قبل قرابة العام، تحدى الكاتب السوري سامر رضوان، كل من شككّ بنيّته العودة إلى سورية، إذْ فتح صفحته الشخصية على "فيسبوك" قبل أن يغادر منزله في لبنان وكتب: "أنا عائد إلى دمشق". تتالت التعليقات التي رحبت بسامر، وحيّت قراره، في حين تخوف البعض من مغبة تعرض كاتب "لعنة الطين" لتساؤل مؤرق، يعيد للذاكرة حادثة اعتقاله السابقة على الحدود السورية بعد عرض ثالث أجزاء مسلسله "الولادة من الخاصرة".
ومع نهاية عام 2018، توقفت قناة "لنا" الفضائية عن بث المسلسل، واكتفت بعرض الجزئين الأول والثاني اللذين صوّرا أثناء إنتاجهما داخل دمشق. في حين تعرض الجزء الثالث لرفض الرقابة السورية، فتم تصويره كاملاً في بيروت بعد تبدل الإخراج من رشا شربتجي إلى سيف الدين سبيعي. تمنّع القناة المملوكة لرجل الأعمال المتنفذ سامر الفوز عن بث الجزء الثالث، أثار موجة عارمة من التعليقات السلبية على صفحة القناة في موقع "فيسبوك". إذْ اعتادت القناة فتح باب التصويت أمام الجمهور لاختيار مسلسل يريدون متابعته، فضلاً عن عرضها لمسلسلات تضم فنانين معارضين لنظام الأسد. وهو ما يشكل خرقاً لجدار الرقابة المفروض على القنوات السورية. ورغم أن القناة تُبَثُّ من بيروت، إلا أنها تحظى بموافقة شبه رسمية من النظام السوري، ظهرت بالسماح للقناة بالتصوير داخل المدن السورية وفي الأماكن العامة، كما استقطبت القناة مذيعين ومعدّي برامج من العاملين في نطاق الإعلام الرسمي التابع للنظام.
ومع نهاية عام 2018، توقفت قناة "لنا" الفضائية عن بث المسلسل، واكتفت بعرض الجزئين الأول والثاني اللذين صوّرا أثناء إنتاجهما داخل دمشق. في حين تعرض الجزء الثالث لرفض الرقابة السورية، فتم تصويره كاملاً في بيروت بعد تبدل الإخراج من رشا شربتجي إلى سيف الدين سبيعي. تمنّع القناة المملوكة لرجل الأعمال المتنفذ سامر الفوز عن بث الجزء الثالث، أثار موجة عارمة من التعليقات السلبية على صفحة القناة في موقع "فيسبوك". إذْ اعتادت القناة فتح باب التصويت أمام الجمهور لاختيار مسلسل يريدون متابعته، فضلاً عن عرضها لمسلسلات تضم فنانين معارضين لنظام الأسد. وهو ما يشكل خرقاً لجدار الرقابة المفروض على القنوات السورية. ورغم أن القناة تُبَثُّ من بيروت، إلا أنها تحظى بموافقة شبه رسمية من النظام السوري، ظهرت بالسماح للقناة بالتصوير داخل المدن السورية وفي الأماكن العامة، كما استقطبت القناة مذيعين ومعدّي برامج من العاملين في نطاق الإعلام الرسمي التابع للنظام.
من ناحيته، يعيد سامر رضوان صناعة حالة القلق مع السلطة في دمشق، من خلال مسلسله الجديد "دقيقة صمت". وتجري عمليات تصوير في منطقة "وادي المشاريع" العشوائية في أطراف العاصمة دمشق، على أن ينتقل التصوير قريباً إلى معقل آل الأسد في اللاذقية على الساحل السوري، في طرح درامي يلامس إشكاليات عميقة في بنية النظام وعلاقته مع باطنته من الشعب، ولا سيما جزء واسع من الجمهور يظهر كالقطيع في استسلامه للسلطة. فهل يعرض العمل داخل دمشق أصلاً؟ تبدو علاقة النظام السوري بالأقلام الروائية علاقة إشكالية تقوم على ليّ العظام قبل كسرها، فتعمد أجهزة الأمن إلى ترويع الكتاب بإلصاق تهم تدفعهم للابتعاد عن الوطن أولاً، وعدم التفكير بمقارعة السلطة ثانياً. وهذا ما حدث مع سامر فعلاً، إذ نشر صورة لبلاغ استدعاء من محكمة في دمشق بتهمة حيازة السلاح والتحريض على العنف المسلح.
