب أحزاب المعارضة الثلاثة المشاركة في المبادرة، رغم أنه كان من أول المتحفّظين على هذا التكليف، وقرر الاكتفاء بمراقبة المشاورات حول الطاقم الوزاري من بعيد، وهو موقف يحيل إلى انزياح الحزب إلى خانة المعارضة ما لم يتم التحاور معه وتقديم تنازلات لفائدته. 

وتعني مواصلة "المشروع"، وكتلته البرلمانية "الحرة"، التحفظ على تكليف الشاهد، والمشاركة المحتشمة في المشاورات، والتي قد تنقطع تماما وفق ما أكدته قيادات من الحزب لـ"العربي الجديد"، انضمام كتلته البرلمانية إلى المعارضة، بعدم تصويتها أو تحفّظها على الحكومة المقبلة خلال جلسة منح الثقة، وهو ما يحيل إلى تغير في التركيبة البرلمانية، حيث تصبح المعارضة أكثر من ستين نائبا في البرلمان (25 الحرة و15 الجبهة الشعبية و3 تيار ديمقراطي و3 حراك الإرادة و3 عن حركة الشعب وعدد من النواب غير المنتمين)، وتقترب المعارضة بذلك من الحصول على الثلث المعطل في البرلمان. 

ولم يقفز "مشروع تونس" مباشرة إلى المعارضة، رغم أن عدة مؤشرات كانت تحيل إلى صعوبة الوصول إلى توافقات مع الحزب الأم "نداء تونس" خاصة، و"حزب النهضة"، الذي أعلن "المشروع" منذ تأسيسه معارضته له، بالإضافة إلى خلافات سابقة لقياداته مع الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي. 



وإذ بدا من الطبيعي أن يعترض "المشروع" على تكليف الشاهد، الذي ترأس لجنة الـ13 التي بعثها قائد السبسي لحل الإشكال بين المتخاصمين في "النداء"، وفي مقدمتهم نجله وأمين عام الحزب، محسن مرزوق، والذي اتهمه مرزوق ومساندوه من القيادات والأحزاب بترجيح كفة حافظ قائد السبسي، وعدم احترام التوافقات التي تم التوصل إليها آنذاك، والتي آلت بالحزب إلى الانقسام وخروج مرزوق ومن معه لإنشاء حزب جديد. 

وينفي رئيس الكتلة، عبد الرؤوف الشريف، لـ"العربي الجديد"، أن يكون الاعتراض على الشاهد مرده عمل لجنة الـ13، وإنما "لأن الحزب يعتبر أن حكومة وحدة وطنية لا تبنى على محاصصة حزبية، وأن رئيس الحكومة المكلف لا تتوفر فيه المواصفات اللازمة لقيادة الفترة المقبلة"، وأضاف الشريف أن "الموقف سيتوضح أكثر إثر لقاء "المشروع" وتشاوره مع الشاهد حول هيكلة الحكومة وتركيبتها"

ويتوقف اصطفاف الحزب في صف المعارضة، وفق حديث القيادي به، مصطفى بن أحمد، لـ"العربي الجديد"، على المرحلتين المتبقيتين من المشاورات حول الحكومة، مبرزا أن "مشروع تونس ينظر إلى المسألة من زوايا متعددة، لأن المرحلة تتطلب إنقاذا، وهو السبب الأول لانخراط الحزب في المشاورات حول مبادرة السبسي، وهو ما أفرز "وثيقة قرطاج"، التي تضمنت عناوين المرحلة المقبلة، ووقعت عليها أحزاب ومنظمات، إلا أن تكليف يوسف الشاهد الندائي خرج عن روح المبادرة ذاتها، وأدخل منطق المحاصصة الحزبية، وأعاد من جديد الائتلاف الحاكم الذي يعد عنوان الفشل في المرحلة الماضية"

وأشار بن أحمد إلى أن الحزب سينتظر المشاورات حول المرحلة الثانية، المتعلقة بتركيبة الحكومة وهيكلتها، للتحقق من أنها ستكون حكومة محاصصة وإعادة توزيع حقائب داخل الائتلاف الحاكم، والمرحلة الثالثة المتعلقة ببرامجها وأولوياتها، و"إذا تواصل عدم احترام "ميثاق قرطاج"، فإن المشروع سوف يصطف في صف المعارضين، وسينعكس ذلك أيضا على تصويته في منحها الثقة"

ونبه بن أحمد إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تغيرات في الخارطة البرلمانية حتى داخل الائتلاف الحاكم، الذي يشهد حالة من الغليان، ولا سيما بعد تقدم عدد واسع من النواب والقيادات الندائية لمناصب وزارية، وقد تكون ردود أفعالهم في حال عدم حصولهم عليها حادة، بالإضافة إلى التململ الذي شهدته "كتلة النهضة"، التي امتنع أكثر من عشرين نائبا منها عن التصويت في جلسة تجديد الثقة في الحبيب الصيد.