هل تشجع كتلة الضرائب على الاستثمار في الدول العربية؟

15 يونيو 2015
من اليمين ناصر السعيدي وجاك صراف
+ الخط -

يشتكي المستثمرون في عدد من الدول العربية من ارتفاع حجم الضرائب، فيما تطرح دول أخرى إعفاءات ضريبية كبيرة. فهل تشجع نسب الضرائب على الاستثمار في الدول العربية؟


ناصر السعيدي: الضرائب العربية لا تعيق الاستثمار

اعتبر المحلل الاقتصادي والمالي ناصر السعيدي، أنه إذا أخذنا نسب الضرائب بمجملها داخل الدول العربية، فإنها لا تشكل أي معيق للاستثمار وتوظيف الأموال. وشدد السعيدي على أن الإعفاءات الضريبية لا تؤمن الديمومة الاستثمارية، وأورد في حديثه مع "العربي الجديد" أمثلة تؤكد قناعاته... مشدداً على أن الحوافز الاستثمارية لا ترتبط بالضرائب بشكل أساسي، وإنما بالاستقرار الاقتصادي والبنى التحتية، وغيرها من مؤهلات الاستثمار.

وشرح السعيدي في تصريحه لـ "العربي الجديد"، أن العديد من الدول العربية تقدم تسهيلات ضريبة مريحة للمستثمرين، وتفرض نسب ضرائب ضئيلة جداً على الأرباح ورأس مال الشركات والدخل، وكذا بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة.

وقال السعيدي، إن دول مجلس التعاون الخليجي مثلاً، تطرح تسهيلات ضريبة جد مغرية للاستثمار في مختلف المجالات، وذكر من بينها نسب الضريبة التي تفرضها الكويت على الأرباح والشركات، ونفس المواقع ينطبق على الضرائب التي تفرضها الإمارات العربية المتحدة على المصارف.

ورأى ناصر السعيدي، أن مسألة الضرائب ليست هي الحلقة الأقوى في استقطاب الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية، بحيث أن مسألة الإعفاءات الضريبة قد تؤثر على المناخ الاستثماري داخل العديد من الدول. وأعطى السعيدي المثل عن مصر، التي شهدت خلال الفترة التي طرحت فيها إعفاءات ضريبية للمستثمرين الأجانب في القطاع السياحي، فورة في توظيف الأموال داخله، لكن بمجرد انتهاء مدة عشر سنوات التي اعتمدتها كفترة للإعفاءات الضريبية، رحل المستثمرون بكل العائدات التي ربحوها من القطاع دون الاستمرار في توظيف الأموال في مصر، ما أثر سلباً على القطاع السياحي المصري لفترة طويلة.

نفس الشيء بالنسبة للمغرب، حيث أوضح ناصر السعيدي، أن المستثمرين الأجانب استفادوا من قانون الضرائب المغربي، خاصة في قطاع النسيج، حيث كانت تمنحهم الدولة إعفاءات ضريبية شاملة لمدة خمس سنوات من تاريخ إنشاء المصانع، لكن معظم المستثمرين الذين استفادوا من هذا الامتياز لم يحافظوا بعد خمس سنوات من الإعفاءات الضريبية على استمرارية مشاريعهم في البلاد.

وعن شكوى رجال الأعمال في العديد من الدول العربية، من ثقل كتلة الضرائب المفروضة عليهم من طرف الحكومات، أوضح المحلل الاقتصادي والمالي ناصر السعيدي، أن الأمر يتعلق أساساً بدول المغرب العربي، وخاصة الجزائر، المغرب، وتونس. واعتبر أن أساس المشاكل التي يعانيها رجال الأعمال في هذه الدول تتمثل في سهولة دفع الضرائب، والآجال التي تفرضها الحكومات، مما ينتج عنه إما التهرب الضريبي، أو تحاشي المستثمرين لبعض القطاعات التي لا تكون مربحة مقارنة مع حجم الضرائب المفروضة على كلفة الإنتاج فيها.

وشدد المحلل ناصر السعيدي، على أن الوعاء الضريبي ليس في حد ذاته المستقطب الأول للمشاريع الاستثمارية، وإن كان عنصراً مهماً للبيئة المالية للدولة وضماناً لسيولتها المالية، والمهم من وجهة نظره، هو توفير الدول لاستقرار ماكرو- اقتصادي دائم، وتوفير البنى التحتية والخدمات المناسبة ذات الجودة الممتازة للمستثمرين، من أجل تشجيعهم على توظيف الأموال.