اقــرأ أيضاً
ما يعني أن السلطة تمارس رقابتها القبلية والبعدية في سياق متوازٍ. ولو تمكنت بعض النصوص من النفاذ إلى الشاشة بطريقة أو أخرى، فإن الهجوم الأشرس سيوجه للكاتب والمخرج في الدرجة الأولى ثم للفنانين، وخاصة الذين لم يزوروا دمشق للعمل فيها، أو امتنعوا عن الظهور على الشاشات الرسمية والتهليل للأسد وزمرة المحيطين فيه. في وقت يبدو فيه النظام قد شرّع باب العودة بشكل موارب، ولو مؤقتاً، ليوهم العالم بانتصاراته وقدرته على استقطاب شركات الإنتاج والمخرجين والنجوم للعودة والعمل داخل سورية. أما التكلفة فستكون بتقديم ولاء الطاعة مجدداً أو ما يعرف باسم "تسوية الوضع". أي وضع إذاً ينتظر الدراما السورية في موسمها القادم، بعد الكثافة في حركة الإنتاج وتصوير الحياة داخل المدن السورية برؤية النظام في ادعائه صناعة الأمان للمواطنين؟ هل سيساهم ذلك في زيادة جرعة الدراما المعلبة؟ أم سيحول الدراما كما الإعلام إلى فن تمجيد السلطة، وإلهاء الناس في الضحك والقضايا غير الجوهرية كما فعل نظام السيسي في مصر.
لعل واقع سورية المزري بأمسّ الحاجة لنصوص سامر، وغيره من الكتاب، في أرشفة واقع هذه المرحلة الاستثنائية من تاريخ سورية. ولو كلفهم ذلك الخروج عن طاعة النظام أو الاستقرار خارج دمشق حالهم حال المنفيين من سلطات القمع على مرّ العصور.
ما يعني أن السلطة تمارس رقابتها القبلية والبعدية في سياق متوازٍ. ولو تمكنت بعض النصوص من النفاذ إلى الشاشة بطريقة أو أخرى، فإن الهجوم الأشرس سيوجه للكاتب والمخرج في الدرجة الأولى ثم للفنانين، وخاصة الذين لم يزوروا دمشق للعمل فيها، أو امتنعوا عن الظهور على الشاشات الرسمية والتهليل للأسد وزمرة المحيطين فيه. في وقت يبدو فيه النظام قد شرّع باب العودة بشكل موارب، ولو مؤقتاً، ليوهم العالم بانتصاراته وقدرته على استقطاب شركات الإنتاج والمخرجين والنجوم للعودة والعمل داخل سورية. أما التكلفة فستكون بتقديم ولاء الطاعة مجدداً أو ما يعرف باسم "تسوية الوضع". أي وضع إذاً ينتظر الدراما السورية في موسمها القادم، بعد الكثافة في حركة الإنتاج وتصوير الحياة داخل المدن السورية برؤية النظام في ادعائه صناعة الأمان للمواطنين؟ هل سيساهم ذلك في زيادة جرعة الدراما المعلبة؟ أم سيحول الدراما كما الإعلام إلى فن تمجيد السلطة، وإلهاء الناس في الضحك والقضايا غير الجوهرية كما فعل نظام السيسي في مصر.
لعل واقع سورية المزري بأمسّ الحاجة لنصوص سامر، وغيره من الكتاب، في أرشفة واقع هذه المرحلة الاستثنائية من تاريخ سورية. ولو كلفهم ذلك الخروج عن طاعة النظام أو الاستقرار خارج دمشق حالهم حال المنفيين من سلطات القمع على مرّ العصور.