هل ستتأثر الأسواق العربية بالأزمة الصينية؟

20 يوليو 2015
من اليمين لويس حبيقة وفهد الشريعان (العربي الجديد)
+ الخط -
تعرّضت البورصة الصينية إلى خضّة ضخمة مع تهاوي الأسهم وانتشار الذعر بين المستثمرين وسط مخاوف عالمية من استفحال الأزمة، فهل ستتأثر الاقتصادات العربية؟

فهد الشريعان: لا خضّات في السوق العربيّة

أوضح خبير الأسواق المالية، فهد الشريعان، أن تأثيرات الأزمة الصينية على الأسواق العربية ستكون مختلفة، فهناك أسواق ستواجه الأزمة الصينية، وستتمكن من الحد من تأثيراتها، فيما هناك أسواق أخرى ستتأثر بشكل أكيد.

وقال لـ"العربي الجديد": "عادة ما تتأثر أسواق البورصات بالتغيّرات العالمية التي تطرأ على أكثر من صعيد، ولا شك أن حصول أزمة في الصين ستكون له انعكاسات واضحة على اقتصادات عالمية، وستكون اقتصادات كل من الولايات المتحدة وأوروبا الأكثر تأثراً".

في المقابل، لا يمكن الحديث عن الأسواق العربية بمجملها، بل يجب أخذ كل سوق على حدة، وقال الشريعان: "ننظر أولاً إلى الأرباح التي حققتها البورصات في كل سوق عربية منذ بداية العام. فعلى سبيل المثال، نجحت السوق الكويتية في تخطي الكثير من الأزمات التي طرأت على أكثر من صعيد، بدءاً من أزمة النفط، وصولاً للهجمات الإرهابية، واستطاعت السوق الكويتية أن تحقق أرباحاً هائلة، وبالتالي فإن تأثرها بالأزمة الصينية سيكون محدوداً".

وأضاف: "لتوضيح ذلك، فإن أقل مستوى وصلت إليه السوق الكويتية كان 5800 نقطة، أما اليوم وبعد التذبذبات التي حصلت في سوق الأسهم الصينية، فإن السوق الكويتية بقيت محافظة على مستوى معيّن من النقاط، بلغ 6150 نقطة، ما يعني أنها بعيدة عن أي تأثيرات محتملة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السوق الإماراتية والسعودية والقطرية".

إلى ذلك، أوضح الشريعان أن السوق السعودية أيضاً فاجأت الجميع بعدم تأثرها بشكل كبير بما حصل في الصين، حيث أغلق مؤشر السوق السعودية على تراجع بنسبة 0.26% خاسراً 23 نقطة ليصل إلى مستويات الـ9057 نقطة، ولا تعد هذه الخسارة أو التراجع عامل ضعف في وجه السوق السعودية".

من جهة أخرى، اعتبر الشريعان أن حصول أزمة داخل أي دولة، عادة ما يترك آثاره على الأسواق التي تعاني أصلاً من أزمات. ولذا، وبحسب الشريعان، فإن ما حصل في الصين ستكون له تأثيرات على العديد من الأسواق، ومنها الأسواق العربية التي تعاني أصلاً، مثل الأردن، أو حتى الأسواق المتأثرة بالحروب والنزاعات، كالسوق العراقية. أما بالنسبة إلى الأسواق العربية التي حققت أرباحاً منذ بداية العام، فإن التأثيرات ستكون محدودة.

في المقابل، أشار الشريعان إلى أن الأزمة الصينية أو حتى غيرها من الأزمات تنعكس على الأسواق الضعيفة عربياً في الوقت الحالي، أما على المدى المتوسط والبعيد، فإن حصول الأزمة الصينية وانهيارها ستكون له تأثيرات على الأسواق جميعها، سواء الأسواق العربية أم الأجنبية، ولكن بنسب متفاوتة. فالأمر يعود إلى مدى قدرة هذه الأسواق على استيعاب ما يجري من خضّات أو أزمات مالية عالمية.

وتوقع الخبير الاقتصادي فهد الشريعان، أن تتعافى الأسواق الصينية خلال الفترة المقبلة، إلا أن هذا التعافي سيكون مدعوماً بإصلاحات معيّنة، ما يجنّب العديد من الاقتصادات خضات قوية على غرار ما حصل في العام 2008، عقب انهيار الاقتصاد الأميركي وأزمة الرهن، وكيف تأثرت أسواق العالم، ومنها الأسواق العربية.

لويس حبيقة: انعكاسات الأزمة ستكون واضحة

اعتبر الخبير الاقتصادي، لويس حبيقة، أن ما يجري من أزمات عالمية، بدءاً من الأزمة العالمية في عام 2008، وصولاً إلى الأزمة اليونانية، فالأزمة الصينية، سيكون لها انعكاسات بالتأكيد على اقتصادات العالم، ولا يمكن استثناء أي اقتصاد أو سوق مالي. وقال لـ"العربي الجديد": "تعاني الأسواق العربية اليوم من تأثيرات انخفاض أسعار النفط، ولا يمكن القول إن الأسواق المالية العربية بمأمن عن تداعيات الانخفاض الهائل في أسعار النفط، حيث انخفضت الأسعار أكثر من النصف في غضون عام واحد. وبالتالي فإن الحديث عن حصول أزمات مالية في اقتصادات دول عملاقة، كالولايات المتحدة والصين أو حتى أوروبا، سيكون له بالطبع انعكاسات على الأسواق العربية التي تعاني أصلاَ".

وفند حبيقة المعطيات التي تجعل من الأسواق العربية تحت تأثير الأزمة التي تصيب التنين الصيني. وقال: "أولى هذه الانعكاسات سيكون على أسعار النفط، إذ من المتوقع أن تنخفض الأسعار إلى ما دون 45 دولاراً، وهنا تتأثر الأسواق العربية المرتبطة أساساً بتحركات النفط".

وأكد حبيقة في المقابل، أن التأثيرات المحتملة لانخفاض أسعار النفط جراء الأزمة الصينية، ستكون ذات وجهين، الأول إيجابي حيث ستستفيد الأسواق المستهلكة للنفط، وبالتالي أسواقها المالية ستكون معافاة من أي ارتدادات عالمية، أما التأثير السلبي جراء انخفاض أسعار النفط بسبب الأزمة في الصين، ستكون تأثيراته على الأسواق المصدرة للنفط. إلى ذلك، أوضح حبيقة أن الدول العربية التي توظف رؤوس أموالها في البورصات الصينية، ستتأثر بالتأكيد بما سيحصل، أما الأسواق العربية التي اتخذت احتياطاتها بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، ستكون بعيدة نسبياً عن تأثيرات ما يجري في الصين.

كما لفت حبيقة إلى أن "أسواق المال العربية ليست في موقع ممتاز كما يشاع، فهناك العديد من العوامل التي جعلتها في موقع سلبي، وأبرزها انخفاض أسعار النفط، وإن لم يظهر ذلك حتى الآن، وبالتالي فإن التأثيرات التي ستتركها الأزمة الصينية على اقتصادات الدول العربية ستظهر مدى هشاشة بعضها". في المقابل، أوضح حبيقة في حديثه لـ"العربي الجديد" أن السيناريو المقبل للأزمة الصينية، سيكون اختبار قدرة الاقتصاد العالمي على امتصاص تداعيات الفقاعة التي سيحدثها التنين الصيني، ومن المرتقب أن تبدأ هذه الفقاعة بالانفجار في غضون سنتين، وهنا ستظهر قوة الاقتصادات وأسواق المال.

المساهمون