هل تستطيع الدول العربيّة تحمّل كلفة الحروب؟

31 مارس 2015
من اليمين حسين النجم وعدنان الدليمي (العربي الجديد)
+ الخط -

تواجه الدول العربية الجماعات المسلحة المتطرفة على أكثر من جبهة. وامتدت يد الإرهاب لتضرب أكثر من دولة. ليطرح السؤال، هل تستطيع الدول العربية مواجهة الكلفة المادية؟


عدنان الدليمي: الفوائض الضخمة تعزز صمود الدول العربية
قال الخبير الاقتصادي والمحلل المالي عدنان الدليمي، إن أي حرب تحتاج إلى المال والقدرات البشرية لتحقيق النجاح، مشيراً إلى أن الدول العربية، وخصوصاً الخليجية منها قادرة على الصمود وتأمين الدعم المادي المطلوب لمواجهة الجماعات المسلحة وقيادة الحرب على الإرهاب، مستفيدة من القدرات المالية الكبيرة التي تملكها، والفوائض الضخمة التي تحققها، بالإضافة إلى السيولة المالية التي تملكها في المصارف المركزية، والإنفاق الكبير على الجانب الدفاعي فيها، وشراء الأسلحة من الخارج.

ورأى الدليمي في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن الدول العربية أثبتت في الفترة الماضية قدرتها على مواجهة الجماعات المسلحة في عدد من الدول، مبيناً أن هذه الدول تتكفل بنحو 40 % من الكلفة الإجمالية للحروب، وتؤمن مليارات الدولارات من ميزانياتها في سبيل شراء أحدث المقاتلات، لافتاً إلى أنها تضع كامل ثقلها في هذا الأمر حفاظاً منها على أمن واستقرار نظامها. وأشار إلى أن مسؤولي الدول الخليجية يعتبرون أن الحفاظ على استقرار دولهم يحتاج إلى التضحية، فيقدمون لأجل ذلك المبالغ الطائلة، في سبيل تنفيذ الهجمات وقيادة العمليات للقضاء على الإرهاب.

كما لفت الدليمي إلى أن الإيرادات الضخمة التي تحققها الدول من وراء ما تدرّه العائدات النفطية، كفيلة بجعلها قادرة على الصمود وتغطية كلفة العمليات العسكرية، وإرسال جيوشها للمشاركة مدة لا تقل عن خمس سنوات، مبيناً أن بعض الدول تعقد اتفاقات سنوية لا تقل عن 20 مليار دولار لشراء الأسلحة والطائرات، وتدريب جيوشها على استعمالها، حتى تتمكن من تحقيق الانتصار على الإرهاب.

وأكد الدليمي، أن الدول الغربية وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، وبعض الدول الأوروبية، تستفيد من تغطية نصف تكلفة الحروب على الإرهاب، وتحقق الأرباح الطائلة من وراء بيع أسلحتها إلى الدول العربية، مبيناً أن الأرقام تظهر أن الإنفاق على التسلح لم يقل عن 20 مليار دولار كما ذكر سلفاً في السنوات الخمس الأخيرة بالنسبة للدول الخليجية، كما أن بعض الدول تقدّم مساعدات لجيرانها في سبيل تعزيز موقعها وحمايتها من العمليات الإرهابية.

وأوضح أن الدول العربية وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي، قادرة على المساهمة بفعالية في العمليات الأمنية والعسكرية، وتقديم الدعم اللازم المادي والبشري في الحروب التي قد تحصل، كاشفاً أنها تعمل بشكل دائم على تعزيز مواقعها ومواقع جبهتها في محاربة الإرهابي، وذلك في إطار تأمين منشآتها ضد العمليات الإرهابية التي قد تطاولها.


وشدد على أن الدول العربية أثبتت في الفترات الماضية أنها قادرة على القيام بدور "المصرف المركزي" لمهاجمة الإرهابيين، فهي تتعاقد في هذا الصدد مع أكبر الجهات التدريبية لتوفير التعليم اللازم لعناصرها في التعامل مع الهجمات، وتعليم عناصر جيوشها الوطنية على الطرق المتطورة في تنفيذ العمليات بنجاح، مبيناً أن الفوائض المالية الضخمة التي تملكها قادرة على إنجاح مهمتها في تحمل الكلفة المالية الضخمة للحرب على الإرهاب والجماعات المسلحة.

