هل نحن بخير؟

26 مارس 2016
ربّما تبتسم لهذا المشهد الجميل وتنساه بعد قليل (Getty)
+ الخط -

لستُ معنيّة تماماً بما أنوي كتابته. الأنا هنا تدلّ على الأنا في جميعنا. هذا الضمير الذي يُسقى من كلمات ومواقف وعناق وبكاء وأشياء أخرى، يطفو بنا أخيراً إلى الوجع. هو موجود فينا مذ كنا مثل حبّة سمسم. كان أنا وما زال. وحتى حين يزول الهيكل الذي يحتويه، يترك أثره على أكثر من "أنا" أخرى تصارع بدورها.

تقول لها إنها تشتاق إلى ضحكتها. هي أيضاً تفتقد أناها الماضية. حين كانت تضحك كثيراً، وتظلّ ملامحها حاضرة لردود فعل. اليوم، قد يسقطُ كوكبٌ أمامها، إلى جانب وسادتها، من دون أن ترفع الغطاء عنها. تموت ببطء. كأن أحداً زرع فيها سمّاً قد يقتلها بعد خمسين عاماً ربما.

تختفي تحت لحافها ولا ترى العالم. ماذا فيه؟ عناها خرابه كثيراً إلى أن استهلكت كل مشاعرها. لا تشعر. يسقط الكوكب، ويتكدّس الموتى فوق بعضهم بعضاً، ولا تراهم. هي في ذلك المكان، تمدّ جسدها ثم تضمه. تؤلمها جميع الوضعيات. تمرّ في رأسها هذه الكلمات، عن الأمل ومفرداته. تؤمن بها ولا تُحقن في جسدها. العالم ضيّق. كلّما خرجنا منه وعدنا إليه نشعر بأنه يضيق أكثر. مثل فيلم الغرفة، تلك التي لم يعرف بطل الفيلم وهو طفل، غيرها على مدى خمسة أعوام. وحين خرج إلى العالم وعاد إلى زيارتها، شعر بأنها باتت أصغر من قبل.

أخرج قليلاً من العالم. إلى أين تذهب الحشرات؟ تخلق عالمها وترانا من خلاله مجرّد كائنات ضخمة قبيحة. لا تعنيها محال التزيين والأظافر الملونة. تخيفها دعساتنا. نحن أيضاً باتت تخيفنا دعساتنا. كأننا نقفز من فخّ إلى آخر. نسقط في الواحد تلو الآخر. الأنا لا تحمينا. هي قلقة أصلاً وتبحث عن أمانٍ لطالما ظنت أنه موجود. هو مثل فقاعات، ما إن تظن أنك ستلمسها حتى تضيع منك. اجمع جميع أولاد العالم، واطلب منهم نفخ الفقاعات، ولن تحصل على أي واحدة. هل تراهن؟ لا شيء. ربّما تبتسم قليلاً لهذا المشهد الجميل وتنساه بعد قليل.

أنتَ بخير؟ وأنتِ؟ ما من أحد على ما يرام. نكذب حتى تختفي الفقاعات. هي مجرد لحظات قليلة. نحن لسنا بخير. والحقّ على كل شيء، على كلّ العالم. الأمان. أريده ونريده. أريد أن أجعل من كل لحظة عمراً. لكن اللحظات مثل الفقاعات. تخشى سماءً فوقها وأرضاً تحتها.

هل نحن بخير؟ نضحك ونقول إننا بخير. والخير بات يقاس بأننا لم نَجُعْ بعد. بعد قليل نتذكّر عبارة نردّدها دائماً: "ما حدا مرتاح". والضحك مجرّد وقت مستقطع. والحياة أيضاً مجرد وقت مستقطع بين حيوات.

وأنا ما زلتُ في السرير تحت اللحاف. أستيقظ ولا أعرف شيئاً. هل وجد الأمان؟ هل تحمله فقاعة نجت من نسمة؟

اقرأ أيضاً: مثل حبّة فاصولياء
دلالات
المساهمون