واستدرك المحلل الاقتصادي والمالي ناصر السعيدي، حديثه لـ "العربي الجديد"، عن الإعفاءات الضريبية الموجهة للمستثمرين الأجانب بالقول: "إذا كان ولا بد من تشجيع المستثمرين الأجانب على توظيف الأموال في الدول العربية عبر طرح إعفاءات الضريبة، يجب طرح استثناءات من طرف الحكومات العربية في قطاعات تتميز بتكنولوجيا عالية، تفتقر إليها الدول العربية، ويمكن أن تقدم قيمة مضافة عالية، وتساهم في تطوير الكفاءات، وتحقيق الاكتفاء الذاتي ولو نسبياً من حيث الإنتاج الوطني للوسائل والمواد التي تدخل فيها الصناعة التكنولوجيا".

اقرأ أيضا: هل من أمل بنمو التجارة العربيّة مع تصاعد الأزمات؟ 

جاك صراف: التسهيلات الضريبية نجذب الاستثمارات

قل رئيس اتحاد رجال أعمال المتوسط جاك صراف، إن كتلة الضرائب المفروضة داخل الدول العربية، عنصر أساسي ومهم لكل بلد، من أجل تشجيع الاستثمار، واستقطاب رؤوس الأموال سواء الأجنبية أو المحلية.

واعتبر جاك صراف في تصريحه لـ "العربي الجديد"، أن الفورة الاقتصادية التي يعرفها عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، ليست مرتبطة فقط بقدراتها الطاقوية، بل بسياساتها الضريبية، التي تمنح للمستثمرين بيئة مناسبة لتوظيف الأموال، وتشجعهم على الاستمرار في توطين مشاريعهم في دول مثل الإمارات العربية المتحدة، الكويت، البحرين. وأضاف المتحدث ذاته، أن العراق كذلك بدأ أخيراً في نهج السياسة التشجيعية للقطاعات الصناعية والزراعية، وذلك عبر طرح تسهيلات ضريبية مدتها عشر سنوات للمستثمرين الراغبين في دخول البلد، كذا منحهم الوعاء العقاري الذي يتناسب مع نوع المشروع الذي يعتزمون إنشاءه.

وكشف جاك صراف في حديثه لـ "العربي الجديد"، كواليس نقاشات "اتحاد رجال أعمال المتوسط"، مع بعض المسؤولين الحكوميين في الدول العربية، والتي تمحورت حول طرح سياسات جديدة للاستثمار، وذلك لضمان ركائز الاستقرار الاجتماعي، وذكر من بين هذه اللقاءات ردا على سؤال "العربي الجديد"، حول إمكانية مراجعة بعض دول شمال أفريقيا لسياساتها الضريبية مستقبلاً، في لقاء جمعه برئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، ووزير الاستثمار، يوم الأربعاء 11 يونيو/حزيران الجاري. حيث قال صراف: "إن الحكومة التونسية وبناء على مناقشة مع مسؤوليها، تعتزم خلال الأشهر القليلة المقبلة القيام بإصلاحات تطال قوانينها الاستثمارية".

ووصف رئيس اتحاد رجال أعمال المتوسط، هذه الإصلاحات بالمشجعة، وخاصة في ما يتعلق بكتلة الضرائب المفروضة على المستثمرين سواء الأجانب أو المحليين في تونس. وشدد جاك صراف، أنه يجب على الدول العربية التي لا تزال تعتمد على الضرائب كمصدر مهم لسيولة الدولة، أن تتخلى عن النظر إلى الضرائب كهدف في حد ذاته، بل وسيلة فقط لتحقيق بعض التوازن المالي، وعليها التركيز، من وجهة نظر المتحدث ذاته، على تحريك عجلة الإنتاج، وتوفير فرص الشغل، التي لا يمكن أن تتوفر دون تشجيع الاستثمار.

وعن إمكانية توحيد السياسات الضريبية في الدول العربية، قال جاك صراف، إن التفكير في الخطوة فقط أمر صعب، نظراً لاختلاف مؤهلات كل دولة عربية، وتركيز هذه الأخيرة نشاطاتها الاستثمارية انطلاقاً من تلك المؤهلات، والتي قد تكون بالنسبة لدول أساسها الطاقات، وفي دول أخرى الخدمات والسياحة، وفي بعض الدول يكون النشاط الزراعي المصدر الأول للدخل.

اقرأ أيضا: هل تبذل الدول العربية الجهد الكافي لمحاربة تهريب السلع؟
المساهمون