وخلص الخبير الاقتصادي عدنان الدليمي في تصريحه إلى "العربي الجديد"، إلى أن الاستقرار الأمني والسياسي، على رأس أولويات الدول العربية، وخاصة دول الخليج، لذلك تنهج سياسات احترازية، تتجلى في كلفة الإنفاق العسكري وتقوية قدراتها في هذا الجانب، وذلك ما يضع جيوشها في طليعة القوات العربية. وتوقع المتحدث ذاته، أن تستمر على نفس النهج، مستفيدة من مدخراتها المالية الضخمة، وأوجه التعاون والتنسيق التي برزت أخيراً بشكل قوي بين معظم الدول العربية في مواجهة خطر الإرهاب والجماعات المسلحة.


حسين النجم: من الصعب مواجهة كلفة ما بعد الحرب

قال الخبير الاقتصادي والنفطي العراقي، الدكتور حسين النجم، إن مواجهة كلفة الإرهاب والحروب الطاحنة ضد الجماعات المسلحة في العالم العربي، لا تقف عند حد العمليات العسكرية، وما يترتب عليها من إنفاق على العتاد العسكري، وما تتطلبه من موارد بشرية ضخمة. بل تتعدى ذلك، لتشمل ما بعد الحرب، والقدرة على الإيفاء بالتزامات مساعدة الدول التي تشهد كل هذا، خاصة الجانب المرتبط بإعادة الإعمار، مساعدة الأطراف التي تتحالف معها العديد من الدول العربية اليوم، لمواجهة خطر التطرف والاستبداد بالحكم.

وأوضح النجم في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن ما أفرزته قمة شرم الشيخ العربية خير دليل على عدم وضوح الرؤية الاقتصادية الاستراتيجية، تجاه الدول التي تعاني اليوم من ويلات الحروب والمواجهات المسلحة، والقادرة على احتمال كلفتها المفتوحة على أكثر من جبهة.

واعتبر المتحدث ذاته، أن القمة العربية ركزت فقط على الجانب الأمني والعسكري، لكن كيف يمكن تمويل كل هذا من دون استنزاف الفوائض المالية التي تعتبر صمام الأمان؟ يتساءل الدكتور حسين النجم. ويجيب "لم تقدم الدول العربية خطط تطوير الاقتصاد والبحث عن مصادر تمويل وتنمية اقتصادية مستدامة، والكل يعول على منح ومساعدات دول الخليج، لكن هذه الأخيرة لن تستطيع تحمل كلفة الإعمار، ومواجهة شح مصادر المياه والطاقة، وحاجات قطاع الصحة والبنية التحتية، وكلها قطاعات تحتاج إلى إعادة التشييد والتأهيل خلال وبعد الحروب".

ولفت الخبير الاقتصادي العراقي الانتباه إلى أزمة أسعار النفط، حيث قال: "إن دول الخليج تضررت بشكل كبير جراء تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية". وتعليقاً عن "انتعاشها"، شدد المتحدث ذاته، أن الأسعار شهدت "استقراراً" فقط، وكل المؤشرات تنبئ برجوعها إلى مستوياتها الدنيا، بمجرد عودة الأوضاع في اليمن إلى نقطة البحث عن حل سياسي.

وتوقع الخبير حسين النجم أن تجد الدول العربية نفسها أمام تحديات اقتصادية كبرى خلال الأشهر الستة القادمة، لأنه في الوقت الذي هي منشغلة بالصراعات السياسية والعسكرية، دول مثل تركيا، إندونيسيا، الهند، وباكستان، تنتج وتقتحم الأسواق لتزاحم المستثمرين العرب، وهذا يؤثر بحسبه، في إنتاج فائض القيمة، وخلق الثورة البعيدة عن الاستثمار في الطاقة، والذي وصفه بـ "الريعي". وختم حسين النجم تصريحه بالقول: "الدور اليوم على رجال الأعمال العرب، والقطاع الخاص، لتنبيه حكومات الدول العربية إلى الخطر المترتب على التركيز على الخطط الأمنية والعسكرية، من دون الالتفات إلى التحديات الاقتصادية".

إقرأ أيضا: الاستثمار في بناء الشاليهات: عائدات مالية وفيرة

المساهمون