لا تزال شوارع منطقة "غوت دور" الباريسية تعجّ بالمهاجرين القاصرين من المغرب، الذين يعيشون واقعا ضبابياً وسط الحديث عن اتفاق عقد بين الجانبين الفرنسي والمغاربي قد يؤدي إلى ترحيلهم إلى بلدهم، رغم المحاذير القانونية وغياب حقهم القانوني بالطعن على القرار. في المقابل تحذر جمعيات ونقابات داعمة للمهاجرين من ترحيل هؤلاء بالإكراه، وتنتقد تقصير المؤسسات الفرنسية في حمايتهم وإبعادهم عن خطر المخدرات والدعارة أيضاً.
ولا يعرف عدد هؤلاء القاصرين المغاربة بالضبط، وثمة مصادر تتحدث عن وجود 128 قاصراً هناك منذ الشتاء المنصرم. وتأتي صعوبة تحديد أعدادهم بسبب تنقلهم بين أحياء العاصمة، وبسبب وصول وافدين جدد، ينضمون إلى الموجودين أحيانا.
ولا يعرف عدد هؤلاء القاصرين المغاربة بالضبط، وثمة مصادر تتحدث عن وجود 128 قاصراً هناك منذ الشتاء المنصرم. وتأتي صعوبة تحديد أعدادهم بسبب تنقلهم بين أحياء العاصمة، وبسبب وصول وافدين جدد، ينضمون إلى الموجودين أحيانا.
وإن استطاعت السلطات الفرنسية تحديد نقطة انطلاق القاصرين المغاربة، وهي مدينتا سبتة ومليلية المغربيتان المحتلتان، وتحديد هدفهم المنشود وهو الوصول إلى الدول الاسكندنافية وبريطانيا العظمى.
إلا أن تلك السلطات باختلاف المصالح والإدارات المعنية بشؤون المهاجرين لم تجد حلولا ناجعة لتوفير الاستقبال والتأهيل المناسبين لهؤلاء القاصرين الذين استوطنوا المنطقة منذ عام 2017، والذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً.
ويرفض المهاجرون القصر كل المقترحات التي قدمت لهم، ويفرون من المراكز التربوية التي عرضت عليهم، ويفضلون قضاء الوقت بعضهم مع بعض، وفي تناول المخدرات ومختلف الأدوية المهلوسة، وفي ممارسة النشل والسرقة، وهو ما تشهد عليه تدخلات الشرطة التي تحتجزهم لبعض الوقت. وتتحدث بعض الجمعيات، ومنها "تراجيكتوار"، في تقرير لها، في إبريل/نيسان 2018، عن تعاطي بعضهم الدعارة.
وعاد الحديث عن هؤلاء القاصرين، هذا الأسبوع، بسبب ما قيل إنه اتفاق جرى التوصل إليه في 11 يونيو/حزيران الماضي بين السلطات المغربية ونظيرتها الفرنسية، بشأن ترحيلهم إلى المغرب.
ولكن جمعية "جيستي" (مجموعة إعلام ودعم المهاجرين)، استبقت تنفيذ هذا الاتفاق بين البلدين، وحذرت، في بيان نشر يوم 13 يوليو/تموز الجاري، من تنفيذه على أساس أنّ "هؤلاء الأطفال يحتاجون، قبل كل شيء إلى الحماية". وترى الجمعية أن محضر لقاء 11 يونيو/حزيران بين السلطات المغربية والفرنسية لا يتحدث صراحَةً، عن تسفير هؤلاء القاصرين، بل فقط عن وصول 4 من رجال الأمن المغاربة إلى فرنسا، يمثلون الداخلية والشرطة والقنصلية وحماية الطفولة، مهمتهم جمع المعلومات عن هؤلاء القاصرين للتعرف عليهم.
وتكشف الجمعية الفرنسية أن هدف التعاون الفرنسي المغربي لا لبس فيه، وهو إعادة القاصرين إلى بلدهم. وتضيف أن الأمر يندرج في إطار "إجراء أكثر شمولية من التعاون البوليسي، ما دام أنه يوجد تفاهم إداري، غير مُؤرَّخ وغير مُوقَّع يسمح لرجال الشرطة المغاربة بتقديم الدعم لمصالح ولاية الأمن الفرنسية في ميدان "الوقاية وقمع الجريمة والهجرة غير النظامية".
وتحذّر الجمعية من أن مثل هذا الإجراء البوليسي مخالف تماماً لحقوق الطفل. لأن طفلا أعزل لا يمكن أن يكون موضوع إبعاد يتم تنفيذه تحت الإكراه. ومن صلاحية قاضي الأطفال، وحده، أن يُصدِرَ الأمرَ بعودة قاصر إلى بلده شريطة أن يكون الأمر متوافقا مع "مصلحته العليا".
ويبدو أن هدف السلطات المغربية والفرنسية واضحٌ، وهو ترحيل هؤلاء القاصرين، وفعلت السلطات المغربية ذلك من قبل مع بعض الدول الاسكندنافية، إلا أن الإطار القانوني الذي نفذ فيه الإبعاد لا يزال ضبابياً. وباعتراف ولاية الأمن الفرنسية، التي تؤكد في تقرير لها أن "الإطار القانوني الذي يتيح إبعاد قاصرين لم تعتبرهم عائلاتهم مختفين، لا يزال موضوع مُعايَنَة". كما تعترف السلطات الأمنية الفرنسية بأن "عودة هؤلاء تطرح إشكالية قانونية تتعلق بحق هؤلاء بالإقامة وضرورة حمايتهم".
وتحذّر جمعية "جيستي" من نَسْخ الاتفاق الذي أبرم سابقا بين رومانيا وفرنسا، بخصوص ترحيل قاصرين رومانيين، وهو اتفاق ألغاه المجلس الدستوري الفرنسي، لأنه "تجَاهَل المراقبة الضرورية لقاضي الأطفال قبل ترحيل كل قاصر إلى عائلته، التي ظلت في البلد الأصلي"، ولأن الاتفاق يتجاهل أيضاً "حقوق الفتيان بالطعن القانوني الفعلي على القرار". وتؤكد الجمعية أن "القضايا المتعلقة بالقاصرين المعزولين، يجب أن تبقى من اختصاص إدارة حماية الطفولة، وحدها".
وتشاطر جمعية "العمال المغاربيين في فرنسا"، ومقرها في نفس المنطقة التي يتواجد فيها هؤلاء القاصرون، والتي كثيرا ما توفر لهؤلاء طعام الإفطار والهاتف للاتصال بأهاليهم، موقف "جيستي".
وعبّر أحد مسؤوليها، ناصر الإدريسي، لـ "العربي الجديد"، عن استغرابه من هذا "الاتفاق"، معرباً عن أسفه لأنّ "المصالح الاجتماعية التي وفرتها بلدية باريس، لم تستطع حتى الآن، ورغم كل الخبرات المتوفرة، توفير حلّ ناجح لهؤلاء القاصرين، المُهدَّدين بالموت في الشارع، بسبب ما يستهلكونه من مخدرات والنوم في العراء، والمخاوف من تأثير شبكات الدعارة عليهم.