الدراما الرمضانية... هل عبر الممثلون السوريون الأزمة بأمان؟
ربيع فران
ربيع فران
صحافي وناقد فني لبناني. من فريق صحيفة موقع العربي الجديد قسم المنوعات.
مباشر
لم تُوفّق الدراما السورية هذا الموسم. كل المتابعين للأعمال الدرامية التي تُعرض في شهر رمضان، دقّوا ناقوس الخطر، بعد أسبوع واحد من بداية السباق، وأعلنوا صراحة أنهم أمام "نكبة"، وطالبوا بحلول جذرية، تُعيد البريق إلى هذه الصناعة التي أسهمت لسنوات في ارتفاع نوعية التمثيل في العالم العربي، وكرّست مجموعة من الخبرات، لا تقتصر بالضرورة على الممثلين، بل وصلت إلى المخرجين والكتّاب.
من المؤكد أن الدراما السورية تعيش أزمة، بدا هذا واضحاً خلال السنوات القليلة الماضية. راهنت شركات الإنتاج على مجموعة من الأعمال، والتي برأيها تستحق "المُغامرة" كنوع من تحدّي الأزمة، وإثبات أنّ الدراما بخير. شركات موالية للنظام السوري حاولت التعويل على بيع المسلسلات المدعوم بعضها من النظام نفسه (باب الحارة)، في ظل تباين بين القبول والرفض في الشراء، ما أسهم في ضياع السوق وشركات الإنتاح معاً. فيما اختارت قلة معارضة أو فئة ثانية النأي بالنفس عن الأزمة السورية والهجرة إلى الخارج، والعمل بما تيسّر وفق العروض، ولعل أبرز الإنتاجات السورية التي اعتمدت على ميزانية عالية خلال السنوات الأخيرة كانت تلك التي تبنّتها شركات سورية صغيرة، اتخذت من دول الخليج العربي مقراً لها.
المُخرج حاتم علي يُعتبر واحداً من أكثر المخرجين السوريين الذي انقلبوا على الأزمة. لكن على الرغم من نخبوية هذه المسلسلات التي قادها علي فقد استطاع من خلال "العراب" بجزأيه، (2015 و2016) أن يقدم مادة جيدة، فكان أمينًا لجهة ادارة الممثلين أولاً، والتنبّه لما يفرضه عمل من جزأين. وقد لاقى المسلسل نجاحاً، من قبل الجمهور، أمام منافسة تقصدتها شركة سما الفن السورية، والتي قدمت واحداً من أسوأ إنتاجاتها عام 2015 وحمل اسم "العراب" نفسه.
في المقابل، لم تُوفر شركات الإنتاج السورية الغوص في مسلسلات "البيئة السورية"، والتي استهلكت نفسها طوال السنوات السابقة، مشاهد مكررة في حارة "الزعيم" التاريخية، لعلها مشاهد واحدة، باختلاف بسيط لبعض الحكايات الاجتماعية التي نقلها بعض الكتّاب، ووضعوها في قالب درامي. وهي الأعمال التي لا تضيف كثيراً إلى صناعة الدراما، بل هي جزء من استعراض الملابس، وبناء حارات خشبية يجب أن تتناسب مع القصة، وقصة تدور حول زعيم الحارة القابض على أنفاس رجال الحارة، وما يترتب على ذلك من مكائد يعدّها بعضهم للإيقاع "بالزعيم" أو لأخذ مكانه في زعامة الحارة: صراع حكم لسنوات ولا يزال في معظم الإنتاجات، والتي لم يعد يرغب فيها الشاري الخليجي مثلاً، كما هو حال "طوق البنات" و"خاتون" مؤخراً، واستثمار نجاح مثل هذه الأعمال لتنفيذ أجزاء ثانية وثالثة وربما أكثر.
ليس هناك من أزمة كتّاب كما يحاول بعضهم الحديث أو الإيحاء، بل ثمة كتّاب أعلنوا اعتكافهم عن الكتابة حتى تتوضح الصورة الضبابية التي تخيم على المشهد السوري عموماً. سامي يوسف، وفي عز الأزمة، خرج بواحد من أفضل الإنتاجات الدرامية السورية السنة الماضية، وهو "الندم"، وحاول زميله هوزان عكو منذ سنوات الترفع عن واقع الحرب، في إنتاج لبناني - سوري - أردني في "بنت الشهبندر"، ونجح عدنان في العودة هذه السنة، في قصة مستوحاة وحوّلها إلى مسلسل جيد بمعاونة حاتم علي هو "أوركيديا".
