هل تنجح المصارف الإسلامية في المنافسة داخل السوق المغربية؟

25 فبراير 2015
من اليمن إدريس الفينا وعثمان كاير (العربي الجديد)
+ الخط -
عين الملك محمد السادس أخيرا "اللجنة الشرعية للمالية التشاركية"، ومهمتها حسب الظهير الملكي ابداء الرأي في كل منتوجات المصارف الإسلامية. لكن يطرح السؤال حول قدرة هذه المصارف على منافسة المصارف التقليدية. ومدى حاجة الاقتصاد المغربي إليها.

إدريس الفينا: المغاربة بحاجة إلى المصارف الإسلامية
قال الباحث الاقتصادي والأستاذ في المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي في المغرب، إدريس الفينا، إن النظام المالي المغربي في حاجة اليوم إلى دخول المصارف الإسلامية. وشرح إدريس الفينا لـ "العربي الجديد" دواعي هذه الحاجة بالقول "إن المغرب يعاني من نقص حاد في تمويل مختلف أشكال المشاريع، الخاصة والعامة وحتى الموجهة للأفراد والأسر". واعتبر المتحدث ذاته، أن النظام المصرفي التشاركي، بوابة جديدة لضخ الأموال في الاقتصاد المغربي.
وقدم إدريس الفينا، في تصريحه إلى "العربي الجديد"، ثلاثة عناصر لإيضاح حجم حاجة الاقتصاد المغربي للمصارف الإسلامية. أولها، عدم قدرة المصارف التقليدية على مواجهة احتياجات السوق المغربي، وكذا انتظارات العملاء من المنتوجات المصرفية التي تقدمها. ثانياً، تعامل المصارف التقليدية بحذر كبير مع تمويل حاجات المغاربة، سواء تعلق الأمر بالمقاولات أو الأفراد. وثالثا، عدم قدرة هذه المصارف على احتواء شريحة واسعة من المغاربة، يرفضون لأسباب ثقافية وعقائدية حسب قناعاتهم، التعامل مع النموذج المصرفي القائم في المغرب.
وأوضح إدريس الفينا لـ "العربي الجديد" أن نسبة المغاربة الذي يتوفرون على حسابات مصرفية لا تتجاوز 20%. وعن الـ80% المتبقية، أوضح المتحدث ذاته، أنها تنقسم إلى فئتين، فئة لا تستطيع ذلك بحكم هشاشة مستواها الاجتماعي، وفئة ثانية واسعة ترفض إطلاقا التعامل مع المصارف التقليدية. وعن الفئة الأخيرة، شدد إدريس الفينا على أن المغرب يعول بشكل كبير على أن تصالح المصارف الإسلامية، هذه الشريحة مع التعاملات المصرفية، وأن تستقطب جزءا مهما من السيولة المالية التي توجد خارج الأرصدة المصرفية، وذلك ما سيمكّن من ضخ أموال مهمة في حركية التعاملات النقدية.
وعن الجدل الدائر في المغرب حول القيمة المضافة التي ستقدمها هذه المصارف، وكلفة المنتوجات المعروضة، خاصة في الجانب المرتبط بتمويل شراء العقارات، أبرز الأستاذ في المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد، أن جميع المعطيات والمؤشرات التي أفرزتها الدراسات الميدانية، تؤكد عدم اكتراث الشريحة التي ترفض التعامل مع المصارف التقليدية لكلفة المنتوجات المصرفية، بالقدر الذي تهتم بمضمون وطريقة تعامل "المصارف التشاركية". وشدد على أن مستقبل هذه المصارف في المغرب "سيكون ناجحا".
وختم إدريس الفينا تصريحه إلى "العربي الجديد" بالتأكيد على حاجة المغاربة الماسة لهذا النوع من المصارف والتمويل الإسلامي، نظرا إلى تعامل المصارف التقليدية معهم بـ "نوع من الإجحاف، وعدم تلبية جميع الانتظارات". وأضاف أن منتوجات المصارف التقليدية المغربية، غالية ومعقدة جدا، مقارنة مع مصارف القارة الأوروبية، بل ذهب إلى حد وصفها بـ "المصارف الغارقة في الريع المالي".

عثمان كاير: لا "تسونامي" نحو هذه المصارف
اعتبر الخبير الاقتصادي المغربي، عثمان كاير، أن مستقبل المصارف الإسلامية في المغرب "ضبابي". وعزا موقفه هذا في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى عدم وجود دراسات علمية وميدانية دقيقة، توضح بجلاء توجهات المغاربة نحو منتوج مصرفي معين، حتى بالنسبة للمصارف التقليدية التي تعرض منتوجات مختلفة. وأوضح المتحدث ذاته، أن الدراسة الوحيدة المتوفرة عن اختيارات المغاربة لمصرف معين، تتحدث عن اختيار فئة الأساتذة والمعلمين لمصرف مغربي معروف دون غيره بنسبة كبيرة. "إذ لا يمكن القول بأننا سنشهد تسونامي اللجوء إلى هذا النوع من المصارف". ولم يستبعد عثمان كاير في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تدفع المصارف الإسلامية نحو تنافسية أقوى من حيث طرح المنتوجات المصرفية. وأضاف أن هذا النوع من المصارف، يمكن فعلاً أن يستقطب شريحة معينة من المغاربة، خاصة الرافضة لاقتناء العقارات عن طريق المصارف التقليدية. وحول تكلفة المنتوجات التي تطرحها المصارف الإسلامية، كشف الخبير الاقتصادي عثمان كاير، أن واقع السوق الاقتصادية يفرض منطق "البحث عن الربح في عملية العرض والطلب". وزاد المتحدث ذاته، أن هذا المنطق يجعل من أي نموذج مصرفي مجبراً على البحث عن عائدات من المنتوجات التي يعرضها، ولو كان مضمونها "تشاركياً وربحياً متبادلاً بين العملاء والمصرف، لكنه يسعى في الأخير للبحث عن مداخيل وأرباح تضمن استمراره وإن بأشكال مختلفة". وعن تكليف الملك المغربي محمد السادس أخيراً لمجموعة من الشخصيات الدينية، ضمن لجنة مهمتها الإشراف على إعداد إطار دخول المصارف الإسلامية إلى المغرب، شدد عثمان كاير في تصريحه لـ"العربي الجديد" على أن أي شأن يحمل الصبغة الدينية، هو من اختصاص المؤسسة الملكية انطلاقاً من صفة العاهل المغربي كأمير للمؤمنين. وأضاف أن الشأن الديني وإن بهوية اقتصادية، يفرض إشراف الملك مباشرة عليه، وذلك بناء على اختيار المغرب لمركزية الشأن الديني. وأعطى عثمان كاير المثال بالوكالة الوطنية لتقنين المواصلات في المغرب، والتي تعتبر بوابة إجبارية لجميع عروض ومنتوجات شركات الاتصالات في المغرب، ولا يمكن لهذه الأخيرة طرح أي عرض دون الرجوع إليها، والحصول على إذن مسبق بذلك. والحال كذلك بالنسبة للمصارف الإسلامية يقول الخبير كاير، لا يمكنها ولوج القطاع المصرفي المغربي، دون الرجوع إلى توجهات المملكة في الشأن الديني، وذلك سيكون مستقبلا عبر اللجنة التي عينها الملك محمد السادس أخيراً.

إقرأ أيضاً: تركيا تصدر منتجاتها الى سورية وتستورد رأسمالها
المساهمون