هل تؤمن الجماعة بحرية الرأي والإعلام؟

01 أكتوبر 2015
أنصار الرئيس مرسي يرشقون مراسل التلفزيون المصري (فرانس برس)
+ الخط -
قد يكون السؤال جدلياً عند طرحه مقترناً بأكبر الحركات الإسلامية انتشاراً وتنظيماً في العالم الإسلامي. فمن الشائع عن جماعة الإخوان المسلمين أنها تنظيم تجنيدي يختار أبناءه وفق مواصفات محددة ويقوم على مبدأ السمع والطاعة حتى في ظل وجود المجالس الشورية في التنظيم الهرمي الواسع.


ومن المسلم به لدى أبناء التنظيم محظورية تصدير الخلاف إلى وسائل الإعلام أو انتقاد الجماعة أو قادتها، باعتبار أن شؤون الجماعة أمر داخلي.

هذا قد يكون مبرراً لطبيعة التنظيم، لكن فيما يخص الحرية مع الآخر فإن المنطق يحتم أن فاقد الشيء طبعاً لا يعطيه! كيف بتنظيم جماعي لا يقبل النقد في ذاته ولا تنوع الآراء بين صفه أو انتقاد أفراده لقادته أن يقبل بالمعارض له ويستوعب كافة المخالفين في نظام حكمه؟
بعد ثورة 25 يناير وصعود جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم فصلت الجماعة عدداً من كوادرها البارزين من بينهم المرشح الرئاسي عبدالمنعم أبو الفتوح بالإضافة إلى عدد من الشباب والذين اختلفوا معها تنظيمياً.

وعلى مدى عام من حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي عاشت حرية الصحافة والإعلام في مصر مالم تعشه منذ عقود. هوجم الرئيس من ترسانة إعلام رجال الأعمال، بالإضافة إلى الإعلام الحكومي الذي سخر منه وحرض عليه علانية في صمت من الرجل.

لم يُحبس في عهد مرسي صحافي واحد، بل تدخل ليطلق سراح الصحافي إسلام عفيفي، بتشريع، بعد بلاغ من أحد أنصاره ضد عفيفي. وذلك في أول تشريع له، فيما عُرف وقتها بقانون حبس الصحافيين في قضايا النشر. كما تدخل ثانية في بلاغ ضد باسم يوسف قُدّم للنائب العام.

لكن وعلى الأرض، كانت أصوات التيار الإسلامي وجماعة الإخوان تتعالى: "الشعب يريد تطهير الإعلام". تلك الأصوات صاحبتها صيحات لبعض المتشددين بمصادرة الرأي الآخر واقتلاعه تماماً. وشاهدنا البعض يدعو لإغلاق مدينة الإنتاج الإعلامي، ورأينا محاصرتها.
كان "الرئيس" يؤمن بأن حرية الإعلام مطلقة وأنه كما كان يردد -تصدقت بعرضي على الناس- فيما كان أنصاره يرون ذلك خطراً يقتلع حكمه، أو هكذا كانوا يظنون.

مواقف الغلاة من أنصار مرسي وقتها مطابقة تماماً لدعوات أنصار السيسي الآن لمصادرة الحريات والرأي ووسائل الإعلام.

وفق "مراسلون بلا حدود"، فإنه في أقل من 9 أشهر، من حكم الرئيس مرسي تجاوز عدد البلاغات المقدمة ضد الصحافيين بشكل عام حوالى 600 بلاغ من مواطنين لملاحقة قرابة 100 صحافي نصفهم تقريباً من معارضي مرسي ومثلهم من مؤيديه. ويطرح بعض المعارضين للإخوان طرحاً مفاده بأن هذه الأصوات لو كان استمر نظام مرسي لترجمت واقعاً مريراً على الحريات مع تزايدها متزامنة مع الاستقطاب.

لكن الحقيقة أنه لا مجال لـ"لو" في الطرح الموضوعي، فقد أُسقط مرسي بالدبابة وحرية الإعلام في عصره مكفولة. فيما يرى شركاء ثورة 25 يناير المعارضون لتجربة الإخوان أن الثورة وزخمها وليس إيمان الإخوان بالحرية هو ما دفعهم إلى تقديم نموذج يعتبر الأفضل مقارنة بباقي الأنظمة السابقة واللاحقة في ما يخص حرية الرأي والإعلام.

لكن من المؤكد أن الاستقطاب الذي كان يخيم على المشهد ما كان ليعطينا نتائج حقيقية، بالإضافة إلى الاستفزاز الذي مارسته التيارات المعارضة للإخوان فيما يخص قضايا الحريات، وطرح قضايا مفخخة لإحراج الإخوان.

إذا كانت تعالت أصوات الجماهير الإخوانية بقمع الإعلام، فإن مرسي لم يتعاط معها.
نفس الأصوات إلى الآن مستمرة في صورة نماذج، أبرزها، ما تحدث به أحد القائمين على الإعلام في الإخوان، بأنه يرى أن امتلاك الجماعة لمعدات تشويش ضد القنوات الداعمة للانقلاب العسكري سيكون ناجحاً في مواجهة ترسانة العسكرالإعلامية. وقتها سألته: ما الفارق بينك وبين هؤلاء العساكر في محاربة الرأي بالتشويش؟.. فسكت!

(مصر)
المساهمون