انقلاب الممثلين
أمام صورة الحرب والأزمة، تخرج هذا الموسم مجموعة من الممثلين السوريين الذين اختاروا نوعاً آخر من المقاومة عبر سيناريوهات جيدة. باسل خياط، واحد من الممثلين السوريين الأذكياء، والذين يواجهون الأزمة حالياً بشجاعة أقرب إلى المغامرة. اتجه خياط إلى القاهرة، فكان ذلك بمثابة العبور إلى الأمان والنجاح بالدرجة الأولى. لم يأت اختيار خياط أو مشاركته في أعمال هويتها مصرية إلّا نوعاً من التغيير الإيجابي في حياة الممثل المنقلب، أو الباحث عن جديد. في مسلسل "30 يوم" (إخراج حسام علي)، يجسد باسل خياط واحداً من أبرز أدواره التلفزيونية، شاب مولع بموسيقى "جاز" يقع فريسة عوامل نفسية، تقوده إلى الأذى، وتصل أحياناً إلى القتل، رواية جيدة، تخرج من دائرة الحارة المصرية، أو القصص التقليدية التي تسيطر على باقي الإنتاجات. من المؤكد أن خياط عرف كيف يقلب الأدوار، ويهرب إلى بوابة أخرى تُسهم في إنعاش الواقع الدرامي الذي وصل درجة العناية الفائقة.
ولا يبتعد الممثل السوري تيم حسن عن مواطنه باسل خياط، في سلسلة من الأعمال التي قدمها لثلاث سنوات، في "الهيبة" هذا الموسم، يخرج حسن من عباءة ذلك العاشق "الولهان" إلى تاجر السلاح والمخدرات. وعلى الرغم من نمطية القصة، وتناولها في الدراما المصرية، تحديداً، جاء الانسجام اللبناني السوري متناغماً لصالح القصة والمسلسل عموماً، فاختلفت الشخصيات، وأجمعت آراء المتابعين العاديين على فرادة حسن في هذا العمل الذي حقق نجاحاً جيداً في الأسبوع الأول من بداية شهر رمضان.
ومن دون شك، يُسجل الممثل محمود نصر تتقدماً واضحاً في مسلسل "قناديل العشاق" لهذا الموسم. العتّال "ديب" سيتحول إلى عاشق تاريخي في دراما اعتمدت على إيقاع "فانتازي" جميل أمام معشوقته "إيف" (سيرين عبد النور).
من المؤكد أن الدراما السورية تعيش أزمة، بدا هذا واضحاً خلال السنوات القليلة الماضية. راهنت شركات الإنتاج على مجموعة من الأعمال، والتي برأيها تستحق "المُغامرة" كنوع من تحدّي الأزمة، وإثبات أنّ الدراما بخير. شركات موالية للنظام السوري حاولت التعويل على بيع المسلسلات المدعوم بعضها من النظام نفسه (باب الحارة)، في ظل تباين بين القبول والرفض في الشراء، ما أسهم في ضياع السوق وشركات الإنتاح معاً. فيما اختارت قلة معارضة أو فئة ثانية النأي بالنفس عن الأزمة السورية والهجرة إلى الخارج، والعمل بما تيسّر وفق العروض، ولعل أبرز الإنتاجات السورية التي اعتمدت على ميزانية عالية خلال السنوات الأخيرة كانت تلك التي تبنّتها شركات سورية صغيرة، اتخذت من دول الخليج العربي مقراً لها.
المُخرج حاتم علي يُعتبر واحداً من أكثر المخرجين السوريين الذي انقلبوا على الأزمة. لكن على الرغم من نخبوية هذه المسلسلات التي قادها علي فقد استطاع من خلال "العراب" بجزأيه، (2015 و2016) أن يقدم مادة جيدة، فكان أمينًا لجهة ادارة الممثلين أولاً، والتنبّه لما يفرضه عمل من جزأين. وقد لاقى المسلسل نجاحاً، من قبل الجمهور، أمام منافسة تقصدتها شركة سما الفن السورية، والتي قدمت واحداً من أسوأ إنتاجاتها عام 2015 وحمل اسم "العراب" نفسه.
