هل تُنقذ عودة ساركوزي اليسار الفرنسي؟

24 سبتمبر 2014
يواكب ساركوزي مواقفه بخطط إعلامية (فرانس برس)
+ الخط -

لم تشكّل عودة الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، مفاجأة لأحد. فرغم إعلانه التخلي عن السياسة عند هزيمته، لم يترك الرجل المعترك السياسي، وواصل نشاطه، من خلال إلقائه محاضرات في الخارج.

وإذا كانت عودته في هذا التوقيت، تمثل نبأ ساراً لليسار، فإنها مشكلة بالنسبة لليمين. فالمشهد السياسي السائد في فرنسا موزّع بين يسار يواجه صعوبات كبرى، في طريقة أدائه للأزمات الداخليّة والخارجيّة، وبين يمين ممزّق يعيش صراعات داخل حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" وصعود اليمين المتطرّف، المستفيد الأكبر من كلّ ما يجري على الساحة السياسية.

يعود الرئيس السابق تحت شعار "التجمّع"، في محاولة ترؤس قيادة حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبيّة". وحين أطلّ على الفرنسيين، عبر القناة الثانية، قال إنّ "هذه العودة ليست رغبة فقط، ولكن ليس أمامي خيار آخر في مواجهة ما يجري في فرنسا".

وقد اعتاد ساركوزي، في كل مرّة يطلق فيها استراتيجيّة أو موقفاً، أن يواكبها بخطة إعلاميّة لتسويق أفكاره ومشروعه، إذ تزامنت إطلالته المتلفزة مع نشر أبرز الصحف الفرنسيّة المكتوبة والمجلات صوره، مرتديّاً لباس الرياضة، مع زوجته المغنية، كارلا بروني، عارضة الأزياء السابقة.

وسعى خلال المقابلة، للدفاع عن نفسه، وعن الأخطاء التي ارتكبها في عهده، ليطرح نفسه، اليوم، لقيادة حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبيّة". وحذّر من مخاطر سياسة العزل التي تتّبعها "الجبهة الوطنية"، لافتاً الى أنّ "هذه السياسة لا يمكن أن تخدم فرنسا".

وأوحى ساركوزي، بأنّه سيحدث تغييرات جذرية، لإعطاء روح جديدة للحزب، مقترحاً تغيير اسمه. ويرى العديد من المراقبين، أنّ الهدف من هذه الشعارات الرنّانة "الاستهلاك الداخلي"، وخصوصاً أنها غير ممكنة، في ظلّ مزاج شعبي ساخط على رجال السياسة.

وبرغم أنه يحظى بتأييد داخلي، لكنّ طريق ساركوزي للعودة الى قيادة الحزب مليئة بالعقبات والألغام، فهناك منافسون كثر يترصّدونه، أبرزهم، وزير الخارجية السابق، آلان جوبيه، ورئيس الوزراء السابق، فرانسوا فييون، اللذان لن يتخليا عن طموحاتهما.

ولم يخفِ جوبيه، أن السباق بدأ بالفعل، وأنّه "سيذهب حتى النهاية"، في حين قال فييون: "لا أنتمي الى ثقافة المنقذين، وسأتّبع ثقافة الأفكار". لكن ساركوزي حاول التخفيف من حدّة هذه المنافسة، مذكراً أنه عمل مع الرجلين بشكل ممتاز خلال ولايته.

في الأحوال كافة، تشغل عودة الرئيس السابق، الأوساط السياسية والإعلامية، خصوصاً وأنّها تأتي وسط مشاكل عصيبة. وفي سياق متّصل، يرى بعض النواب الاشتراكيين، أنّ من شأن العودة تحويل الأنظار بعض الشيء عن مشاكل اليسار، والأزمة التي يواجهها رئيسا الجمهورية والحكومة.

ويرى مراقبون أنّها قد تدفع أكبر حزب اشتراكي الى رصّ صفوفه، كما ستتيح إجراء مراجعة شاملة للمرحلة السابقة، لكنّ معطيات الواقع، تؤكّد أن هذه العودة، لن تحدث اختراقات كبيرة في المرحلة الراهنة، لأنّ حجم المشاكل واستحالة معالجة الأزمات، تفوق القدرات.

يعلم ساركوزي جيداً، أنّ قيادة الحزب هي أفضل أداة لدخول السباق، والوصول إلى الإليزييه، لكنّ المعركة بعيدة جداً والطريق مليئة بالأشواك.

 

المساهمون