في المقابل، لم تُوفر شركات الإنتاج السورية الغوص في مسلسلات "البيئة السورية"، والتي استهلكت نفسها طوال السنوات السابقة، مشاهد مكررة في حارة "الزعيم" التاريخية، لعلها مشاهد واحدة، باختلاف بسيط لبعض الحكايات الاجتماعية التي نقلها بعض الكتّاب، ووضعوها في قالب درامي. وهي الأعمال التي لا تضيف كثيراً إلى صناعة الدراما، بل هي جزء من استعراض الملابس، وبناء حارات خشبية يجب أن تتناسب مع القصة، وقصة تدور حول زعيم الحارة القابض على أنفاس رجال الحارة، وما يترتب على ذلك من مكائد يعدّها بعضهم للإيقاع "بالزعيم" أو لأخذ مكانه في زعامة الحارة: صراع حكم لسنوات ولا يزال في معظم الإنتاجات، والتي لم يعد يرغب فيها الشاري الخليجي مثلاً، كما هو حال "طوق البنات" و"خاتون" مؤخراً، واستثمار نجاح مثل هذه الأعمال لتنفيذ أجزاء ثانية وثالثة وربما أكثر.
ليس هناك من أزمة كتّاب كما يحاول بعضهم الحديث أو الإيحاء، بل ثمة كتّاب أعلنوا اعتكافهم عن الكتابة حتى تتوضح الصورة الضبابية التي تخيم على المشهد السوري عموماً. سامي يوسف، وفي عز الأزمة، خرج بواحد من أفضل الإنتاجات الدرامية السورية السنة الماضية، وهو "الندم"، وحاول زميله هوزان عكو منذ سنوات الترفع عن واقع الحرب، في إنتاج لبناني - سوري - أردني في "بنت الشهبندر"، ونجح عدنان في العودة هذه السنة، في قصة مستوحاة وحوّلها إلى مسلسل جيد بمعاونة حاتم علي هو "أوركيديا".
انقلاب الممثلين
أمام صورة الحرب والأزمة، تخرج هذا الموسم مجموعة من الممثلين السوريين الذين اختاروا نوعاً آخر من المقاومة عبر سيناريوهات جيدة. باسل خياط، واحد من الممثلين السوريين الأذكياء، والذين يواجهون الأزمة حالياً بشجاعة أقرب إلى المغامرة. اتجه خياط إلى القاهرة، فكان ذلك بمثابة العبور إلى الأمان والنجاح بالدرجة الأولى. لم يأت اختيار خياط أو مشاركته في أعمال هويتها مصرية إلّا نوعاً من التغيير الإيجابي في حياة الممثل المنقلب، أو الباحث عن جديد. في مسلسل "30 يوم" (إخراج حسام علي)، يجسد باسل خياط واحداً من أبرز أدواره التلفزيونية، شاب مولع بموسيقى "جاز" يقع فريسة عوامل نفسية، تقوده إلى الأذى، وتصل أحياناً إلى القتل، رواية جيدة، تخرج من دائرة الحارة المصرية، أو القصص التقليدية التي تسيطر على باقي الإنتاجات. من المؤكد أن خياط عرف كيف يقلب الأدوار، ويهرب إلى بوابة أخرى تُسهم في إنعاش الواقع الدرامي الذي وصل درجة العناية الفائقة.
ولا يبتعد الممثل السوري تيم حسن عن مواطنه باسل خياط، في سلسلة من الأعمال التي قدمها لثلاث سنوات، في "الهيبة" هذا الموسم، يخرج حسن من عباءة ذلك العاشق "الولهان" إلى تاجر السلاح والمخدرات. وعلى الرغم من نمطية القصة، وتناولها في الدراما المصرية، تحديداً، جاء الانسجام اللبناني السوري متناغماً لصالح القصة والمسلسل عموماً، فاختلفت الشخصيات، وأجمعت آراء المتابعين العاديين على فرادة حسن في هذا العمل الذي حقق نجاحاً جيداً في الأسبوع الأول من بداية شهر رمضان.
ومن دون شك، يُسجل الممثل محمود نصر تتقدماً واضحاً في مسلسل "قناديل العشاق" لهذا الموسم. العتّال "ديب" سيتحول إلى عاشق تاريخي في دراما اعتمدت على إيقاع "فانتازي" جميل أمام معشوقته "إيف" (سيرين عبد النور).
دلالات
المساهمون
المزيد في منوعات